
القلعة نيوز- من قلب الريف العجلوني، نسجت الشابة نوران الزواهرة (23 عاما) قصة نجاح مميزة عبر تأسيسها مطعما تراثيا حمل اسم "أكلة وفتلة"، مزجت فيه بين شغفها بالمطبخ الشعبي وأحلامها الريادية، لتعيد للأكلات الشعبية حضورها، وتفتح في الوقت ذاته نافذة أمل لنساء مجتمعها المحلي.
الزواهرة، التي أنهت دراستها الجامعية بتفوق وحصلت على المرتبة الأولى على دفعتها، قالت لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إنها حولت غياب فرصة العمل بعد تخرجا إلى حافز لإطلاق مشروعها الخاص.
وأوضحت أنها تعلمت الطبخ منذ سن الـ13 على يد جدتها وكانت وصفاتها للمسخن والمقلوبة الشرارة الأولى التي أوقدت شغفها بالمطبخ التراثي.
وأكدت أن دعم أسرتها كان حاسما في الانطلاق، إذ وفروا لها الحافز والبيئة المناسبة لتحويل الفكرة من نشاط منزلي بسيط إلى مشروع اقتصادي يدر دخلا للأسرة ويتيح فرص عمل لنساء المنطقة.
وقالت الزواهرة، إن سبب تسمية المطعم بـ"أكلة وفتلة" يرتبط بجذور تراثية ومعان رمزية؛ فمحافظة عجلون كانت تشتهر قديما بإعداد المفتول وهو أحد الأطباق الشعبية التي تحضر بالفتل اليدوي، كما أن كثيرا من الزبائن الذين تذوقوا الطعام في المطعم عبروا عن شعورهم بأنهم "فتلوا" من الطعم الرائع والأصيل للأكلات المقدمة.
وفي تأويل آخر، جاء الاسم من "الفتيلة" التي توضع في سراج الزيت، رمزا للنور والدفء الذي يعكس روح المطبخ التراثي الأردني ويمنح المكان طابعا من الألفة والحنين.
وأشارت إلى أن فريق العمل يضم أفراد أسرتها وسيدات من القرية يساهمن في إعداد الطعام داخل المطعم أو تسويق منتجاتهن المنزلية مثل اللبنة والمكدوس والمربيات.
وترى الزواهرة، أن التحدي الأكبر كان بمحدودية التمويل، مبينة أنها اعتمدت على الجهود الذاتية والأرباح المتحققة من المشروع لإبقائه قائما وتطويره تدريجيا، مؤكدة أن الريادة لا ترتبط بالعمر، بل بالمهارة والإصرار على النجاح.
وعن اختيارها للأكلات التراثية، بينت أنها رغبت في إعادة الاعتبار للأطباق الشعبية التي بدأت تختفي من موائد الجيل الجديد، فخصصت قائمتها لأطباق مثل المسخن، الذي يحضر بالكامل من منتجات محلية: طحين بلدي وبصل وسماق من عجلون ودجاج ريفي وزيت زيتون من معاصر المحافظة ويطهى على الحطب في فرن الطابون لإضفاء النكهة الأصيلة.
وأضافت، إن المقلوبة والمعجنات بأنواعها تشكل أيضا جزءا من الإقبال الكبير الذي يشهده المطعم من مختلف المحافظات ومن دول عربية وأجنبية مثل الخليج وأميركا والهند.
ولم تغفل الزواهرة، مواكبة التوجهات الحديثة في عالم الطعام، إذ تخطط لإضافة وجبات نباتية إلى قائمتها، لتلبية الطلب المتزايد عليها، لافتة إلى أن اعتمادها على الطهي بالحطب يمنح أكلاتها ميزة تنافسية تميزها عن غيرها من المطاعم.
وبالتوازي مع دراستها للماجستير، تنظم الشابة العجلونية وقتها بين مشروعها الأكاديمي والمطعم، مستفيدة من تعاون أسرتها والعاملات معها، خاصة أن الإقبال الأكبر على المطعم يكون في عطلة نهاية الأسبوع.
وتطمح الزواهرة، إلى توسيع مشروعها عبر استغلال قطعة أرض مساحتها 300 متر لإقامة أكواخ مبيت ريفية تتيح للزوار تجربة شاملة تجمع بين الطعام والترفيه والاستجمام وسط الطبيعة، إلى جانب خطط مستقبلية لافتتاح فروع جديدة قرب المواقع السياحية في عجلون، ثم في محافظات أخرى.
وأوضحت أن هذه المشاريع الصغيرة لا تنعكس فقط على أصحابها، بل تشكل رافعة حقيقية للاقتصاد المحلي في القرى والمناطق الريفية من خلال ايجاد فرص عمل وتعزيز السياحة الداخلية وهو ما يتماشى مع التوجهات الوطنية نحو دعم الريادة المجتمعية.
وأضافت إن "أكلة وفتلة" لم يكن مجرد مطعم، بل مساحة لإحياء التراث وتوفير فرص عمل وأن يكون باب أمل للمجتمع، مؤكدة أن المرأة الريفية قادرة على أن تكون شريكا فاعلا في التنمية والابتكار وأن أي فكرة صغيرة يمكن أن تتحول إلى مشروع ناجح إذا رافقها الطموح والمثابرة.
--(بترا)