القلعة نيوز:
كتب المقدم الدكتور يزن خير احد الكوادر الطبية المناوبة في المدينه الطبيه رسالة مؤثرة على صفحته بفيسبوك … عنونها بـ "من وحي المناوبات و الوباء ….”
الساعة تشير إلى الثانية و النصف صباحا …. للتو انتهيت من وضع مريض آخر على جهاز التنفس الاصطناعي ….. ما زلت بلباسي الرسمي …. الحذاء أصبح جزءا من قدمي بعد أن لبسته صباح اليوم … يداي حتى الاكواع بهما احمرار و تهيج جلدي و تقشب من كثرة استعمال المطهرات و غسيل اليدين …. جسدي كله ينبض مع نبضات القلب من التعب ….. رأسي يكاد ينفجر من الصداع … و قواي تكاد تنفذ …. ملابسي تفوح منها رائحة العرق من طول لبس ملابس الوقاية التي تشبه غرفة الساونا المتنقلة …. كل هذا لا يتعبني …. ما يتعبني أننا في حرب شعواء …حرب مع عدو نعرفه و لا نراه ….في ساحة المعركة لا تجد إلا نحن و الضحايا فقط …أما العدو فهو غير مرئي …. يرسل سهامه المسمومة فلا نراها …. ليت جراحنا تكون من رصاص أو شظايا
ليت القتال كان بالسيف و السلاح …. جراحنا من قهر تترك ندوبا في القلب يطول شفاؤها و يطول نزيفها …. واجهنا الموت كثيرا في حياتنا المهنية ..غلبناه تارة و غلبنا تارة …. لكن لأول مرة يواجهنا غدرا و بغتة و بهذه الوحشية …. نواجهه بأجهزة التنفس الاصطناعي و ملابس الوقاية … حتى المضادات الحيوية احس انها ستعلن استسلامها قريبا …. !
قبل يومين اتصلت بي نشمية …( هل يسمح دكتور وقتك أن تطمئنني على والدي ؟ ) صمتّ برهة فلم ادري ما اقول …. للتو انتهيت من إنعاش قلب والدها الذي أعلن استسلامه أمام الوباء …. قبل يومين فقدت صديقي و اخي و زميلي من ايام الكلية … بالامس والد صديقي و والدة زميلي الآخر الذي اعتبره أخي …. أما اليوم ففي الصباح شيعت معلمي و استاذي و العصر فقدنا زميلا آخر …
. ما زلنا نفقد ضحايا لكن هذه المرة الضحايا من المحاربين …. هذا الوباء يحاربنا بسهام موجهة إلى القلوب لا نراها لكنها تؤلمنا … فإلى متى سيبقى ينال من قلوبنا ؟؟!!!
ما يحزنني أكثر … من ينّظر و يقول (أنها مؤامرة ) … او يقول (انت مصدق في كورونا ؟) …. أي جهل هذا الذي استفحل في مجتمعنا ؟!
صدق رسول الله عندما كان يردد في دعائه جامعا كل ما نمر به ( اللهم إنا نعوذ بك من قهر الرجال و من الجهل و الفقر …. اللهم ارفع عنا الوباء و البلاء ) لم نفهم معنى الحديث الشريف الا في هذه الجائحة التي طالت …. اللهم صبرا و نصرا و رفعا للوباء عنا يا الله .. . .. !!!!!!