
القلعة نيوز- ضمن فعاليات مهرجان جرش للثقافة والفنون، وبالتعاون مع رابطة الكتّاب الأردنيين ومديرية ثقافة الطفيلة، أُقيمت ندوة بعنوان "ذاكرة المكان وجمالياته” في قاعة مديرية ثقافة محافظة الطفيلة، أدارها الدكتور سالم الفقير، مدير ثقافة الطفيلة، وتضمّنت ثلاثة محاور رئيسة سلّطت الضوء على ملامح تاريخ الطفيلة وتراثها المادي والشفهي.
في المحور الأول، قدّم الدكتور إسحاق عيال سلمان عرضًا موسّعًا لتاريخ الطفيلة، متناولًا تطور الحياة فيها عبر العصور، وما مرّت به من مراحل اجتماعية وعمرانية، مع وقفة عند ملامح العهد العثماني، وتحولاته على مستوى التنظيم والسكان. كما أضاء على تفاصيل الحياة اليومية، وعلاقات الناس بالمكان، في سردٍ يجمع بين التوثيق والتحليل.
وتحدّث أيضًا عن بعض المراجع المهمة التي وثّقت جوانب من الحياة المحلية، ومنها كتاب "ستون عامًا لامرأة أردنية”، حيث أشار إلى ما تضمنه من شهادات حيّة تعكس أنماط العيش والعلاقات الاجتماعية في الطفيلة مطلع القرن العشرين، ما يجعل منه وثيقة أدبية واجتماعية تكمّل السرد التاريخي الرسمي بمشهد إنساني نابض من قلب المكان، كما تناول التعليم في الطفيلة من خلال دراساته التي قدمها ضمن المحور.
أما في المحور الثاني، فقد تناولت الدكتورة حنان الخريسات التراث الشفهي والشعبي في الطفيلة، مستعرضة أنماط الحكايات الشعبية والأمثال والأهازيج، وما تحمله من رموز ومعانٍ ترتبط بالحياة اليومية، والعلاقات الاجتماعية، والعادات المتوارثة. وقد أشارت إلى أن هذا التراث يُشكّل جزءًا من الموروث الثقافي، وهو مصطلح يشمل كل ما تنتجه الجماعة من تعبيرات غير مكتوبة، تنتقل شفهياً من جيل إلى جيل. ويضم الموروث الشفهي الألفاظ والتعابير، وأساليب الحكي والغناء، والطقوس المرتبطة بالمناسبات المختلفة، التي تعبّر عن وجدان المجتمع ونظرته إلى ذاته ومحيطه. كما بيّنت كيف يتجلّى هذا الموروث في تفاصيل الحياة، ليشكّل نسيجًا حيويًا من الهوية الثقافية، التي لا تزال حاضرة في الذاكرة الجماعية للناس رغم تغيرات الزمن.
وفي المحور الثالث، قدّمت المهندسة وفاء الطراونة قراءة في الخصائص المعمارية التقليدية في الطفيلة، مستعرضة نماذج من البناء القديم وخصوصية استخدام المواد المحلية في تشييد البيوت، وتفاصيل التصميم التي تعكس بساطة العيش وانسجام الإنسان مع بيئته. وتحدثت بشكل خاص عن قرية السلع وبلدة ضانا، باعتبارهما نموذجين حيين لفن العمارة التقليدية التي ما تزال قائمة، وذات قيمة تاريخية وجمالية.
كما أشارت إلى أن المواقع السياحية، مثل ضانا، تسهم في إبراز هذه العمارة للزوار، وتشكل فرصة حقيقية للتعريف بتراث الطفيلة المعماري، ووسيلة لإعادة إحياء المباني القديمة عبر الاستخدام السياحي المستدام.
وتوقفت خلال حديثها عند قصر الباشا صالح العوران، الذي يُعدّ أحد أبرز الأمثلة على الطراز المعماري الفريد في المنطقة، من حيث بناؤه المتين، وتفاصيله التصميمية المختلفة عن النمط السائد في مساكن الطفيلة آنذاك، سواء في حجمه أو تنسيقه الداخلي أو مواده المستخدمة، مما يمنحه طابعًا خاصًا يميّزه ضمن النسيج العمراني المحلي.
وفي نهاية اللقاء، قامت رابطة الكتّاب الأردنيين، ممثلةً بالدكتور هشام القواسمة، بتكريم المشاركين، تقديرًا لمساهماتهم الثقافية والمعرفية في إبراز ملامح الطفيلة وتوثيق ذاكرة المكان.