شريط الأخبار
الخائن .. قصة الساعات الأخيرة من عمر نظام بشار الاسد بابا الفاتيكان: الغارات على غزة ليست حربا بل وحشية إسرائيل تنشئ أول وحدة قتالية للمتدينات لمواجهة نقص الجنود الجمارك: استمرار دوام الموظفين في الحرة الزرقاء يومي الأربعاء والجمعة المقبلين حماس تسلم قائمة بالأسرى: إسرائيل ترفض الإفراج عن البرغوثي الصفدي يلتقي وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وزير الصناعة: المنطقة الحرة الأردنية السورية مهمة في تعزيز التعاون الاقتصادي 19 شهيدا جراء قصف الاحتلال عدة مناطق في غزة ليفربول يحل ضيفا على توتنهام في قمة مثيرة بالدوري الإنجليزي.. الموعد والقنوات الناقلة طقس بارد نسبياً حتى الأربعاء تقرير: ثغرة في نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي وراء الفشل في اعتراض صاروخ الحوثي البنك الدولي يدرس تقديم تمويل إضافي لدعم التعليم في الأردن الليلة.. ريال مدريد يستضيف برشلونة الموعد والقنوات الناقلة "صندوق المعونة" يقدم خدمات مالية ودعما نقديا لـ235 ألف أسرة أردنية أبوعاقولة: ارتفاع رسوم مرور البضائع يعيق حركة الترانزيت عبر الأراضي الأردنية والسورية المتألقة سارة بركة في أحدث ظهور لها نادين نسيب نجيم تحسم الجدل: ما عدت لخطيبي السابق المنتخب الوطني للمصارعة الرومانية يحصد 5 ميداليات في البطولة العربية بالأسماء ... مناطق بلا كهرباء لأكثر من 5 ساعات اليوم الأحد العثور على دفتر عائلة سلطية في “فرع فلسطين” بسوريا

الجيش العربي في حرب حزيران 67… الاستبسال حتى آخر طلقة

الجيش العربي في حرب حزيران 67… الاستبسال حتى آخر طلقة

إخلاص القاضي- وكأنه استوحى من مجاز مفردة "تل الذخيرة"، في حي الشيخ جراح في القدس الشريف، معاني البطولة والشرف والإقدام والشجاعة، فقاتل الجيش العربي الأردني المصطفوي في حرب حزيران 1967 بذخيرته الحية، حتى آخر طلقة، وآخر شهيد، مسطرا ملحمة في النبل والبطولة والاستبسال والدفاع عن الأرض والحق، قاصدا إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة، فكانت لهم حسنى "أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر".


وها هو حي الشيخ جراح التاريخي في القدس الصامدة، يشهد مجددا صلابة الموقف الأردني المتشبث في الدفاع عن هويته العربية الفلسطينية، وهو الحي عينه، الذي شهد أشرس المعارك في حرب غير متكافئة بين قوة الجيوش العربية المشفوعة بالحق، وقوة العدو الإسرائيلي المتكئة على الباطل، فلم يترك الجيش العربي الأردني ترابا فلسطينيا إلا وجبله بدمائه الزكية، حاملا روحه على كفه، باحتراف وتفان، وهو يكبر ويهلل، مستمدا عزيمته من عقيدة الثوابت الأردنية الراسخة المرتكزة على قيم الحق والعدل والحرية والتحرير.


ورغم أنها الحرب "التي ما أردناها " كما قال المغفور له جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه في كتابه "حربنا مع إسرائيل" الصادر عام 1969، الا أن الجيش الأردني نازل عدوا مسلحا بعتاد وعدة وغطاء جوي، فكان في مرمى النيران وقنابل "النابالم" الحارقة، مقدما الشهداء والجرحى والأسرى في سبيل الحق الفلسطيني.


كتاب ومؤرخون يؤكدون لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن الأردن بقيادته الهاشمية، وعلى مدى عمر القضية الفلسطينية، حمل أمانة المسؤولة التاريخية في الدفاع عن فلسطين، ولم يتوان يوماً عن واجبه العروبي، وبأي وسيلة، عسكرية كانت أم دبلوماسية، لابراز عدالة القضية، والتصدي للسياسات الاسرائيلية التعسفية في القضم والاستيطان والتهويد والاحتلال، مشددين على أن خسارة الحرب حينذاك أعقبه، اصرارا أردنيا على النصر، الذي تجلى في معركة الكرامة الخالدة، إذ كُسرت وقتذاك، شوكة "الجيش الذي لا يقهر".


