شريط الأخبار
تهنئة وتبريك فون دير لاين تزور كييف للبحث في "الدعم الأوروبي" لأوكرانيا قبل فصل الشتاء رويترز: بطاريات أجهزة الوكي-توكي التي يستخدمها حزب الله كانت ممزوجة بمادة متفجرة 7 شهداء حصيلة عملية عسكرية إسرائيلية في بلدة قباطية جنوبي جنين 40 ألفًا يؤدون صلاة الجمعة في الأقصى توقيف 88 شخصًا في تركيا خلال عمليات أمنية ضد تنظيم إرهابي الحسين إربد: دفعنا 10 آلاف دينار لاعتماد استاد الحسن وتبين عدم جاهزيته أجواء معتدلة الحرارة في أغلب المناطق اليوم وغدا رئيس الوزراء يتواصل هاتفيَّاً مع أعضاء مجلس النوَّاب المنطقة العسكرية الجنوبية تحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرات مسيرة بيان صادر من ذوو الشهيد الجازي .. تفاصيل البناء الوطني يضع إكليلا ً من الزهور على قبر الشهيد الجازي الذي يفوح بالمسك ..فيديو وصور 30 غارة إسرائيلية على جنوب لبنان بعد عودة المغتربين .. انخفاض ملموس بنسب إشغال الفنادق واشنطن: تفجيرات لبنان لن تغير وضعنا العسكري بالشرق الأوسط الأورام العسكري: معالجة أول حالة بتقنية الجراحة الشعاعية للدماغ كيف تم تفجير البيجر؟ حسَّان يستقبل الفايز ويؤكَّدان أهميَّة التَّعاون والتَّنسيق الوثيق بين الحكومة ومجلس الأمَّة الأردن يسير 4 قوافل إغاثية لغزة في اسبوعين شركات السجائر تبدي التزامها بأسعار السجائر وفقا لطلب مدير عام الضريبة

