شريط الأخبار
الجيش الأوكراني: إسقاط 50 طائرة مسيّرة روسية مديرية الأمن العام تجدد تحذيراتها وتؤكد على عدد من الإجراءات عربيات: أمن الأردن واستقراره فوق كل اعتبار 84 شهيدًا بغارات إسرائيلية على لبنان السبت إصابة 15 فلسطينيًا بسقوط صاروخ في طولكرم الشملان : الخزي والعار ليد الإرهاب والأردن سيبقى صامدا صالح العرموطي يرد على الكاتب الوهمي ويقول: لن أقاضيه ومن المؤسف خبير عسكري: الاعتداء على رجال الأمن العام "اعتداء على كل أردني" بوريل: الحل الوحيد في لبنان وقف اطلاق النار وتطبيق القرار 1701 فاعليات تدين الاعتداء الإرهابي على رجال الأمن العام بمنطقة الرابية عشيرة المعايطة تؤكد إدانتها وتجريمها للاعتداء الإرهابي على رجال الأمن العام وزير بريطاني يحذّر: بوتين مستعد لشل بريطانيا بحرب سيبرانية نتنياهو يمهد لإقالة رئيس أركان الجيش بموجة انتقادات مستقبل واعد ينتظر فريق نادي مدينة الأمير محمد للشباب للجودو «حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب لدعم الموازنة العامة ... اليابان تقرض الأردن 100 مليون دولار استهداف وسط الأراضي المحتلة .. وصاروخ يسقط على منازل في الجليل مستشار خامنئي: إيران تجهز للرد على إسرائيل امين عام "عزم" وكتلة الحزب النيابية يزورون مصابي الأمن العام الصفدي يزور مصابي الأمن في حادثة الرابية

