شريط الأخبار
الاحتلال يشن حملة مداهمات واسعة في الضفة الغربية المومني يرعى انطلاق أعمال المؤتمر الدولي الثاني حول الخطاب الإعلامي في الجامعة الهاشمية قائد الحرس الثوري: قواتنا في ذروة الجاهزية للرد على أي تهديد وردنا الصاروخي انتهى بهزيمة "إسرائيل" اجتماع إسطنبول يرفض أي وصاية على غزة: الحكم للفلسطينيين وحدهم ترامب يهدد بحرمان نيويورك من التمويل إذا فاز ممداني مندوبا عن الملك .. حسان يشارك في القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية مركز الملكة رانيا العبدالله لتكنولوجيا التعليم: التحول الرقمي أصبح ضرورة ملحة للطالب والمعلم وزير الخارجية يعقد مباحثات موسعة مع وزيرة الخارجية والتنمية البريطانية قطر تؤكد دعمها للوصاية الهاشمية وتحرص على تعزيز التعاون الاقتصادي مع الأردن وزير المياه يوعز بزيادة صهاريج المياه وسرعة إنجاز محطة المعالجة في البربيطة الهلال الأحمر الفلسطيني: رفح معزولة عن المساعدات وتواجه مجاعة متفاقمة أكسيوس: واشنطن تقدم مشروع قرار لإنشاء قوة دولية في غزة لمدة عامين الملكة: "لحظات لا تنسى في قمة عالم شاب واحد" استشهاد فلسطيني وإصابة آخر برصاص مسيرة إسرائيلية شرق غزة الديوان الملكي ينشر صورة جديدة للملك عالم اجتماع اسرائيلي: خطة غزة سيناريو لكارثة مؤكدة الملكة رانيا تدعو شباب العالم لمواجهة الكراهية بالأمل الحكومة تحصل 159 مليون دينار من "المساهمة الوطنية" العام الماضي غوتيريش: 700 مليون شخص يعانون من الفقر المدقع في العالم واشنطن تقدم مشروع قرار لإنشاء قوة دولية في غزة لمدة عامين

البحث عن الجندي المجهول في العلاقات الاجتماعية

البحث عن الجندي المجهول في العلاقات الاجتماعية

القلعة نيوز-إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

1

الثقافة الاجتماعية لَيست تجميعًا للإحصائيات والبيانات ، وإنما هي نظام فكري قائم على دِقَّة المُلاحَظَة، وكشف العلاقات الاجتماعية ، وإيجاد روابط منطقية بينها . والأنساقُ الثقافية في بُنية المجتمع _ بدُون فلسفة مركزية تفسيرية _ تظل أفكارًا مُبعثرة ، وخواطر مُتناثرة ، وأنماط هُلامية سابحة في الخيال . وهذا يعني أن تجميع العناصر الاجتماعية لا يكفي لبناء منظومة فكرية مُتماسكة، بَل يَجب ربط العناصر وترتيبها بشكل عقلاني، وتفسيرها بشكل منطقي ، ومعرفة قيمة كُل عُنصر ، وأهميته في بناء المجتمع ، وكيفية استخدامه وتَوظيفه في سياق العلاقات الاجتماعية ، لتحقيق منفعة الفرد ، ومصلحة الجماعة .

2

تجميعُ العناصر الاجتماعية المُجرَّدة يُشبه تجميع الأدوية دُون معرفة استخداماتها . وهذه العمليةُ العبثية مَضيعة للوَقت ، ولا فائدة مِنها . ومعرفةُ اسم الدَّواء لَيس مَقصودًا لذاته ، وليس له أيَّة أهمية إذا لم يُعرَف استخدامات هذا الدَّواء . وكما أن أهمية الدواء مُستمدة مِن دَوْره في بناء صِحَّة الإنسان خِلال رِحلة العِلاج ، كذلك أهمية العُنصر الاجتماعي مُستمدة مِن دَوره في بناء المجتمع خلال رِحلة الحَياة . وكما أنَّه يَجب معرفة استخدامات الدواء للاستفادة مِنه ، كذلك يجب معرفة خصائص العُنصر الاجتماعي لوَضْعه في المكان المُناسب للاستفادة مِنه .

3

معرفةُ خصائص الشَّيء واستخداماته تؤدِّي إلى التَّحَكُّم به ، والسَّيطرة عليه ، لكن التَّحَكُّم والسَّيطرة لا يَكفيان لتوظيف العناصر الثقافية الفَعَّالة في العلاقات الاجتماعية . لا بُد مِن تَرسيخ العَقل القِيادي الذي يَستطيع إدارة البُنى الاجتماعية، لمنع حُدوث تصادُم بينها. والعقلُ القِيادي هو الضَّمانة الأكيدة لوَضْع العُنصر المناسب في المكان المُناسب ، كما أن العقلَ القِيادي هو الأساس الوحيد القادر على إفراز فلسفة مركزية تفسيرية ، وزراعتها في الأنساق الثقافية الاجتماعية . وهذه الفلسفة في غاية الأهمية ، لأنَّها بمثابة المغناطيس الجاذب للعناصر الاجتماعية ، والقادر على تفسيرها ، وتَوظيفها في الأُطُر المعنوية والمادية . وكما أن السيارة بدون مُحرِّك تكون عبارة عن قِطَع ساكنة ، كذلك العناصر الاجتماعية بدون فلسفة ، تَكون مُجرَّد عناصر خرساء بلا رُوح .

4

المُوَظَّفُ الجالس في مكتبه ، والمَسؤول عَن مَنع تصادُم القطارات ، لا يَقِلُّ أهميةً عن سائق القِطار . والدلالةُ الرمزية لهذه الفكرة لها تطبيقات فلسفية عميقة في بُنية العلاقات الاجتماعية . وهذه التطبيقات تتعلَّق بالمنظومة الاجتماعية الفكرية التي تتكوَّن مِن النظرية ( الجُزء الباطني ) والتَّطبيق ( الجُزء الظاهري ) ، وُصُولًا إلى المنظومة الإنسانية الواعية التي تتكوَّن مِن العَقْل المُدبِّر ( الجُندي المَجهول ) والعقل المُنفِّذ ( الجندي المعروف ) . ومِن أجل إحداث توازن بين هاتَيْن المنظومتَيْن ، ينبغي البحث عن إسهامات الجُنود المَجهولين في المجتمع، الذين يَعمَلون في الظِّل بعيدًا عن الأضواء ، فهؤلاء هُم الذين يَرسُمون الطريقَ ، كَي يَسير عليه الآخرون، ويَصلوا إلى هدفهم. وكما أن السيطرة على روافد النهر ، والاستفادة مِنها ، تستلزم تحديد مَنبعه ، كذلك السيطرة على العناصر الاجتماعية وتحويلها إلى مشاريع تَنموية حقيقية ، تستلزم تحديد مصدر الأنساق الثقافية في المجتمع . وثنائية ( المَنبع / المَصدر ) تُمثِّل الجُزءَ الخَفِي البعيد عن الأضواء ، والمُستتر خلف الأحداث . ومع هذا ، فهو سبب الأضواء ، وصانع الأحداث . وبشكل عام ، إن الوَعْي الثقافي لا يتكرَّس في المجتمع كنظام إنساني ومنظومة معرفية ، إلا باكتشاف جُذور شجرة العلاقات الاجتماعية ، وعدم الوقوف عند جَمَال ثمرها ، أو شكل أغصانها ، لأن الفرع تابع للأصل ، والأعضاء تابعة للقلب .