الكاتبة أفنان العنتري
يا صاحب المخيطة !
فاض السؤال ..
أين العم أبو كمال ؟
و إني لا أزال أمسك بطرف خيط من غزة ، و لا زلت أقف أمام باب المخيطة .
أحمل تلك الوردة ..
متفتحة رغم المطر ..
بيضاء رغم الرماد .
كالنورس الأبيض في بحره الأبيض .
أنا على باب المخيطة ، يلفني ضباب المدافع ، و صوت السؤال عنك يعلو صوت الإنفجار .
لا زلت أمسك بطرف الخيط ، أشد الوثاق به ..
وثاق ..
فأنا على ثقة من نورس البحر ، سيحمل الوردة ، حتى حدود الغيم ، و لا حد لغيمة تغفو فوق غزة .
أنا على باب المخيطة ، أنا على العهد القديم ، فلنحك رواية التاريخ ..
و لنصفو إلى النقطة .
أشد الوثاق بذاك القارب المكسور ، يواسيه موج البحر .
أشد الوثاق بأصابع الطفلة ، تحت أنين الخيمة .
أشد الوثاق فأبتلع المطر ، عسى أن تغرق ذاكرتي التي فاضت بها الدمعة .
أشد الوثاق بمناديل الأمهات في تلك النواحي التائهة بل نائحة ، و كأن نايا فجرته الأرض من رحم الدماء .
أشد الوثاق برملة من حي الرمال ، فلتشرقي يا شمس !
أشد الوثاق بنازح جاب الرياح حتى رفح ، أمل هبوب العاصفة ؛ عاصفة النوارس ..
ألا هب يا نسيم الفرح ..
أشد الوثاق بذاك الشيخ و الحسرة ، بذاك الإبن والغصة .
أشد وثاقي بتلك السماء ، أشده بكفن أبيض ، يحمل قلبا و قصة ، و بيتا و أسماء .
أشد وثاقا دون خوف ؛ بل أدب الرعب في أوثانهم ؛ فأنا الشجاعة من درب الشجاعية ، أنا الآن والآباء .
أشد الوثاق وأجبل الطين والدحنون والزعتر ، في موسم الليمون والزيتون ، مخيم أخضر ..
جباليا حلوة بل مرة أكثر .
أشد وثاقي بذاك الحوت ، فلتبتلع يا حوت أشرار يونس ؛ فالخان خانه الغرباء .
و ما الغريب إلا غراب يسرق العيد من جيوب اهل البحر .
أشد وثاقي ..
لعله ، عساه ، لربما ...
جواب الأمنيات .
فالأمنية ..
أن يفتح باب المخيطة رجل عادي ..
يصلي الفجر ، و يحتسي هواء الأبيض ؛ لأقدم له وردة بيضاء بطعم الإنتظار ..
وعودة النورس .