شريط الأخبار
الجمارك تدعو إلى الاستفادة من الفترة المتبقية لتطبيق القرارات الخاصة بالاعفاءات كتائب القسام تنعى "أبو عبيدة" ومحمد السنوار و ثلة من قادتها العسكريين مجلس النواب يُقر بالأغلبية "مُعدل الأوقاف" البرلمان العراقي ينتخب هيبت الحلبوسي رئيسا له المياه والري: فيضان سد وادي شعيب خلال ساعات السير تدعو المواطنين لتوخّي أقصى درجات الحيطة والحذر وترك مسافات الأمان وتجنّب السرعات السفير الصيني يؤكد الشراكة الاستراتيجية بين الأردن والصين وزير الاستثمار: نجاح المناطق التنموية يُقاس بأثرها في التنمية ودعم التشغيل في المحافظات إنهيارات صخرية تغلق وتعيق طرقا في الأردن الأردن والمغرب يؤكدان ضرورة تنفيذ كامل بنود وقف إطلاق النار في غزة وإيصال المساعدات دون عوائق ترامب ونتنياهو يناقشان اليوم المرحلة التالية من خطة غزة الأردن في طليعة الجهود الدبلوماسية والإنسانية لوقف إطلاق النار في غزة الحكومة تبحث مطالب تجار المواد الغذائية استعدادا لشهر رمضان تسارع التحول الرقمي بوزارة العدل وتوسيع بدائل العقوبات خلال 2025 الخلايلة: أعضاء في مجلس الأوقاف يرفضون الحصول على مكافآت المالية: 7.6 مليار دينار الإيرادات المحلية خلال 10 أشهر من سيلقيه؟.. كتائب القسام تعلن عن خطاب مرتقب لها عصر الإثنين مطالب نيابية بالاكتفاء بالغرامات المالية الرادعة دون حجز المركبات النائب أبو الرب يثمن موقف الملك الرافض لإرسال قوات أردنية إلى غزة النائبة المحسيري تحذر من المساس بشؤون الإفتاء وتؤكد أن الإسلام منظومة لا تقبل التجزئة

الفاهوم يكتب : الإدارة الحديثة بين الاتزان والاندفاع

الفاهوم يكتب : الإدارة الحديثة بين الاتزان والاندفاع
الأستاذ الدكتور أمجد الفاهوم
يعيد هذا النمط القيادي رسم ملامح القائد الناجح في زمنٍ تتزاحم فيه الأصوات وتتسارع فيه القرارات، فيكشف أن القيادة ليست سباقاً في ارتفاع النبرة، بل رحلة وعيٍ في عمق الرؤية. يبرز القائد الاستراتيجي بوصفه عقل المؤسسة الهادئ، لا يحتاج إلى رفع صوته ليُسمَع، بل يعتمد على التفكير المنهجي والاتزان التحليلي، ويقود كمن يمسك دفة سفينة في بحر متقلب، يقرأ حركة الرياح قبل أن يغيّر المسار. هكذا تجلّت تجربة Bill Gates الذي عُرف بعزلته الفكرية الطويلة قبل اتخاذ قرارات مصيرية أعادت تشكيل صناعة البرمجيات عالمياً.
يبني القائد الاستراتيجي قراراته على قراءة متأنية للمشهد العام، ويربط المعطيات كما تُربط خيوط النسيج في لوحة واحدة، قبل الإقدام على أي خطوة. يوازن بين المخاطر والفرص، ويقدّم المصلحة المؤسسية على المكاسب السريعة، فيبدو كمن يزرع شجرة لا ليستظل بها اليوم فقط، بل ليحصد ثمارها أجيال لاحقة. يتجسد هذا النهج في مسيرة Warren Buffett الذي تجنّب الانجراف وراء تقلبات الأسواق، وراكم عبر الصبر الاستراتيجي عوائد مستدامة تفوقت على مؤشرات عالمية لعقود.