يقول الباحث والمؤرخ الدكتور جورج طريف، بداية، لابد من التأكيد على أن الأردن بقيادته الهاشمية الفذة قد حمل مسؤولية الدفاع عن القضية الفلسطينية بشتى الوسائل السلمية والعسكرية، وقدم الشهداء دفاعاً عن القدس وفلسطين، وما يزال حتى اللحظة، يواصل التصدي لتهديدات المستوطنين الاسرائيليين لترحيل اصحاب الحق في حي الشيخ جراح، الأمر الذي يعتبره الأردن جريمة حرب لا بد من التصدي لها عربيا واسلاميا ودوليا.


وحول حرب حزيران 1967، يقول: بعد أن تم توقيع اتفاقية الدفاع المشترك بين الأردن ومصر، وضع الجيش العربي الأردني في حالة تأهب قصوى، وجرت معارك على طول الجبهة الأردنية، بينه وبين قوات العدو الاسرائيلي، في باب الواد وتل الشيخ عبد العزيز وتل النبي صموئيل وتل الرادار ومنطقة الشيخ جراح واللطرون، والخليل وطولكرم وجنين ونابلس.


ويواصل طريف، أنه وبالرغم من قلة العدد والعدة وانعدام الغطاء الجوي فقد حارب جيشنا الأردني ببسالة واقتدار، واستمرت روح التضحية والشجاعة والإصرار على القتال حتى آخر طلقة، حيث كانت معارك القدس من أهم المعارك التي خاضها حينذاك، وكان لواء طلال يتولى مسؤولية الدفاع عن المدينة المقدسة بقيادة العقيد عطا علي، الذي تألف من كتائب: "الحسين" وهي الكتيبة الثانية بقيادة الرائد منصور كريشان التي تمركزت من باب العامود إلى الطرف الشمالي من حي الشيخ جراح في منطقة تل المدورة، حيث أطلق عليها العدو "تل الذخيرة"، والكتيبة الرابعة "حسن" بقيادة الرائد احمد مرشد المومني في الطور وجبل الزيتون والكتيبة الثامنة "علي" بقيادة الرائد صالح محمود البطاينة داخل الأسوار في المدينة القديمة والكتيبة " أسامة 31" بقيادة الرائد بادي عواد، التي تمركزت في سفوح جبل المكبر، والكتيبة الخامسة "مدفعية الميدان"، وكانت وراء تل الفول شمال شرق جبل الطور .


ويتحدث طريف عن بسالة الجيش الأردني في تلك الحرب، حيث خاضت الكتيبة الثانية معركة القتال بضراوة وعزم وتصميم، وصدت هجمات العدو المتلاحقة، وقد قام جنودنا البواسل بهجمات معاكسة فدحروا العدو عن مواقعه، وهم يهللون ويكبرون، حتى أن خسائر إحدى السرايا كانت بنسبة 90 بالمائة بين شهيد وجريح، لكن الجيش الأردني ظل ينازل العدو المتفوق، عسكرياً في معركة استمرت من الساعة الثانية فجراً وحتى السابعة صباحاً، ولم يتركوا موقعاً إلا وقد جبلوا ترابه بدمائهم الزكية، وسطرت هذه الكتيبة مثالا رائعا على بطولات الجيش العربي الأردني وتضحياته على ثرى القدس.


ويستشهد باعتراف العدو في وصف سراشة قتال الجيش الأردني في إحدى المعارك وقتها، حيث يقول: وصف وزير الدفاع الإسرائيلي موشي دايان آنذاك معركة تل المدورة أو تل الذخيرة في حي الشيخ جراح، أنها: "كانت من أعنف المعارك التي خاضتها القوات الإسرائيلية ضد القوات الأردنية المدافعة، فقد وجد الإسرائيليون أنفسهم يخوضون معركة ضد عدو مصمم على الدفاع، لآخر طلقة وآخر رجل، وقد التحم الطرفان في قتال بالقنابل اليدوية والحراب والأيدي وخسرت قواتنا 21 قتيلا وجرح أكثر من نصف القوات المهاجمة من الضباط والجنود".


