شريط الأخبار
مندوبا عن الملك وولي العهد.. العيسوي يعزي قبيلة بني صخر/ الفايز الملك يرعى اختتام مؤتمر مستقبل الرياضات الإلكترونية وزير الخارجية البحريني يزور دمشق لأول مرة منذ 2011 بايدن لنتنياهو: ضرورة التقدم في استمرار تسليم المساعدات في غزة محافظة يتفقد عدد من المدارس في العقبة 26 المقبل موعد طلب سجلات الناخبين .. و30 تموز بدء استقبال طلبات الترشح الجنايدة يهنيء بعيد ميلاد الأمير رجوة الحسين عبدالله فضيل النهار يكتب: مكانة الشباب في المشهد السياسي في ظل تعديل قانون الانتخاب هلالات : الخدمات تواجه تحديات حرجة عدة في البتراء ويطالب الحكومة التدخل..صور أستاذ بجامعة كولومبيا: جهات سياسية وراء تدخل الشرطة بالجامعات "علماء السعودية": الحاج دون تصريح آثم شرعاً توقيف مرشحة الرئاسة الأمريكية جيل ستاين في احتجاجات مؤيدة لفلسطين هل صدق هوغربيتس؟ سلسلة من الزلازل تضرب عدة دول في يوم واحد نسبة تسجيل أهداف متوسطة في الجولة السابعة عشر بدوري المحترفين الفراية يرأس اجتماعاً لمتابعة جهود إزالة الاعتداءات على مصادر المياه اتفاقية تعاون بين شركة بلادور و شركة أوتوهوب لصيانة المركبات ( بالفيديو ) الرئيس الفلسطيني يحذر : بقي ضربة صغيره بعد اجتياح رفح، لتحصل اكبر كارثة في تاريخ الشعب الفلسطيني خلال لقائه د. الخصاونة : الرئيس الفلسطيني يثّمن من الرياض مواقف الملك الداعمه للقضية الفلسطينيه ووقف فوري للحرب في غزة اختتام منافسات بطولة غرب آسيا للناشئين للتنس العبدلي للاستثمار والتطوير ترعى المؤتمر المعماري الأردني الدولي السابع وتشارك في فعالياته

الأسير ناصر أبو حميد.. مرافعة إنسانية تُربك غطرسة الجلاد

الأسير ناصر أبو حميد.. مرافعة إنسانية تُربك غطرسة الجلاد

القلعة نيوز :

ربما لن يتمكّن «بروفايل» قصير القامة بعدد كلماته، أن يسرد سيرة غنية، ويطل على شخصية ذات تجربة نضالية فريدة، لكننا آثرنا أن نحفر بعمق، في تاريخ شخصية قيادية للحركة الفلسطينية الأسيرة، للعثور على ما تكتنزه من تجارب، والوقوف على مستوى غناها.

عشرات آلاف الفلسطينيين خاضوا تجربة الاعتقال، ولكن سيلاً من التفاصيل المعبّرة عن وجع ناصر أبو حميد «الأسير الإنسان» من مخيم الأمعري قرب رام الله، ربما تعبّر عن همومه «الصغيرة» التي كادت أن تغرق في بحر الحديث عن التضحية والبطولة، في حين لم تدع مساحة للحديث عن الألم والضعف والشوق، رغم أن هذه المفردات هي الحجج الأقوى في «المرافعة الإنسانية» بعيدة المدى أمام جبروت الجلاد.

اعتقل أبو حميد لأول مرة قبل أن يكمل عامه الـ13، لكن هذا لم يثنه عن مشواره النضالي، فتكرر اعتقاله خلال الإنتفاضة الأولى، آخرها بعد مطاردة طويلة العام 1990، وحملت شعار «ناصر أبو حميد.. المطلوب حيّاً أو ميتاً» وفي خضم إنتفاضة الأقصى العام 2000، أسس مع ثلة من رفاقه كتاب شهداء الأقصى، ليعاد اعتقاله إبّان الإجتياح الإسرائيلي الشهير للمدن الفلسطينية العام 2002، ويقضي حكماً مؤبداً.

ولأن الاحتلال الآثم، يأبى إلا أن يُمعن ويتمادى في غيّه وغطرسته، واستعلائه المقيت، فلا يترك من شروره وآثامه وسوءاته، صغيرة ولا كبيرة، إلا ويمارسها، فإن هذا السلوك المُشين، تجلّى بكل الحقد والكراهية، ضد الأسير أبو حميد، تعذيباً وعزلاً، لكنهم لم ينالوا من عزيمته أو معنوياته، وهو المعروف لديهم بصلابته.

