افتتح وزير الثقافة وزير الشباب الدكتور محمد أبو رمان، اليوم الثلاثاء في المركز الثقافي الملكي، مندوبا عن رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز، فعاليات ملتقى عمان الثقافي السادس عشر الذي تنظمه الوزارة بعنوان "الاستثمار في الفن والثقافة أردنيا".
واكد ابو رمان في الافتتاح أهمية الملتقى لمناقشة حالة الفن والثقافة، ووضع تصورات للمستقبل، ونجيب معا على السؤال الجوهري: لماذا تأخرنا اردنيا رغم اننا نمتلك في الاردن عناصر العملية الثقافية والفنية وشروطها، وفي مقدمة ذلك المبدعون من فنانين وشعراء وروائيين ومثقفين ومنتجين ومخرجين وحرفيين وغيرهم، كما نمتلك الانسان الخلاق والعقل الوثاب".
وأوضح ان مشروعية هذا الملتقى وأهميته تأتي بضرورة تغيير الاتجاه والتفكير لنناقش معا كيفية تحويل المدخلات الفنية والثقافية والإمكانيات الانسانية التي نحظى بها الى صناعة ترفد الاقتصاد الوطني وتكون جزءا من الناتج المحلي الإجمالي؛ لا عبئا على الموازنة العامة، وهذه المرحلة تحتاج إلى التفكير والتخطيط لتطوير الادارة الثقافية وإحداث قفزة حقيقية في الاستثمار في الفن والثقافة .
وأكد أبو رمان ان هناك تقصيرا بل اجحافا تجاه المثقفين والفنانين على صعيد الإدراك السياسي لأهمية الفن والثقافة في صوغ رسالة الدولة والحكومات وبناء القيم والأمن الوطني والاقتصاد الوطني، وفي التربية والتعليم، داعيا إلى تجاوز اللغة التقليدية في تحميل الحكومات المسؤولية واجترار الخطاب المعروف بقلوب وعقول مصغية تسهم في ترتيب البيت الداخلي وصياغة خطاب الفنانين والمثقفين تجاه الدولة، وان يتم الدفاع عن هذا الخطاب، ووضع خارطة طريق مقنعة للمستقبل، والإجابة على سؤال كيف ننهض في الثقافة والفن وفق فهم مشترك.
وأشار الى أهمية الدور الذي يقوم الفنان والمثقف في النهوض وتقديم وصفة للعلاج، والتحول في التفكير والاجتهاد والهموم من مربع الخلاص الفردي، والابداع الشخصي الى التفكير في الحالة الثقافية والفنية العامة، لافتا في الوقت نفسه الى ان على الدولة واجبا كبيرا في دعم الفنانين والمثقفين؛ لكن اقتصاد المعرفة والفن والثقافة يقوم على إقناع الاستثمار والقطاع الخاص بأهمية دوره وذلك يفترض عقلية ادارية مختلفة تدرك ان "السلعة الثقافية والفنية من المفترض ان يتم التفكير بها اقتصاديا ايضا".
ودعا إلى تغيير الاتجاه والتفكير خارج الصندوق بداية من خلال خطاب المثقفين والفنانين تجاه الدولة والحكومات بان يكون خطابا عميقا دقيقا يتوافر على خارطة طريق للنهوض بالصناعة الثقافية، من خلال التعامل مع الثقافة والفن من منظور استثماري كصناعة وإنتاج وخدمة ومستهلك وسوق للترويج والبيع وهذه عناصر تتطلب ادارة ثقافية وفنية وإنتاجية وتدريب وتطوير المهارات ليس من باب الإبداعية الفردية بل في الادارة الاستثمارية والتسويقية.
من جهته قال نائب نقيب الفنانين الدكتور محمد خير الرفاعي ان النقابة ما توانت عن السعي لتحقيق حلمها المشروع وفق اقتصاديات الثقافة والفنون وطبيعتها المزدوجة (الاقتصادية والفنية) وتحفيز الدولة على دعم مشروع الاستثمار في الفنون لصون وتماسك النسيج الثقافي والاجتماعي، تجذيرا للممارسة الديموقراطية.
وأشار الى أهمية تأسيس الدولة لصندوق استثماري للإنتاج الفني يسهم في تحقيق التنمية الفنية الفكرية والسياسية للمجتمع، والتنمية الاقتصادية وفق مفهوم الدولة المنتجة، داعيا الى ادراج الاستثمار في الثقافة ضمن الرؤية الاستراتيجية للحكومة، وغرس وتعزيز ثقافة الاستثمار الفني والثقافي من خلال تدريسها في المدراس والجامعات، وإعادة النظر في التشريعات التجارية والاستثمارية بما يشجع الاستثمار في الثقافة وبما يتلاءم مع طبيعة المنتج الثقافي.
بدوره عرض رئيس أكاديمية المصرية للفنون، ونقيب المهن التمثيلية الدكتور أشرف زكي للتجربة المصرية في مجال الصناعات الثقافية والفنية، مشيرا الى أهمية تغيير النظرة في التعامل مع الدولة وفق منظور أبوي، واستغلال الموارد المتاحة في الاستثمار في الدراما، من خلال تجربة اتحاد الانتاج، وصولا الى تأسيس شركة متخصصة في الانتاج الدرامي.
وأشار الى تجربة أكاديمية الفنون وتوسعها في الدروات التدريبية المتخصصة في الفنون حيث استطاعت في عام واحد جلب أكثر من مليوني جنيه مصري للأكاديمية، وتجربة التعاون مع القطاع الخاص في تبني أفكار ومشروعات ومؤتمرات لها علاقة بالثقافة.
وقال أمين عام وزارة الثقافة هزاع البراري الذي أدار الجلسة ان عنوان الملتقى من العناوين البارزة وخاصة في ظل التحولات الجذرية التي مرت بها المنطقة، لافتا الى ان الوزارة تنتصر للفن والثقافة اقتصاديا وحضاريا لأنها رديف اساسي للإنتاج الوطني.
وجرى خلال حفل الافتتاح تكريم الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية لهذا العام، وهم: الروائية ليلى الأطرش، والدكتور محمد عبيد الله، والدكتور أحمد زهير رحاحلة، والباحث مجدي دعيبس.
وتتضمن جلسات الملتقى التي تستمر يومين أوراق عمل حول الشأن الثقافي يقدمها نخبة من الأكاديميين، والمهتمين من الأردن وضيوف الملتقى العرب والأجانب.