ويتابع الدكتور طريف: أن اختراق قوات العدو للمواقع الأردنية في القدس كانت بداية النهاية بالنسبة للدفاع عن المدينة، حيث استخدم العدو الغطاء الجوي، ووقعت معارك بين الجنود الأردنيين والقوات الاسرائيلية، عند باب العامود وباب الساهرة وداخل اسوار المدينة المقدسة القديمة، فقدم الاردن الشهداء والجرحى مجددا.


ورافقت، وفقاً له، معركة الشيخ جراح ضد الكتيبة الثانية معركة أخرى ضد الكتيبة الرابعة، التي كانت تمركزت في تل الفول والتل الفرنساوي وجبل الزيتون والمرتفعات المشرفة على جبل هداسا والجامعة العبرية، ووصلت لمساندتها كتيبة الإمام علي في منطقة الطنطور، وقامت بهجوم معاكس على العدو في أطراف "الشيخ جراح" لكنها لم تستطع الصمود بسبب شدة القصف الجوي الإسرائيلي، واستخدامها قنابل "النابالم" الحارقة، وسيطرته على مواقع تلك الكتيبة، على الرغم من استماتة جنود وضباط الكتيبة الرابعة، وكتيبة لواء الإمام علي، حيث أمضت كتيبة "أسامة 31" ليلة 5/6 حزيران، تحت قصف مدفعي وجوي إسرائيلي، حيث تصدت سرية الدبابات للمهاجمين وأعطبت ثلاث منها. الا أن قوات العدو استولت على حي الثوري الجنوبي بعد أن قتل قائد كتيبة العدو الإسرائيلي، وتقدمت نحو رأس العمود، عندئذ قرر قائد الكتيبة الرائد بادي عواد أن يقوم بهجوم معاكس فسارت ثلاث دبابات في المقدمة وسار الجنود خلفها، وأمام نار الدبابات تراجع العدو عن جبل الزيتون، ولكنه قصف المنطقة بالقنابل ما ادى الى اعطاب دبابتين منها، وسقط 12 شهيدا من الجيش الاردني، واحتل العدو موقع رأس العمود، الأمر الذي أتاح له احكام الطوق حول مدينة القدس ما دفع قائد الكتيبة للتراجع، بحسب طريف.


ويقول: وأتخذ القرار بالاستمرار في الدفاع عن القدس، حيث عُين ضابطا لقيادة الفئات عند أبواب المدينة، ومع كل واحد منهم ما بين 40 - 100 جندي أردني، ونقل القائد، المدفعين الوحيدين الذين بقيا بعد القتال إلى داخل الحرم، وأصبحا هما الإسناد المتبقي، واستمر قصف العدو لأبواب القدس تحت الأضواء الكاشفة، وفي الساعة 11 مساء تلقى قائد لواء طلال العقيد عطا علي رسالة من محافظ القدس أنور الخطيب، قال فيها: "سيسجل لك التاريخ ولجنودك الوقفة البطولية، لقد بذلتم من المستطاع، وأرجو أن تأتي النجدة حالا".


ويواصل: وأستمر العدو في قصف أبواب المدينة وحاولت دباباته اختراق باب الأسباط، لكن الجنود المدافعين دمروا اثنتين منها، وارتفعت أصوات الجنود تهلل وتكبر، وعلت الزغاريد، والمعارك في أشدها، وفي صباح 7 حزيران وجراء استمرار القصف على المدينة بدا أن استمرار الدفاع عنها، بات مستحيلا، مشيراً الى أن لواء طلال قاتل قتالا شرسا في القدس، وخاض جنوده وضباطه معركة غير متكافئة، سواء من ناحية العدد أو السلاح، إضافة الى سيطرة العدو الجوية، وقد ضحّى جنود اللواء، وضباطه من أبناء الضفتين بأرواحهم فداء لفلسطين.


ويتناول طريف تلك الوقفات البطولية، فيوضح: سبعة من جنود الكتيبة الثانية اتخذوا من سطح دير اللاتين في القدس القديمة مركزاً لهم واخذوا يوجهون نيران بنادقهم نحو العدو، ويوقعون الاصابات في صفوفه، حتى صباح يوم 7 حزيران، ورفضوا الاستسلام على الرغم من النيران الموجهة صوبهم من جميع الجوانب، رغم الحاح كهنة الدير عليهم، ولم يستطع العدو أن يتغلب عليهم، الا بواسطة طائرة عمودية أخذت تقصف سطح الدير بالرشاشات، حتى استشهدوا، وعرف منهم الرقيب سليمان الهلالات من وادي موسى، والجنود يوسف مناور من وادي السير، وتوما سلامة الحجازين من السماكية، وعقله هلال من ماركا.