«عقّابا» تستذكر شهيد انتفاضة الحجارة «الغضّ» عبد اللطيف أبو عرّة

«عقّابا» تستذكر شهيد انتفاضة الحجارة «الغضّ» عبد اللطيف أبو عرّة

القلعة نيوز : سردت الحلقة (50) من سلسلة «كواكب لا تغيب» التي دأبت على توثيقها وزارة الإعلام الفلسطينية في محافظة طوباس والأغوار الفلسطينية، حكاية الشهيد عبد اللطيف قاسم أبو عرة، الذي اختطف رصاص الاحتلال أحلامه، حين أصابه في ظهره واخترق جسده، ظهيرة التاسع من أيلول 1989، بجوار منزله في بلدة عقّابا، وسجله في قائمة شهداء انتفاضة الحجارة.
وكانت والدته السبعينية، أديبة حامد يونس، قصّت قبل أشهر من رحيلها: استشهد ابني في اليوم الأخير من عزاء والدتي حليمة، وحين كنا في بيت العزاء بمنزل والدي، سمعت صوت إطلاق نار، فقلت للنساء: «استشهد ابني عبد اللطيف»، وشعرت بشيء غريب أصاب صدري، وأسرعت دون وعي إلى حقل قريب، ووجدته بجانب شجرة لوز والدم ينزف منه، وأمعاؤه خرجت من مكانها، فاقتربت منه، لكن الجنود أطلقوا قنبلة غاز في وجهي، وبعدها اختطف الشباب جثمانه، ونقلوه لمستشفى جنين ولحقت به، وجهزت نفسي للصلاة، وبدأت أدعو الله أن يرحمه، دون نواح.
ووفق الأم، فقد خرجت جنازة كبيرة لعبد اللطيف، ابن الرابعة عشرة، وراحت النساء اللواتي لا يعرفنها يسألن عن أمه، واستغربن أنها صابرة، وتدعو الله.
وقالت إن آخر حوار جمعها بصغيرها الشهيد، كان في صباح اليوم نفسه، حين كان يمازح أخته الصغيرة خولة، وطلب منها تسخين الماء ليغسل رأسه ويذهب إلى المدرسة، بعدها تحجج بطلبات أخرى، فطلبت الأم من أخيه الكبير محمـد التدخل، وإجباره على الالتحاق بصفه، دون أن يضربه.
وبحسب الرواية: فقد بدأ أولادها يناولون عبد اللطيف ملابسه من الخزانة، ويعجبون بجمالها عليه، ثم خرج إلى المدرسة مع أخوته، وكان في الصف الأول الإعدادي «السابع»، ووقت الظهيرة طلب من شقيقه فرج العودة من الطريق القصيرة للبيت، أما هو فاختار الطويلة بجانب الشارع الرئيس، ومر من جانب بيت خاله خالد، الذي كان يعمل في تنظيف البصل، ثم لحقه الجنود، وأطلقوا رصاصة دمدم على ظهره.
مما قصته الأم: أخبرني زوجي لاحقًا، الذي كان يعمل في قصارة بيت بعيد لعائلة أبو فواز في أخر البلدة، أنه ألقى عدة العمل حين سمع إطلاق النار، وأخبر العمال بأن مكروها أصاب صغيره، وأخذ يبحث عن مكانه، لكنهم استغربوا، وسألوه: هل تعلم بالغيب؟!.
ووصفت الأم، قبل رحيلها ابنها على طريقتها، فقالت: طويل، وأبيض، وشعره أشقر، وبه شامة على وجهه، وفيه كل الطباع الجميلة، والنكت، والشقاوة، والحنان، وقبل أيام من رحيله، كانت والدتي تنازع الموت، وأذهب إليها من الصباح وحتى الليل، وقبل أن أخرج، طلب أن أجهز له طعام «الخويّة»، وحين أنهيتها، أخبرني إنه لا يريد أن يأكل، وخاف عليها أن تظل في الجوع طوال النهار، وأقسم أنه لن يُدخل أي لقمة إلى جوفه، إذا لم تأكل معه.
احتفظت الحاجة أديبة ببلوزة عبد اللطيف الزرقاء المخططة بالأبيض والأحمر، والموسومة بكلمة إنجليزية، ولا يزال دمه وآثار رصاصة الاحتلال ورائحته شهوداً على قتله بدم بارد من الخلف، ومن مسافة قصيرة، وكانت تستحضر الأم زي ابنها كثيراً، فتشم رائحته، وتجد فيها العطر، وتدعو الله أن يرحمه، وتتحسر عليه، وتزداد رعشة يديها، وبعد الممات نُقلت الملابس إلى ابنها الأكبر.
ووالت: كان ابني يرفض التصوير، ويضع يديه على وجهه، ويطلب من أخوته أن يبعدوا الكاميرا عنه، وتعود آخر صورة له قبل عام وأكثر من رحيله عنا، ولا أنسى كيف كان يخفي ما يصنع من «مقالع» وهي عبارة عن وسائل من الخيوط لإلقاء الحجارة على قوات الاحتلال، وكان يصنعها على سطح المنزل خوفًا من أن يراه أحد.
وأعادت عائلة أبو عرة إطلاق اسم شهيدها على أربعة من الأبناء وأبناء العمومة، لكن الأم أكدت في حياتها أن أحداً منهم لا يشبه عبد اللطيف، سوى ابن أخيه قصي، الذي يذكرها بحركات صغيرها وضحكاته، وحلت نيابة عنها أوجاع القلب ورعشة الأيدي.
وزادت: زارني عبد اللطيف في المنام مرة بعد وقت قصير من غيابه، ويومها رأيته يقف داخل صندوق زجاجي بجانب القمر، بسهل الكفير القريب، ويبتسم، وفي حلم ثانٍ شاهدته دون أن أعرفه، فقد تغير شكله.
مما لا ينساه أخوته عن صاحب الترتيب السابع في العائلة، كيف أن عبد اللطيف احترف لعبة البنانير «الجلول»، وكان ماهراً في صنع المقالع.
رفضت العائلة المطالبة بتعويضات مالية من الاحتلال، مراراً، كما اقترح عليها محامون، ولطالما باحت الأم بأن الناس يتعاملون اليوم ببرودة أعصاب مع الشهداء، حين يرتقون، وقد يكون سبب ذلك كثرة أعدادهم، وتباعد قلوب الناس عن بعضها.
وروى سفيان شريط ذكرياته بشقيقه، الذي يكبره بأربع سنوات: كنا في إحدى الأيام نرعى الأغنام في منطقة العقبة القريبة، ويومها طلب أن أساعده في البحث عن آثار، فدخل في تجويف صخري، وراح يعطيني حجارة وأتربة ثقيلة، عجزت عن حملها، فوقع حجر على رأسه، وأصابه برضوض، فطلب مني أن أداوي له رأسه دون أي علامة لإصابات، لأنه إن مر على جنود الاحتلال، فسيعرفون أنه كان يلقي عليهم الحجارة.
وقال: يكمل أخي هذه الأيام، ثلاثين سنة شهادة، ونشعر أنه معنا، فملابسه ودمه ورائحته تسكن بيتنا، وكل ذكرياته تشاركنا تفاصيل حياتنا.