تحظى القوات المسلحة والاجهزة الامنية في المملكة الاردنية الهاشمية بثقة عالية على المستويين الرسمي والشعبي وهي قبل ذلك محط اهتمام وثقة جلالة القائد الاعلى الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظ الله ورعاه.
وقد مرت القوات المسلحة والاجهزة الامنية منذ تأسيسها والى يومنا هذا بالعديد من مراحل التطور والتنظيم، وحققت الكثير من الانجازات الوطنية والطموحات حتى غدت من افضل الاجهزة العسكرية والامنية على مستوى العالم ، ولعل ابرز مراحل هذا التطور من حيث الحجم و دقة التنظيم ما تحقق في العشرين سنة الاخيرة من عمر الدولة الاردنية.
واليوم جاءت توجيهات جلالة القائد الاعلى من خلال الرسالة الملكية التي وجهها الى دولة رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز لسرعة دمج المديرية العامة لقوات الدرك والمديرية العامة للدفاع المدني ضمن مديرية الامن العام وتحت قيادة امنية واحدة بهدف تنسيق الجهود التي تبذلها هذه المديريات عند تقديم الخدمات الامنية للمواطنين بشكل افضل وبالسرعة المطلوبة، الى جانب تقليل وضبط النفقات وما يحققه من وفر مالي للخزينة العامة .
ومن يتابع تاريخ تشكيل هذه المديريات الثلاث والواجبات الامنية والتخصصية التي نفذتها و تنفذها بشكل منفرد اوبشكل جماعي وفي كافة مناطق المملكة يدرك ان توجيه جلالة الملك بدمج وتوحيد جهود هذه المديريات جاء في الوقت المناسب، والاردن يعيش ظروف غير مسبوقة ( اقتصادية وامنية ) تتطلب العمل بروح الفريق الواحد وتحت مظلة قيادة واحدة وضمن شبكة اتصالات موحدة على مستوى القيادات الرئيسة والفرعية .
وبإعتقادي ان الوقت قد حان لكي نعيد النظر بالمنظومة الامنية الوطنية المكلفة بها جميع اجهزتنا العسكرية والامنية وعلى رأسها القوات المسلحة الاردنية / الجيش العربي، ومن يتابع ما يجري على الساحة الدولية والاقليمية وعلى الساحة المحلية داخل حدود الوطن يدرك ان جلالة الملك هو الاكثر والاقدر على استشراف المستقبل ويعود له الفضل عندما امر في وضع كل الجهود والخطط الامنية لجميع الوحدات الامنية تحت قيادة اتصال وتنسيق واحدة من خلال استحداث مركز القيادة والسيطرة التابع لمديرية الامن العام الذي تم افتتاحه رسميا برعاية جلالته في 8/حزيران/2009 في موقعه الحالي في منطقة عميش وهو ما يعرف بمركز اتصال (911)، وقد صُمم هذا المركز على ان يستوعب جميع واجبات ومهام مديرية الامن العام والمديرية العامة لقوات الدرك والمديرية العامة للدفاع المدني عند تأسيسه من خلال منصات اتصال تُدام من قبل مندوبين لجميع هذه المديريات تحت قيادة موحدة .
ونحن اليوم وبعد مرور هذه السنوات نرى اهمية مركز القيادة والسيطرة وما قدمه ويقدمه من خدمات امنية متنوعة للمواطنين وزوار المملكة، وان جلالة الملك قد سبق الجميع بنظرة ثاقبة الى ما يتطلبه الواقع الامني الذي نعيشه اليوم، وجاء التوجيه الملكي المباشرليؤكد لنا ان جلالة الملك قد ربط الحاضر بالماضي ليعبر بنا الى المستقبل وقد اثمرت جهود جلالته واعطت أوكلها في الوقت المناسب .