مع دخوله عامه الـ50 في هذه الأيام، يبرز مع الأسير ناصر أبو حميد، الوجه الآخر للبطولة، وهو يضع يداه على المواطن المؤلمة من ثمنها الباهظ جداً، إذ طرأ تدهور جديد على وضعه الصحي، فيعاني ارتفاعاً في الحرارة، ناهيك عن الآلام القاسية الناتجة عن إصابته بالسرطان، ليقدم من سجنه حديثاً مختلفاً، يعدّ بمثابة كشف حساب إنساني، بعد محاولات متكررة لقتل الروح والجسد.

لك أن تسأل ناصر: كيف أمضيت كل هذه السنوات خلف القضبان؟.. ألم تشعر بطول المدة؟.. وكيف تعايشت مع سجانك؟.. وكيف لك بهذا الصمود الأسطوري؟.. فيض من الأسئلة المشروعة، التي يواجهها أبو حميد، لكنها سرعان ما تتبخر وتتوارى لمجرد أن تعرف أن ناصر من عائلة أدمنت النضال، ضمّت شقيقه عبد المنعم شهيداً، وإخوانه الأربعة نصر وشريف ومحمـد وإسلام رهن الإنتظار المؤبد لمعانقة الحرية.

والحرية ليست كلمة جوفاء في حياة أبو حميد، ما دام رهين أصفاده، وهي ليست شعاراً ولا تعبيراً خاوي المضمون، إنها حالة إنسانية تُعاش، تُلمس، وتُستنشق.. وطالما هناك المئات من رفاق ناصر أسرى لدى الاحتلال، فلن نستطيع القول أن هناك حرية.

يرتكز صمود أبو حميد على شيئين: أولهما تجدد القناعة اليومية بصدق وعدالة ما قام به من فعل وطني، وعدم الندم عليه، إضافة إلى الإعداد اليومي للحظة التحرير مهما طالت مدة اعتقاله، وثانيهما عدم الانفصال أو التساوق مع هذا الفصل القسري عن نبض الحياة اليومية خارج السجن، فيقاوم محاولات التحطيم المعنوي الذي يتعرض له عبر متابعة الأحداث اليومية، أكان من خلال الصحف أو الراديو أو التلفزيون، أو عبر السؤال خلال الزيارات عن الأحوال العائلية، وكأنه يعيش في الخارج.

وليس هناك أغلى من الحرية بالنسبة لأبو حميد، الذي عاشت عائلته التشريد إبّان النكبة، إذ ينحدر من قرية السوافير الشمالية قضاء غزة، ويعدّ الخروج من واقع الأسر إلى عالم الحرية أمنيته التي لا زال يتمسك بأهدابها، وإذا نظرنا إلى التحرر بالمفهوم الشخصي الأُسري الصغير، فلن تجد كلمات يمكن أن تصف سعادة أبو حميد «المُحرّر» عندما يعود بعد طول غياب، إلى بيته الذي هدمه الاحتلال مرات ومرات، أو يعانق أمه «خنساء فلسطين» كما يحلو للفلسطينيين أن يسمّونها.

في انتظار حريته يبدو كل شيء معقّدا ومركّبا في تفاصيل الحياة اليومية لناصر، فالاحتلال يرفض الإفراج عنه أو إدراج اسمه ضمن أي صفقة لتبادل الأسرى، وما جرى خلال الصفقات الأخيرة، خير دليل على صحة هذا الكلام، إذ مورست وتمارس بحقه أساليب تعذيب نفسية، بناء على توصية من جهات تُسمّى زوراً «قضائية»، ولا تعير أي اهتمام، للقوانين والأعراف والمواثيق الدولية، التي تحرّم استخدام أساليب نفسية، خصوصاً ضد الأسرى المرضى كحال ناصر.

ولا يمكن بحال، حصر معاناة ناصر أبو حميد، دون التطرق لزنازين العزل الإنفرادي، التي استهدفت النيل من صموده، وهزّ عرش معنوياته، لكن هيهات أن تحقق مبتغاها.

ناصر أبو حميد دخل السجن بحالة صحية مثالية، لكنه سيخرج منه مثقلاً بالأمراض، وآثار التعذيب، ما يعني أنه لن يكون في مأمن حتى في حال تحرره، إذ يُنذر ما تعرض له من تعذيب قاس، والمصحوب بإهمال طبي متعمّد، عن ترجمة فعلية لاستهدافه أسيراً أو محرّراً، لا لشيء إلا لأنه كان في طليعة النضال الفلسطيني.