شريط الأخبار
العرموطي: قرار الكنيست بإلغاء قانون الأراضي الأردني "باطل" ويشكّل اعتداءً مباشرًا على الأردن اختفت عن الرادار الإسرائيلي والأمريكي .. الإعلام العبري يلاحق مقاتلة "سوبر" صينية في مصر مشهد خيالي لـ"جيش آلي" صيني يشعل جدلا عالميا "وادي الأردن": العمل جارٍ لإنشاء منطقة تنموية اقتصادية في وادي عربة وزير العدل:بدائل العقوبات نهج إصلاحي يعزز العدالة التصالحية مسؤول أميركي: نتنياهو يرى أشباحا في كل مكان الحيصة: علاقاتنا المائية مع سوريا في أفضل حالاتها استشهاد فتى برصاص الاحتلال في مدينة الخليل دعوى على إسرائيل في باريس بتهمة "عرقلة" عمل الصحافيين في غزة تركيا تعلن تعرض سفينة شحن لهجوم في البحر الأسود وزير العدل: أكثر من 14 ألف حكم بديل عن العقوبات السالبة منذ تطبيقها الحكومة تقيد في سجلاتها "عمرة" كأول ولادة لمدينة ذكية خضراء بالكامل وسط الصحراء مستقلة الانتخاب: جاهزون لاجراء الانتخابات البلدية المياه: حملة أمنية كبيرة قرب سد الكفرين لردم آبار مخالفة واعتداءات على مصادر المياه لغز النظارة السوداء.. لماذا يتمسّك فضل شاكر بارتدائها؟ اختراع جديد يعيد الأمل لفاقدي حاسة الشم 5 وصفات طبيعية لشد البشرة وتعزيز نضارتها .. أبل تعزز مزايا "Vision Pro" عبر تحديثات جديدة المالية النيابية تواصل مناقشة موازنات العدل والتنمية والزراعة والخارجية تركي آل الشيخ يزور استديوهات الحصن والقدية لمتابعة تحضيرات فيلم خالد بن الوليد

أبو رمان يكتب : الهجوم الإيراني والرسالة الأردنية

أبو رمان يكتب : الهجوم الإيراني والرسالة الأردنية

د. محمد أبو رمان

لا أظن أنّ أحداً من الأردنيين كان يودّ أو يرغب في أن تُعتَرَض المُسيَّرات الإيرانية فوق سماء بلده، فالدولة والشعب معاً، في الأردن، كانوا منذ بداية العدوان على غزّة مع شعبها وضدّ جريمة الإبادة الإسرائيلية، وتصدّر الأردن الحرب الدبلوماسية مع إسرائيل، وعمل بصورة دؤوبة على نقض الرواية الإسرائيلية، وكان أوّلَ دولةٍ اخترقت الحاجز الإسرائيلي بإنزال المساعدات جوّاً، وبإعلان أنّ أيّ تهجير للفلسطينيين خارج فلسطين بمثابة إعلان حالة الحرب من إسرائيل، وبالضرورة انتهاء معاهدة السلام بين الدولتين.


ليس ما سبق من باب المقاربة الدفاعية، لكن فقط للتذكير بالمكان الذي يتموضع فيه الأردن استراتيجياً وسياسياً في ملفّ العدوان على غزّة، وهو المكان الذي التزم، ولا يزال يلتزمه الأردن، حتى عند نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وإعلان الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، صفقة القرن، إذ وقف الأردن ضدّ كلّ محاولات تصفية القضية، وعمل بكل طاقته دبلوماسياً وسياسياً في الاتجاه المعاكس، وكان في السياق نفسه مُتحفّظاً على ما يُسمّى "السلام الإقليمي" أو المسار الإبراهيمي، الذي يقوم على تطبيع العلاقات من دون الوصول إلى حلّ للقضية الفلسطينية، ومن ذلك رفضه فكرة "الناتو العربي" (الإسرائيلي العربي) في مواجهة الحلف الإيراني، حينما طُرحت في دوائر إسرائيلية.