ويضيف حول سير المعارك: والتحمت الوية من الجيش العربي مع القوات الإسرائيلية غير لواء طلال في القدس، ومنها اللواء الهاشمي في رام الله واللطرون، حيث دارت معارك عنيفة مع العدو في مواقع عبد العزيز والرادار والقسطل والنبي صموئيل، ووقعت معركة تل الفول العنيفة مع قوات العدو شمال شرق شعفاط بالمدرعات، كما قاتل جنودنا ببسالة، ودارت أعنف المعارك في جنين ومثلث الشهداء، وقد وصف العدو القتال على هذا القاطع "بأنه عنيف جدا".


ويستمر طريف في وصفه لقتال الجيش الأردني الباسل، فيقول: وكانت الدبابات الأردنية تشن هجوماً معاكساً كلما تقدمت قواتنا، وهي من أشد المعارك التي شنها جيش عربي في تلك الحرب، قد تقدم اللواء المدرع الأربعين على مثلث الشهداء وهاجم جنوبي جنين، وأستطاعت القوات الأردنية إيقاع خسائر فادحة بالدبابات والمجنزرات الإسرائيلية التي كانت تهاجم جنين من الجنوب الغربي، غير أن سيطرة العدو الجوية وقصفه المدفعي المستمر أثّر على حسم المعركة، فتراجعت القوات الاردنية الى الغرب من نابلس.


ويشير الى أن خسائر فادحة كانت قد لحقت بالأردن جراء تلك الحرب، ففضلا عن استيلاء العدو على الضفة الغربية، وما فيها من مقدسات إسلامية ومسيحية وموارد وطاقات، وعدا عن وقوع أهلنا تحت الاحتلال، فان القوات المسلحة الأردنية قد خسرت جميع طائراتها المقاتلة، و80 بالمائة من دباباتها ومدرعاتها، ودلت الإحصاءات على أن تضحيات الأردن كانت 696 شهيدا، و421 جريحا، و 530 أسيرا .


وينوه طريف إلى أن الجندي الأردني أقدم على خوض القتال في عام 1967 بكل عزم وتصميم وبسالة، في حرب غير متكافئة، واجه بها قنابل "النابالم" الحارقة المحرقة، ورغم النيران المدفوعة بغطاء جوي إسرائيلي، قد حارب على جبهة مجمل طولها 350 كيلو مترا، من حلحول والخليل جنوبا إلى جنين وطوباس ودامية شمالا.


وفي سياق متصل، يتناول إشادة رئيس أركان القيادة العربية الموحدة عبد المنعم رياض بالقوات الأردنية، والذي قال: "قاتلت ببسالة منقطعة النظير وأدت القوات الأردنية واجبها بكل بسالة وشرف".


بدوره، يستهل الباحث والمؤرخ الدكتور بكر خازر المجالي حديثه حول حرب حزيران 1967 والدور البطولي للجيش العربي المصطفوي فيقول: صحيح، كانت الحرب التي سميت بالنكسة، لكن تلتها الكرامة كلوحة انتصار، ونعيش الآن بعضاً من روح حزيران، ونحن نرى أطماع العدو في ارض الشيخ جراح التي افتداها جيشنا الباسل بدمه، فيما نلمس الدبلوماسية الأردنية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني في الدفاع عن الحق العربي، وإسناد الاشقاء الفلسطينيين ليحققوا نصرهم التاريخي في دولة مستقلة كاملة على ترابهم الفلسطيني الوطني.


وعن حرب حزيران، يروي: هي "الحرب التي ما اردناها "عبارة اوردها المغفور له جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه في كتابه "حربنا مع إسرائيل" الذي صدر عام 1969 وتحدث عن مقدمات الحرب، وذلك التسارع غير المدروس باتجاه العمل العسكري الذي كان العرب حينها، لا يملكون ادنى مقومات الاستعداد لخوضها، ولا يملكون غير المعلومات المضللة، وعدم المعرفة بقدرات العدو، والتركيز على الاجراءات الشعبوية الجماهيرية والتحشيد غير العلمي، والبعد عن التخطيط العسكري، خاصة في مجال التنسيق العربي العسكري المشترك.