يعزز القائد الاستراتيجي ثقافة الإنصات داخل فرق العمل، ويمنح الأفراد مساحة حقيقية للتعبير والمشاركة. يصغي كما يصغي الطبيب لتفاصيل التشخيص، ويحوّل تنوع الآراء إلى طاقة بنّاءة لا إلى صراع داخلي. يظهر هذا المسار بوضوح في أسلوب Satya Nadella الذي أعاد تشكيل ثقافة مايكروسوفت عبر الإصغاء للموظفين، والتحول من عقلية المنافسة الداخلية إلى عقلية التعلم والنمو.
يركّز القائد الاستراتيجي على العمل العميق، ويتجنب التشتت الذي تفرضه التفاصيل الثانوية. يخصص وقتاً للتفكير الهادئ، ويغوص في جوهر المشكلات المعقدة كما يغوص الغواص إلى الأعماق بحثاً عن اللؤلؤ، مدركاً أن القيمة الحقيقية لا توجد على السطح. يتجلى ذلك في أسلوب Elon Musk الذي ينعزل لساعات طويلة لتحليل أدق تفاصيل الهندسة والتكلفة قبل اتخاذ قرارات تقنية أعادت رسم مستقبل السيارات والفضاء.
يضبط القائد الاستراتيجي انفعالاته عند الأزمات، ويتعامل مع الضغوط بثبات ينعكس مباشرة على الفريق. يمنع التسرع، ويخفف من حدة القلق الجماعي، ويقود في اللحظات الحرجة بعقل بارد يشبه صلابة الصخر وسط العاصفة. يبرز هذا النهج في إدارة Tim Cook لسلاسل التوريد العالمية خلال الأزمات، حيث حافظ على استقرار الشركة دون ضجيج إعلامي أو قرارات انفعالية.
يفضّل القائد الاستراتيجي بناء علاقات مهنية عميقة على توسيع شبكة علاقات سطحية. ينتقي شركاءه ومستشاريه بعناية، ويؤسس دوائر ثقة قادرة على دعم القرارات المصيرية، مدركاً أن العمق في العلاقات يشبه الأساسات الخفية التي تحمل المباني الشاهقة. يظهر هذا النهج في تجربة Jeff Bezos الذي اعتمد لسنوات على فرق صغيرة عالية الكفاءة، قادرة على اتخاذ قرارات مستقلة ضمن رؤية استراتيجية واضحة.
يستعد القائد الاستراتيجي لكل اجتماع وكل قرار بتحضير مسبق ودراسة دقيقة. يدخل النقاش وهو ملم بالتفاصيل والسيناريوهات المحتملة، فيفرض حضوره المعرفي بهدوء، ويؤكد أن السلطة الحقيقية تنبع من المعرفة لا من الاستعراض. يرتبط هذا الأسلوب بقيادات تنفيذية نجحت في إدارة مؤسسات عالمية معقدة عبر العمق الفكري لا الخطابة.
يمكّن القائد الاستراتيجي الموظفين المبادرين، ويمنحهم مساحة للتجربة وصناعة الحلول. يشجع الأفكار الجريئة، ولا ينظر إليها كتهديد لمكانته، بل كرافعة لأداء المؤسسة، فيتحول القائد من مركز الضوء إلى منسّق للمشهد، يفسح المجال ليبدع الفريق ويتقدم.
يوجّه القائد الاستراتيجي طموحه نحو نجاح المؤسسة لا نحو تضخيم الذات. يمارس القيادة بتواضع مهني وإرادة صلبة، ويقيس إنجازه بما تحققه المنظمة على المدى البعيد، فيرسخ ولاءً مؤسسياً حقيقياً ويؤسس لنجاح قابل للاستمرار.
يثبت هذا النموذج أن القيادة الاستراتيجية الهادئة ليست بديلاً ضعيفاً، بل خياراً واعياً في عالم معقد. يؤكد أن التأثير العميق لا يحتاج إلى ضجيج، وأن القائد الحقيقي هو من يقود بالبصيرة قبل الصوت، وبالاتزان قبل الاندفاع، وبالاستراتيجية قبل الاستعراض.