من الحكمة ان تقوم الحكومة بتقييم موضوعي لتجربة اللامركزية و عمل كشف حساب كامل لما لها و ما عليها. فعندما بدأت التجربة منذ عدة سنوات كان هناك حماس كبير للفكرة، و لكن يبدو ان التطبيق يواجه بعض الصعوبات و المطلوب وقفة تقييمية شفافة و واضحة.
كان لدعوة تفعيل دور المحافظين و مجالس المحافظات في التنمية ميزات عديدة. فهذا التوجه يعزز مبادىء اللامركزية الايجابية لانه يشجع المشاركة المحلية و يفوض صلاحيات واضحة و ثابتة لمن يمكنه ان يفيد من خلالها. و في نفس الوقت فانه يعزز مبدأ المسائلة الصريحة و الشفافة لان المسوؤلين المباشرين في المحافظات و الالوية اقرب الى الناس المتأثرين بالتنمية اكثر من وزير يعمل من مكتبه في عمان. هذا التواصل اليومي من المفترض ان يدفع باتجاه علاقة سليمة و منتجة ما بين الممثل الفعلي و الرسمي للسلطة التنفيذية في المحافظات وما بين المواطنين.
و من ناحية اخرى، فان لسياسة اعطاء صلاحيات لامركزية اوسع ميزة ايجابية باتجاه تغيير العلاقة ما بين الوزارات و بين المحافظات حيث يصبح المواطنون هم مركز الشد و الثقل بدل ان يكونوا مستقبلين فقط. و كذلك فان برامج الوزراء تصبح ملزمة للوزراء انفسهم بشكل اكبر لانها مرتبطة بعدد كبير من الهيئات المحلية و التي يتم تنسيقها بدل ان تكون قرارات ادارية داخل الوزارات يمكن التخلي عنها او تناسيها او استبدالها في اي وقت و بسهولة.
و كذلك فان اللامركزية تجعل الوزراء يفكرون جلياً قبل الاسراع في الاعلان عن برامج طموحة غير مدروسة بالكامل او غير ضرورية و ذلك لانها لن تُنسى ببساطة بل ستصبح بمثابة عقد رسمي سيحفز المحافظات على المتابعة و الضغظ الرسمي و العلني من اجل التنفيذ لمصلحة اهالي مناطقهم. اللامركزية تشجع الوزراء و المسؤولين عامة على اقران القول بالعمل خاصة في ما يتعلق بمشاريع المحافظات البعيدة عن الاعلام.
كل النقاط السابقة، و غيرها، كانت من دعائم الدعوة الى اللامركزية، فكيف تم التطبيق و ما هي النتائج لغاية الان ؟ سؤال يستحق الوقوف عنده.