الدكتور سلطان محمود عارف الشياب
أنا أعرف ويعرف غيري، أن البلديات في كافة أنحاء المملكة، عندما تريد أن تسمي بعض الاحياء، أو الشوارع فأنها تشكل لجنة لدراسة ذلك، وعادة ما تكون اللجنة من أصحاب الاختصاص ويكون بينهما رجل من القرية أو المدينة، ربما لأنه يعرف أكثر من غيره الواقع الطبيعي للمدينة أو القرية، وتلك اللجنة يحكمها نظام وتعليمات تمارس عملها من خلاله.
وتبدأ اللجنة عملها بدراسة الحال على الواقع قبل التسمية، وتأخذ بعين الاعتبار واقع المنطقة إن كان هناك شهداء، قادة، مفكرون، أصحاب خبرة، مصلحون، أشخاص ذو مكانة أو شأن يتداولها أصحاب القرية وهكذا تبدأ الخطوط العريضة لتسمية الشوارع والأحياء.
وفي بلدية إربد الكبرى أجزم أن هناك لجنة ولكن لم تمارس عملها بالشكل الصحيح خصوصًا في منطقة الصريح، عندما شرعت البلدية تسمية الشوارع والأحياء والمناطق. أجزم أنها لم تراعي خصوصية الصريح ولا درست الواقع الاجتماعي بشكل دقيق، فكانت هناك أسماء للأحياء والشوارع والمناطق غير متطابقة مع الواقع، ولا مع الخصوصية / الصريح / مدينتي / قدمت للوطن / عبر مسيرتها الموغلة في القدم، اسماء لامعة في كل شؤون الحياة، وما زالت نحن نقرأ تسميات في إربد، والحصن وغيرها من مناطق المملكة لرجالات المنطقة لكن في الصريح الوضع مختلف تمامًا.
فمثلاً: لماذا لا يكون هناك شوارع تسمى بأسماء أبناء الصريح / ربما هناك شارع أو اثنين / وهذا أجزم أنه لا يكفي فالصريح فيها رجالات مؤسسين، قضاة / مصلحين / مخاتير حتى من ايام العهد التركي مرورًا بالعهد الوطني/ هناك مفكرين/ مصلحين / قادة في كل الأجهزة الأمنية كانت تخدم من أيام الإمارة مرورًا بالمملكة، وكانوا على قدر كبير من المسؤولية، هناك شهداء قدموا أرواحهم للوطن، هناك رؤساء مجالس للبلدية وأعضاء منذ نهاية خمسينات القرن الماضي، هناك رجال تعليم والوطن يعرفهم.
وإذا اقتضى الأمر فعندي وعند غيري من أبناء الصريح الكثير من الأسماء/ حي الزهور، ومنطقة الياسمين، وغيرها من الأسماء الفارغة في المحتوى والمضمون والواقع.
لكن هناك أسماء متداولة في الذاكرة الشعبة الصريحية، أهم بكثير من كل زهور الدنيا.
وهي أكثر قربًا والتصاقًا بالوجدان الوطني والتاريخي للبلد فمثلاً، ما المانع لدى لجنة التسمية، أن يكون هناك حي باسم حي (البركة) أو منطقة (البركة) في الذاكرة الرسمية، الجميع في الصريح يعرف حي البركة وهو محفور في الذاكرة الشعبية، والوجدان الوطني والتاريخي لدى كل أبناء البلد، ولمن لا يعرف حي البركة – ليس لأنه فقط / هو موقع يتوسط البلد والبركة هي بركة للمياه/ أو خزان للمياه منحوت في الصخر منذ ايام الرومان، وفيها الكثير من النقوش والرسومات في أغلب جوانبها.
والبركة تقريباً 100 متر في 100 وبعمق يختلف من جهة الجنوب والغرب ربما أكثر من 5 أو 6 أمار وفي الشمال والشرق أقل من ذلك، وكانت ومنذ عشرينات في القرن الماضي تتجمع عنها أغنام القرية للوقاية وبقيت البركة الرومانية شاهدة على توحد أبناء القرية وإلى الغرب من القرية كان هناك مخبز قديم واعتقد أنه أول مخبز في الصريح يسمى "مخبز العبد" وإلى الجنوب والجنوب الشرقي كان هناك "بابور" لطحن الحبوب، أجزم أنه كذلك من أوائل الأماكن لطحن الحبوب، وعلى ما أعتقد قام بإنشائه نفرٌ من (آل الجواسرة) الكرام، وإلى الشمال كان هناك بئر يسمى بئر (الحمام) يتغذى من البركة، وقيلت حوله الكثير من القصائد، وهو ملك (لنا) بقيت البركة حتى عهد قريب، عندما عبثت بها يد لاصلاح الموهوم فجرى بناء مخازن فيها، وبعدها جرى طمر المخازن والبركة تمامًا، وطمرت معها الكثير من الشواهد التاريخية والمشاهد الوجدانية والعاطفية لدى أبناء القرية.
أقول على لجنة تسمية الشوارع في بلدية إربد الكبرى، أن تعيد النظر في أصول التسميات، فالذي يمر في شوارع إربد يقرأ الكثير من الأسماء لأشخاص لا نعرفهم ولا نعرف مقدار خدماتهم، لكن نحترمهم، ونحترم البلدية التي أعادتهم للوجدان التاريخي والشهي.
لكن في الصريح الأمر مختلف كما قلتها تماماً لماذا لا أعرف، ولا أريد أن أتهم أحدًا فالكل عندي بدائرة الشك حتى أرى إجابة واضحة من أحدهم مع شديد الاحترام للجميع.
سؤال برسم الإجابة من رئيس بلدية إربد الكبرى الدكتور نبيل الكوفحي / الذي يعرف أكثر من غيره حجم الحب والاحترام الذي يكنه أهل الصريح له ولوالده ولعائلته الكريمة / وأنا واحد منهم.
لكن لماذا هذا النكران، لماذا هذا التعاضي الغير محبوب والغير مرغوب من لجنة التسمية أو بلدية إربد الكبرى لا أعرف.
وكذلك بعد عملية الفصل وقيام بدلية منفصلة لبني عبيد نريد من عطوفة المهندس الذي نعول عليه كثيرًا "جمال أبو عبيد" أن يعيد الأمور إلى نصابها في كل الذي جرى، ونحن نتوسم فيه خيرًا لكي ينصف أهل الصريح ورجالاتها، فيبدوا أن الصريح لا بواكي لها، أو أن اصحاب القرار لا يريدون ذلك لكن أصحاب القرار وبلدية إربد الكبرى ولجنة بلدية بني عبيد تعرف الحجم الحقيقي للصريح وابناء الصريح عندما تشتد الأمور.
واتمنى أن يكون قرار فصل بني عبيد فاتحة خير لكل قرى وأبناء للواء الذي يزجر بالعديد من الطاقات والكفاءات الوطنية التي تحترم، وأن يكون هناك تحسن لكثير من النواقص التي حرم منها اللواء.
عندما جرى الدمج الشهر الذي كان يلبي مصالح شخصية في ذلك الوقت أكثر من مصالح المنطقة واللواء.
نرجو أن يكون حجم الانجاز سريعًا، وحجم التغير على أرض الواقع أسرع، وأن نرى أسماء شوارع ومناطق في مدينتي بأسماء أبناءها البررة.
فالأمور حتى لا تبشر بالخير على أرض الواقع/ مع أن الوعود كثيرة، ولكن نتأمل ذلك.