وثائق درويش: أسئلة تبحث عن إجابات

وثائق درويش: أسئلة تبحث عن إجابات


القلعة نيوز-

د. محمد عبدالله القواسمة
استطاعت الباحثة والإعلامية الفلسطينية والمخرجة امتياز دياب أن تعثر على حوالى أربعمئة وثيقة تتصل بشعر محمود درويش وحياته وعلاقاته العاطفية والاجتماعية، وتنشرها في كتاب تحت عنوان «ميلاد الكلمات» (رام الله: دار نون للأفلام والنشر ووزارة الثقافة الفلسطينية ، 2019م، في 222 صفحة من القطع الكبير)
تحكي الباحثة امتياز قصة عثورها على ما تسميه «الكنز» بأنها كانت في لقاء مع صديق درويش السياسي المحامي المعروف محمد ميعاريفي مدينة حيفا أثناء بحثها عن محاضر اجتماعات حركة الأرض، وهي إحدى المنظمات في الداخل الفلسطيني التي تأسست عام 1965، وكان ميعاري أحد مؤسسيها.لفت انتباهها في غرفة مهجورة كرتونة مهملة فيها أوراق تفوح منها رائحة الرطوبة.سألته عنها فأعلمها بأنها تحتوي رسائل وصورًا ومسودات قصائد ووثائق تخص الشاعر محمود درويش،كان قد تركها بعد رحيله عن حيفا، وأنه احتفظ بها منذ خمسين سنة.لقد وضع كل متعلقات درويش في هذا الصندوق الذي تنقل معه في البيوت التي سكنها منذ أواخر الستينيات من القرن الماضي.تقول امتياز إنها طلبت منه هذا الصندوق فكان لها ما طلبت.
أهم ما يحتويه الكتاب نصوص تلك الرسائل التي تلقاها محمود درويش من آخرين، وبعض رسائله إليهم.وفي الكتاب رسائل من الشهيد غسان كنفاني، ومن راشد حسين وسميح القاسم وتوفيق فياض وغيرهم. كما يحتوي رسائل حب من الشاعر وإليه، ومن ضمن الوثائق التي ترد في الكتاب صورة «شولا « أو شولميت المرأة اليهودية التي كان للشاعر علاقة بها، وصورة رسالتها إليه بخط يدها وباللغة العبرية، بتاريخ 24/3/1967م، تعبر فيها عن سعادتها بمعرفته، وحزنها على فراقه. وفي الكتاب فصول تحت عناوين: بطاقة هوية: سجّل أنا عربي، واللحظة الثانية: عاشق من فلسطين، ودفتر «معسياهو»، وهو اسم سجن في مدينة الرملة، وضع فيه الشاعر عام 1965م.
إن الكشف عن هذه الوثائق التي تضمنها كتاب «ميلاد الكلمات» لمؤلفته امتياز دياب سيكون له تأثير كبير في فهم الظروف التي جعلت من درويش شاعرًا، وفي فهم نصوصه الشعرية الأولى. وربما يخلق انقلابًا في فهم درويش، ويغير من رؤيتنا السابقة إليه شاعرًا وإنسانًا، ربما يُثير ضجيجًا حول وطنية الشاعر، وبخاصة والوثائق تكشف عن علاقاته بكثير من النساء اليهوديات. وربما يوجه الكشف عنها ذوقنا الجمالي وجهة أخرى، أو يبقى بعضنا على فهمه القديم وطريقة استقباله وتذوقه لشعره. وربما ننتظر طويلًا لحدوث تغيير في فهمنا وتذوقنا لأشعاره. فمن الصعب تغيير ما استقر عليه الوجدان الجمعي من أفكار ورؤى. إنه يحتاج إلى زمن طويل تُراجع فيه الدراسات السابقة على ضوء هذه الوثائق.
لا شك مع إدراكنا أهمية هذه الوثائق التي عثرت عليها امتياز دياب،وتتضمنها كتابها» ميلاد الكلمات»، وتقديرنا لكافة الأطراف التي شاركت في طهورها إلى النورفإن قصة عثور الكاتبة على تلك الوثائق، ونشرها في هذا الوقت بعد خمسين سنة من وجودها يثير عدة أسئلة، لعل الإجابات عنها مهمة لإكمال الصورة، وإدراك الحقيقة، وتعميق فهمنا لهذه الوثائق، واطمئناننا لسلامتها. من هذه الأسئلة:
لماذا لم يسترد درويش هذه الوثائق التي هي جزء مهم من تاريخه الشخصي من صديقه الوفي بعد خروجه من فلسطين، أو بعد مجيئه إليها بعد أوسلو؟لماذا سكت درويش عن هؤلاء الذين تصدوا لشعره وشرحوهعلى ضوء المرجعية الظاهرة التي تتصل بحياته الشخصية، وبخاصة ديوانه «عاشق من فلسطين»؟لماذا تركهم يفهمون قصائده على غير الحقيقة التي وردت في هذه الوثائق. والمعروف أنه كثيرًا ما تعرض لمن نقده،وبخاصة الذين وقفوا عند محطات من شعره؛ فلم يعجبه،على سبيل المثال، الناقد عادل الأسطة الذي وقف منه غاضبًا حين تناول التغييرات التي كان يدخلها في مجموعاته الشعرية في طبعاتها التالية.
ومن الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات ما يتصل بالمحامي محمد ميعاري؛ فلماذا احتفظ بهذه الوثائق خمسين سنة متحملًا عبء نقلها والمحافظة عليها هذه المدة؟ لماذا لم يعدها إلى صاحبها؟ لماذا لم ينشرها هو في حياة درويش أو بعد وفاته؟ ولماذا، وهو صديق درويش المخلص، فرط فيها بسهولة وسلمها إلى الباحثة امتياز؟
ومن الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات تلك المتصلة بالقصة التي تذيعها الباحثة امتياز عن كيفية عثورها على هذه الوثائق. أما نرى فيها نوعًا من الحبكة الدرامية التي تصلح لتكون نواة لفيلم سينمائي، أو رواية؟حدث أني لجأت إلى مثل هذه الحيلة الفنية في روايتي «أصوات في المخيم» حين يعثر بطل الرواية على مخطوطات ووثائق تعود إلى شخصية أخرى تدعى عودة تركها بعد استشهاده.
على كل حال مهما كانت الإجابات عن هذه الأسئلة وغيرها فلن تقلل من منزلة درويش الشعرية، ولا من قيمة الباحثة امتياز دياب وكتابها «ميلاد الكلمات»، وسيظل محمود درويش يلتقي مع الإنسان في كل زمان ومكان بوصفه شاعرًا عالميًا كونيًا.