ومن خلال معرفتي وخبرتي الامنية (المتواضعة) استطيع ان احدد عدد من الفوائد والايجابيات التي ستتحقق من خلال عملية دمج المديريات الثلاث (وان غداً لناظره قريب) :
1-وجود قوة اكبر من حيث (التنظيم والتسليح) عندما تصبح تحت قيادة واحدة تعمل ضمن واجبات امنية عامة في ساعات الحدث الأولى ومتخصصة في مراحل لاحقة ضمن الواجبات الامنية المشتركة.
2-المحافظة على المستوى المتقدم لهذه المديريات ودعمها في كل الظروف لتبقى قادرة على الحركة وفرض السيطرة الامنية وخاصة عندما تعمل في الوقت الواحد في اكثر من موقع واكثر من واجب ومواصلة مهامها الامنية بكفاءة عالية .
3-قوات الدرك هي امتداد لقوات الشرطة (امتداد الفرع عن الاصل) بإعتبار ان الدرك ولد من رحم الامن العام والكثير من القادة الضباط يدركون طبيعة العلاقة التكاملية بينهما ولديهم معرفة في طبيعة العمل الامني الموحد الى جانب ان الدفاع المدني هو جهاز مكمل لكل من (الشرطة والدرك) في جميع الاحداث التي ينجم عنها خسائر بشرية في الارواح واضراراً في الممتلكات .
4-تعيش المملكة الاردنية الهاشمية في ظروف امنية استثنائية (غير مسبوقة) وربما تستمر هذه الظروف ونتائجها لعدة سنوات قادمة تتطلب التدخل لمعالجة اي حدث ضمن مناطق اختصاص هذه المديريات بسرعة و كفاءة و حكمة ضمن مفاهيم ولغة مشتركة نظراً لطبيعة هذه الظروف الاستثنائية وما يرافقها من تحولات سياسية قد تنعكس على الوضع الامني ولا بد من مراعاتها لتعمل المديريات الثلاث تحت قيادة واحدة .
5-بهدف تقوية المنظومة الامنية وتعظيم دور القوات المسلحة في المراحل القادمة اصبح من الضروري ان تعمل جميع هذه الاجهزة الامنية بشكل كامل ومنظم لا سيما العمل الامني المشترك بين الشرطة والدرك وبإسناد متخصص مباشر من الدفاع المدني تحت مظلة قيادة امنية موحدة كجزء من هذه المنظومة الامنية.
ولكي تنجح فكرة الدمج وتترجم الجهود الامنية المشتركة على ارض الواقع لا بد من التأكيد على النقاط التالية :
1-استغلال امكانيات وانظمة مركز القيادة والسيطرة التابع لمديرية الامن العام عندما يكون الواجب مشترك بين (الشرطة والدرك والدفاع المدني) من خلال غرف العمليات الميدانية وارتباطها بغرفة العمليات الرئيسية في مركز القيادة والسيطرة .
2-يجب ان تكون هنالك قيادة موحَدة لقيادة العمل الامني المشترك و خاصة الاحداث على مستوى المملكة.
3-السيطرة المركزية على الاحداث والسرعة في تلبية طلبات الدعم الواردة من الميدان والوصول الى مكان الحدث لا سيما الاحداث التي تتطلب معالجة فاعلة ومشتركة.
4-اختصار حلقات اعطاء الامر (القيادات) عند طلب تحريك القوة بحيث يصدر الامر من القيادة الامنية المشتركة مباشرة للوحدة المكلفة بالواجب.
5-يجب ان تعالج كل وحدة من وحدات (الشرطة والدرك والدفاع المدني) الاعمال التخصصية المكلفة بها دون تأثير كل منها على الاخرى وتحت قيادة امنية ميدانية واحدة.
6-اعطاء قيادة العمليات الامنية المشتركة مرونة في الصلاحيات من خلال مركز القيادة والسيطرة مباشرة والاعتماد على المندوبين المتواجدين في غرفة العمليات الموحدة على الاقل في الساعات الاولى من الحدث.
حفظ الله الأردن و حفظ جلالة الملك و ادام علينا نعمة الامن و الأمان
فريق متقاعد محمد عبدالله الرقاد
نائب مدير الامن العام الاسبق
الفريق المتقاعد محمد عبدالله الرقاد