إذاً، ما الرسالة الأردنية في التصدّي للمُسيَّرات الإيرانية فوق الأردن؟ باختصار، المسألة مرتبطة بالسيادة أولاً، وهذه مسألة بديهية في السياسات بين الدول، وتُمثّل جزءاً من معيار الاحترام والكرامة، وربما كان بإمكان الأردن أن يتجاوز ذلك لو كان هنالك، مثلاً، استئذان إيراني مسبق أو إعلام للأردن بالأمر، والعكس صحيح. فعندما اتخذ صانع القرار الأردني قراره بالتصدّي للمسيَّرات، لم تكن الرسالة إلى إيران فقط، بل أيضاً، إلى إسرائيل والولايات المتّحدة، كما ذكر وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، (على قناة المملكة بعد يومٍ من الهجوم الإيراني)، وما قاله الرجل ليس كلاماً لدغدغة العواطف وتحسين الصورة، بل هو القرار الحقيقي في ما أُعلن وما خَفِيَ من الحسابات الأردنية، ودلالة ذلك أنّ الطائرات الحربية الأردنية استمرّت في التحليق في سماء عمّان، خلال الليالي التالية، لمنع أيّ اختراق، ووصلت الرسالة واضحة إلى الإسرائيليين، إلى أن وقع الهجوم الإسرائيلي الغامض على إيران، ولكن بالتأكيد، لم يكن عبوراً ولا مروراً فوق الأردن.

لا توجد هنالك ثقة بين الأردن وإيران، هذا صحيح، وتعتبر إيران الأردن قاعدة أميركية متقدّمة، وهذا ما يدركه صُنّاع القرار في عمّان، وواجهوا به الإيرانيين في نقاشات سرّية سابقة. وفي المقابل، ليس للأردن عداوة جوهرية مع إيران، إنّما هو إدراك بأنّ الأجندة الإيرانية ليست ودّية تجاه الأردن، وأنّ الضربة في الحقيقة لم تكن موجّهة لإنقاذ أهل غزّة، بل هي، في الحقيقة، جزء من لعبة الصراع على النفوذ الإقليمي، ولتأكيد قواعد معيّنة في هذا الخصوص، بعد ضربة القنصلية في طهران.

بالتأكيد، لم تكن الضربة الإيرانية مسرحية، بل ذات دلالات استراتيجية مهمّة. وفي المقابل، لم يقبل الأردن على نفسه أن يكون مسرحاً لمثل هذه الرسائل المتبادلة، وأن يكون معبراً للقوات والطائرات والصواريخ، وأراد أن تكون الرسالة الأردنية واضحة، ليس في الموقف من هذه الواقعة فقط، بل أمام أي تطوّرات مُحتملة، برّياً أو جوّاً أو حتى بحراً. وللتذكير، كان المسؤول الأمني في كتائب حزب الله العراقي (الموالي لطهران) قد صرّح قبل أيام باستعداد "المقاومة في العراق" لتجهيز ما تسمّى المقاومة في الأردن (طبعاً لا يوجد مصطلح مثل هذا أردنياً) بأسلحة وصواريخ لمهاجمة إسرائيل وقطع الطريق البرّي(!)

ليس المجال الآن لمناقشة السياسات الإيرانية في المنطقة، ولا تقييمها، لكنّ المقصود أنّ الضربة الإيرانية انطلقت من حسابات دقيقة جداً ومُركّبة، وبالنسبة إليها مسألة النفوذ والمصالح الاستراتيجية أكثر أهمية بكثير من حرب غزّة، والأمر كذلك بالنسبة إلى تركيا التي توارت عن الأنظار. وعلى هذه القاعدة، تصرّف الأردن لحماية أمنه الوطني، ومصالحه الاستراتيجية، ولم تتزحزح قناعته بموقفه من العدوان على غزّة ولا من اليمين الإسرائيلي المتصهين، ولا من مخطّطات التهجير الخطيرة وتهويد القدس.

العربي الجديد