القلعة نيوز: كتب الصحفي خلدون عبدالسلام الحباشنة
عين على الحضور وأخرى على الغياب ، دموع وفاء على عتبات الرحيل ، وكان أحمد الحجايا الصغير يخاف على عقله وكتبه من الغياب ، ونعش معلمه احمد الحجايا الكبير أمام المصلين يتوسد منهاجا جديدا ، كل حرف تعلمته منه روح حلت فيك حتى تركت الطفولة خلفك ووقفت مرة خلف الجنازة ومرة أمامها أسوة بالقلوب التي ألفت صوته الدافيء في صقيع صحراء الحسا ... اين راس المال ؟ هذا هو السؤال ، سفول الموت والضرع الذي جف على فجأة منا ... السماء مثل الصحراء قفر لا غيوم هناك ولا شجر هنا ، إلى القبر تمشي وفيا بالطفولة لمقام العطش ، تلميذا قادك الحب حيث لا روح في المحبوب ، والايوبيون الصابرون على البلاء يحملون نقيبهم الى سرير اخير . طفلا تصحو مثل سنبلة على لمسات النسيم تكتب واجبك بين يدي النصوص ولكن صريف المعاني الذي اذهلك عن مهد صباك لتقف أمام الفقد متقنا مقام الوقوف بين يدي النقيب ....نسيت النوم باكرا هذا المساء ، لم تهتدي بعد إلى صدر هذا الليل ، وكانك مثل جريح تريد النوم على قبر قوافيه ... كيف تسربت إلى ذاكرة الولد ؟ كيف حجزت مكانك في القلب ؟ كيف تبادرت الناس اسمك ؟ وحمل المنسيون منذ خمسين عاما صورك . لذاكرتك ايها الطفل الجنوبي إصرار الموج
في عهدة صحراء القسوة جثمان ترقبه عينيك ، وانت لا تجد للان مكانا لدرس ولا تعي حتى اليوم أهمية علامات الترقيم ... نقيب " الجيش " الباحث عن الخبز اليومي كان يتحدث لغة لم تفهمها بعد نخب عناقيد الؤلؤ ، انت فهمت تعاليم الرجل العادي ...
أستاذ اللغة واستاذ التاريخ واستاذ قوانين الفيزياء ومعلم احجية الارقام حضروا وانت ترسل عينك نحو منام الغافي .
البجع المزواج يا " احمد ناصر الحجايا " لا يعرف معنى أن تركض نحو الصف السادس مكسور الخاطر في مدرسة الفوسفات . لا يعرف سكان " البرج" العاجي نفسية طفلة في عمر الورده تبيع دفاتر رسم على دوار فراس العجلوني في شوارع الحسين . مد بصرك ، قلبك مسلوق حزنا ، وانت ترى الماء المسبي يذهب للجهة المستحيلة ...وقفت كانك تعلن خوفا ما عرفته قامات البدو ولا استسلمت يوما له قامات القرويين ملح وجوه لم تتذوق يوما حلم الحقول احالك مطرا تبلل بالحب قبرا يعاني الجفاف
ايها الطفل الذي أتقن الوفاء ولغة المراثي فتحت علينا باب الخوف ويممت بنا منعطف الجهة المستحيلة .. وصلنا اخر العتبات وليس معنا بوصلة ونسينا الوجوه ... ادر وجهك وانظر الي ، اتحد كي لا تتبدد ،معلموك الواقفون على حد الحياة منذ خمسين عاما يتحدون سلطة الموت جوعا ، هذا معنى لا روح فيه ... لنقل أنهم منذ خمسين عاما يربطون على البطون الحجارة تحت البرانيس لكنهم كانوا يحذرونك من غدر الذئب بالشاة ويحملونك مسؤولية الحب والصبر والامنيات . هو اغراك بالسبورة والطبشورة حتى احببت الحياة رغم أنه امامك كان يخفي جرحه الذي يسلمه للبكاء حينا وحينا يسلمه للممات ... معلموك علموك أن " وصفي التل " واجه الموت ضاحكا ، معلموك علموك أن " هزاع المجالي " كان لا يقيم وزنا للانفجار كي لا تعيش لحظة انكسار ... معلموك علموك أن جنودا في الكرامة اجتهدوا كي ياتوك بالنصر ... و معلموك علموك أن الفلاحين ينتظرونك كي تعلمهم جدول الضرب على جنبات البيادر ، وعلموك أن التجار يحتاجون إلى دروس في الحساب والجبر والكسر وزرعوك بذرة في الارض كي تنبت مثل الضوء في الظلام ... لكنهم نسوا أن يعلموك أن ثمة السنة من نار بالمرصاد ، وايادي اتقنت الخيبة وأخرى تندس في غفلتنا في الجيوب ... بدوي من ذوي الطبع الجميل ، انت أيقونة هذا الجيل هل تعي معنى احتدام النزاع ؟
هل توقعت أن تظل شهرا خارج المنطق مثلا ؟ هل فهمت اي شيء من المؤتمرات الصحفية ؟ هل تلقنت درسا غير درس التشكي من ضيق الحال ، وهل انت راض ايها الطفل الطالب للعلم عن حكومة تختبيء خلف محكمة أو عن قرار غير قابل لتنفيذ؟ نسبة النمو الاقتصادي لا تعنيك ابدا ، اين كنت ايها الطفل حين كانت السماء تبرق ؟ هل انت راض ايها الجيل عن كل هذا التمترس وعن كل هذا التحدي والصلف ؟ عن حوار بلا نتائج ، عن خطاب برسم المرض النفسي واخر بنكهة الفوقية ؟ قل لزملاءك طلاب المدارس أن يتقاسموا الحب بالتساوي وان يعشقوا الاردن فوق الجنون وفوق التصور . يحتاج الشعراء والصحافيون والأطباء والسياسيون الى لغة جديده خارج سياقات النص المعلب . لتكبروا سريعا ايها الاطفال والطلاب نريدكم أن تعلمونا درسا في الحرية والوعي وارفعوا صوتكم عاليا مع طلوع الشمس ورفع العلم وانشدوا : نحن من سيفك لغز الظلام ... لا نفهم لغة الإفلاس والاكتئاب .