ويضيف: حين غادر جلالته، طيب الله ثراه، الى القاهرة يوم 30 أيار 1967 وأنضم للمؤتمر المصغر الذي ضم الرئيسين المصري جمال عبدالناصر والسوري نور الدين الاتاسي، كان الهدف هو توجيه رسالة للامة العربية بأن الاردن لا يقبل أن يكون خارج الخندق العربي، وأن القضية الفلسطينية هي في صلب الاهتمام الاردني، وأن الجيش العربي الاردني، هو جيش لكل العرب .


ويشير المجالي إلى أن رؤية الحسين، رحمه الله، كانت قد تمحورت وقتذاك، على أن الاستعداد لعمل عسكري يحتاج منا الى ستة اشهر على الاقل لتنسيق الجهود ووضع خطة محكمة، ومعالجة اختلاف قطع الغيار وعيارات المدافع والدبابات وتوحيد "الشيفرات" وترتيب تنقل القطعات بين جبهات القتال العربية، وتنسيق العمليات الجوية.


ويبين، أن الأردن خاص المعركة من منطلق واجبه القومي، وإدراك جلالته، رحمه الله، لحقيقة الشعور العربي المتأجج والممتلئ حماسة، والمتيقن أن النصر على العدو مسألة ساعات فقط، وأن من يتخلى عن المعركة سيتلقى حساباً عسيراً، ولا سيما وأن الحالة الأردنية ذات خصوصية، فعلى الأرض الأردنية حوالي مليون لاجئ يتوقون لهذا اليوم، وينتظرون التحرير والعبور الى فلسطين، وكان الأردن وما زال في صلب الدفاع عن القضية الفلسطينية.


وعن سير حرب حزيران 1967يقول المجالي: بدأت فجر الخامس من حزيران، مع إعلانات وبيانات عسكرية عربية زادت العرب حماسة، اقلها البيان الذي يقول " أن سلاح الجو المصري والدفاعات الجوية أسقطت أكثر من 75 بالمائة من طائرات العدو، وطلبت مصر من قائد الجبهة الأردنية حينذاك الفريق عبد المنعم رياض فتح الجبهة الأردنية، فاشتعلت الحرب، وخاض الجيش الأردني المعركة. وينوه إلى أن الجيش العربي الأردني واجه العديد من الأمور المعقدة ومنها، سرعة بدء الحرب، ومفاجأة الأردن الذي لم يكن بعد قد أتم استعداداته، ورغم كل ذلك خاض المعركة بكل إمكانياته، ونفّذ سلاح الجو الأردني طلعات هجومية في العمق الإسرائيلي، واستشهد الرائد الطيار فراس العجلوني حين عاد من غارة، وكان يستعد للإقلاع لغارة جديدة، ولكن معركة تل الذخيرة كانت أشرس معركة خاضها الجيش، وهي في الشيخ جراح، حيث خاضتها كتيبة الحسين الثانية، مقدمة الشهداء مجدداً.


ويستطرد المجالي حول تلك المعركة قائلا:"لم تكن معركة عادية باعتراف العدو، الذي عجز عن اقتحام المرتفع، وصمد الجيش الأردني وما تزحزح من موقعه، لكن احتلال العدو لمنطقة واسعة وفقدان عنصر الاتصالات، وغياب الإسناد الجوي أدى إلى كشف قواتنا لتصبح لقمة سائغة لطائرات العدو. ويواصل: لقد أدار الجيش العربي المصطفوي معركة غير متكافئة، ولكن حساباته كانت في الشهادة والاستبسال، وعيونه ترنو إلى القدس، فقدم الشهداء الذين هم في غالبيتهم من فئة الشباب الذي قاتلوا بكل شجاعة، مقابل العدو الذي تحققت له السيطرة الجوية، والتسلل الى كل شبكات الاتصالات العربية وتعطيلها.


ويوضح المجالي: أن معركة تل الذخيرة في حي الشيخ جراح دخلت التاريخ العسكري، وقدمت دروس التضحية والفداء والصمود والشجاعة لجيش لا يعرف أي معنى للهزيمة، ولكن الهزيمة حصلت لعوامل خارجة عن قوة وقدرة الجيش الأردني، وكانت خسائر العدو فادحة امام قواتنا، منوهاً إلى أن " تركيز العدو على حي الشيخ جراح بسبب أنه بوابة القدس من الجهة الشمالية الغربية، وقد حاول العدو احتلالها خلال حرب فلسطين عام 1948"، بحسب تعبيره.


