بقلم / الدكتوره فينان الزهيري
في يومٍ يتجدد فيه الحنين والوفاء، يستحضر الأردنيون ذكرى القائد الإنسان، المغفور له بإذن الله جلالة الملك الحسين بن طلال طيّب الله ثراه، الذي رحل جسدًا وبقي في الوجدان رمزًا للعطاء والإنسانية.
في هذا اليوم، تتجدد مشاعر الحب والولاء في قلوب الأردنيين، كبارًا وصغارًا، ويقف جيل 2025 أمام إرثٍ خالد من القيم والمبادئ التي غرسها الحسين في أرض الوطن وقلوب أبنائه.
وبينما كنت أبحث عن معنى يليق بذكرى يوم ميلاده، وجدتني أستحضر قصةً تحمل بين طياتها رمزية الوطن ونبض القائد... قصة شجرة الحسين.
تلك الشجيرة الصغيرة التي غرسها بيديه الكريمتين عام 1947 في باحة مدرسة المطران، حين كان طالبًا يافعًا، أصبحت اليوم شجرةً باسقة تعانق السماء، شاهدةً على رحلة بناء ووطن، ونموٍّ يوازي نموّ الأردن عبر العقود.
وعندما عاد جلالته إلى مدرسته في الأول من حزيران عام 1996، وقف متأملًا ما أنبتته يداه، وقال مبتسمًا لطلابه ومرافقيه:
"اغرسوا الأشجار، فإن الغرس مبارك، حتى يصبح الأردن أخضر إن شاء الله."
كانت تلك العبارة أكثر من دعوة للغرس؛ كانت وصية للأجيال، رسالة محبةٍ من قائدٍ رأى في كل شجرة حياة، وفي كل طالب مستقبل وطن.
وبإرادة ملكية سامية، أُطلق على تلك الشجرة اسم "شجرة الحسين"، لتبقى رمزًا للوفاء، ودليلًا على أن كل غرسٍ صغير يمكن أن يصنع مجدًا كبيرًا.
واليوم، ونحن نحيي ذكرى القائد الراحل، نستحضر كلماته وكأنها تخاطب أبناء هذا الجيل:
"أبنائي وبناتي، يا طلاب اليوم وصنّاع الغد... أوصيكم أن تزرعوا في أرضكم الخير، وفي قلوبكم المحبة، وفي عقولكم العلم، فالأردن يستمد قوته منكم، ومن سواعدكم يُبنى المستقبل."
لقد غرس الحسين فينا الإيمان بأن الوطن لا يُصان إلا بالعمل، وأن الحب للأردن لا يُعبَّر عنه إلا بالعطاء.
وفي يوم الوفاء للقائد، تتجدد العهود بأن نبقى على دربه، نغرس كما غرس، ونبني كما بنى، ونحمل الراية كما حملها هو... بكل الحب والإخلاص.
رحم الله الحسين بن طلال،
الذي غرس في أرض الأردن شجرة،
وفي قلوب أبنائه وطنًا لا يذبل.




