الاستاذ الدكتور عمر علي الخشمان
يشكّل
الاهتمام المتواصل الذي يوليه سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني
بالملف البيئي نموذجًا متقدمًا لنهج وطني مسؤول يضع حماية البيئة في صميم أولويات
التنمية الشاملة ويعكس وعيًا عميقًا بأهمية صون الموارد الطبيعية والحفاظ على
المشهد الحضاري للأردن باعتباره رصيدًا وطنيًا لا يقل أهمية عن أي منجز تنموي آخر
فهذا الاهتمام لا يأتي في إطار رمزي أو موسمي بل يتجسد في رؤية واضحة تسعى إلى
إحداث تغيير حقيقي ومستدام في السلوك البيئي العام وترسيخ مفهوم المسؤولية
المشتركة تجاه البيئة بوصفها قضية وعي وثقافة وسلوك يومي.
وتبرز ظاهرة
الإلقاء العشوائي للنفايات كأحد أبرز التحديات البيئية التي تؤثر سلبًا على الصحة
العامة والمظهر الحضري وجودة الحياة وتستدعي التعامل معها بمنهجية شاملة تتجاوز
الحلول التقليدية أو الحملات المؤقتة فمواجهة هذه الظاهرة تتطلب منظومة متكاملة من
التشريعات الرادعة والتعليمات الواضحة وتفعيل أدوات الرقابة والمساءلة إلى جانب
بناء وعي مجتمعي راسخ يجعل من الحفاظ على البيئة ممارسة يومية نابعة من قناعة لا
استجابة ظرفية.
وفي هذا
السياق يشكّل دعم واهتمام سمو ولي العهد مظلة وطنية جامعة لإطلاق برامج بيئية
مستدامة قادرة على معالجة جذور المشكلة لا مظاهرها فقط من خلال الاستثمار في
الإنسان قبل المكان وتعزيز ثقافة الانتماء والمسؤولية تجاه البيئة لأنها ليست
ملكًا لفئة أو جهة بعينها بل هي رصيد وطني مشترك وحمايتها تعكس مستوى الوعي
الحضاري للمجتمع بأكمله وقدرته على صون مكتسباته الطبيعية.
كما يبرز
الدور المحوري للبلديات والمؤسسات المعنية في تحسين إدارة النفايات وتطوير البنية
التحتية المرتبطة بها وتبني حلول مبتكرة تواكب التحديات البيئية المتزايدة غير أن
نجاح هذه الجهود يبقى مرهونًا بوجود شراكة حقيقية مع المجتمع المحلي ومؤسسات
المجتمع المدني تقوم على التكامل والعمل المشترك بما ينسجم مع الرؤية الملكية
السامية واهتمام سمو ولي العهد بقضايا البيئة والاستدامة.
إن الحفاظ على
البيئة لم يعد خيارًا أو ترفًا بل أصبح واجبًا وطنيًا ومسؤولية أخلاقية تجاه
الأجيال القادمة فالاستثمار في الوعي البيئي وترسيخ ثقافة الالتزام بالمسؤولية
المجتمعية يمثلان الأساس الحقيقي لبناء مستقبل حضاري مستدام قادر على تحقيق
التوازن بين التنمية وحماية الموارد ومن هنا تبدأ حماية البيئة من سلوك الفرد
لكنها لا تكتمل إلا بسياسات وتشريعات فاعلة تحمي الوطن وتصون جماله وتضمن استدامة
موارده للأجيال القادمة.




