انه لمن الخطورة ان يتم تبسيط عملية اعادة الهيكلة باهداف مالية بحته و على راسها فواتير الرواتب و التقاعد و المصروفات . لا تصيب هكذا استراتيجة الهدف بل تؤدي الى نتائج سلبية ليس اقلها اقلاق الناس . اذا تمكنا من ممارسة الابتكار و الابداع و الخيال ، و التعلم من تجارب الدول الناجحة ، فاننا سنرى الحاجة الى انتاجية اعلى و شباب اكثر ، و خبرات اعمق ، و مؤسسات اقوى و ليس العكس . فالوطن بحاجة الى الجميع .
ان ترشيق القطاع العام لا يعني تخفيض اعداد العاملين فيه او الغاء و دمج مؤسساته ، بل يعني بالاساس ان تكون الحكومة اكثر استجابة و اعمق قدرة . كان لدى الحكومة نافذه فرصة ذهبية بعد الاستراتيجيات الجريئة التي قادها جلالة الملك في القوات المسلحة و الامن العام و الدفاع المدني و الدرك ، لتقوم باعادة تشكيل القطاع العام . ثم جاءت ازمة كورونا لتعطي الحكومة فرصة اخيرة .
التحديات الحكومية ، حاليا و مستقبلا ، بحاجة الى سرعة و مرونة في القرار و قدرارت اكبر للتعامل مع الازمات او اقتناص الفرص . ان ترشيق القطاع العام لا بد ان يبدأ من الاعلى و استنادا الى رؤية شاملة و منظومة متكاملة فيها من الابتكار ما يشكل نقلة نوعية و ليس عمليات تحسين او معالجات موضعية ، و الفرق كبير بين المرتكزين .
الواقع حول العالم يثبت يوما بعد يوم ان القطاع العام هو رافعة التنمية و عماد المجتمع و الاقتصاد ، و ليس مجرد تكاليف يجب تخفيضها كما يصور البعض . المسمى الحقيقي لاعادة الهيكلة هو الاستثمار في الوطن عن طريق رؤية حقيقية تطلق العنان للتجديد و الابداع . ما احوجنا الى الخيال و الابتكار ، و ما احوجنا الى الاستثمار في الاردن بدلا من التقتير عليه . المسوؤل الذي لا يملك الا الندب و اللطم ليس بحجم المسؤوليه.