ويستذكر بطولة الجيش الاردني في تلك المعركة، مشيرا إلى قادة السرايا الثلاث، وهم: الرائد سليمان السلايطة، والنقيب نبيه السحيمات، والرائد حمود أبو قاعود، حيث نسجوا راية الصمود في موقع الشيخ جراح العربي، الذي اختاره العدو ليكون متحفا لقصة حرب حزيران، إذ أدركوا ان اقسى معركة خاضوها كانت مع الجيش الأردني في "تل الذخيرة"، لافتا الى أنه ورغم "استبسال جنودنا، الا أن ظروف الحرب أدت إلى الهزيمة".


"وكانت الحرب التي أصبحت وجعا في نفس كل جندي أردني، واحتقنت الصدور حتى كانت معركة الكرامة الأردنية في 21 آذار 1968، إذ صنع الجيش الأردني ذلك النصر الساحق الذي اسقط القناع عن عدو لا يقهر، وثأر لحرب حزيران ونسف آثارها وأعاد الثقة والكرامة للعرب، فكانت الكرامة بنصرها الأردني، هدية لكل العرب ولا زالت الشاهد على بطولة الجيش العربي الأردني وقيادته الهاشمية المظفرة"، يختم المؤرخ المجالي.


بدوره يقول النائب السابق هايل ودعان الدعجة، إن حرب حزيران تمثل انعطافة هامة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، ونقطة تحول، ما تزال تداعياتها مستمرة حتى يومنا هذا، حيث خاضها الأردن من منطلق الواجب القومي والعروبي، وهو الذي لا يتخلى عن دوره في نصرة القضايا العربية، رغم الإخفاق العربي في توحيد الجهود، ووضع الخطط العسكرية، فضلا عن الارتجال وغياب التنسيق بين الجيوش العربية، حينذاك.


ومع ذلك، يتابع، فقد دخل الأردن الحرب بكل بسالة وشجاعة وبطولة، موقعاً خسائر فادحة في صفوف العدو الإسرائيلي الذي رمى بكل ثقله على الجبهة الأردنية التي تحملت عبء المعركة باعتراف قيادات عربية وعسكرية إسرائيلية بالمواقف البطولية التي سطرها الجيش الأردني على أرض المعركة.


ويشير الدعجة إلى أن الأردن كان يدرك المخططات والأطماع الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس، والرغبة لدى الكيان الإسرائيلي لتوسيع نطاق عمقه الاستراتيجي ومجاله الجغرافي، وأن المعركة واقعة لا محالة، حيث تكرست القناعة لدى المغفور له جلالة الملك الحسين، طيب الله ثراه، بضرورة تحالف الدول العربية وطي صفحة الخلافات بينها، لافتاً إلى أن موقف الأردن من الحرب، جاء متماهياً مع رسالته العروبية بضرورة توحيد الجهود العربية وتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك لمواجهة المخاطر والتهديدات التي تستهدف المنظومة العربية، إضافة إلى عدم تأخره عن خوض أي معركة تشن من أجل فلسطين.


ويبين أن الأردن استمر في تقديم واجبه لنصرة فلسطين، ليس على الصعيد العسكري فحسب، وانما على الصعيدين السياسي والدبلوماسي، وذلك من منطلق التأكيد على المواقف والثوابت الأردنية، في إشارة إلى تعامل الأردن مع هذا الملف ضمن أقصى طاقاته وإمكاناته.


وفي سياق متصل، يشير الدعجة إلى حرص جلالة الملك عبد الله الثاني على وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته في التعامل مع القضية الفلسطينية بشكل عام والقدس الشريف بشكل خاص، انطلاقاً من الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، والدور الأردني الديني والتاريخي في الحفاظ على الوضع القائم، والحيلولة دون تهويد القدس وتغيير هويتها وطابعها ومعالمها العربية والإسلامية والتاريخية.


ويؤكد، أن القضية الفلسطينية كانت وستبقى القضية العربية المركزية الأولى، وأن السلام العادل والدائم، الذي يلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق هو خيار استراتيجي أردني فلسطيني عربي، والأردن سيستمر في العمل مع الأشقاء والأصدقاء في المجتمع الدولي على تحقيقه وفق الأسس التي تضمن عدالته وديمومته وقبول الشعوب به.


المصدر- بترا