
القلعة نيوز - تحسين أحمد التل:
كثيرون جداً الذين يتغنون بسيرة الشهيد وصفي التل، يمتدحونه لإنجازاته، وعظيم صنعه، وقدرته على صناعة المعجزات التي لا تتحقق إلا على أيدي الرجال الذين أخلصوا النية، وخدموا الوطن دون مقابل، ودون رواتب فلكية وامتيازات لا يستحقونها.
وصفي التل، ذلك الرمح العربي الأصيل، وسيف الحق على الباطل، عمل على تأسيس دولة عريقة؛ اعتمدت على الذات، وكانت تستند فيما تستند إليه الى عمق عربي يدعم توجهات الرئيس التل في إنشاء منظومة حكم تعتمد على الذات، وعمق استراتيجي في مواجهة المد الصهيوني، الإمبريالي، الغربي.
كثيرون كانوا يعرفونه، ويعرفون كيف كان يفكر، وكيف كان ينظر الى المستقبل، بعكس من جاءوا بعده...
بطبيعة الحال، أنا لن أتحدث كثيراً عن دولة وصفي التل، لأن شهادتي فيه لن تغير أو تبدل من تاريخه العظيم، لكن ونحن بصدد الحديث دائماً عن حياة الشهيد، أو تحليل سيرته الذاتية، وتشريح إنجازات حكوماته المتعددة، يجب علينا أن لا ننسى نظرة بعض الشعراء عندما كتبوا عنه، وأبدعوا في الوصف.
شاعر أردني، بالأصل هو محامي، إسمه محمود المطلق قناة، بيته في إربد يقع مقابل مجمع فوعرا، يُعد من أصدقاء الشاعر (مصطفى وهبي) التل، وكان يشارك عرار في مكتب محاماة في الثلاثينات من القرن الماضي، وقد ألف كتاب عن عرار أطلق عليه عشيات وادي اليابس، جمع فيه العديد من القصائد.
بعد استشهاد دولة وصفي التل، نُشرت عشرات النصوص الشعرية، وآلاف النصوص الأدبية والسياسية بحق الشهيد، ومن بين ما قرأت، أبيات جميلة للشاعر محمود المطلق يقول فيها:
هلً الربيع ونور الدفلى وبدَتْ تُكفكِفُ دمعَها الثكلى
نوديتَ يا وصفي فقُل للمرجفينَ ورهطِهم اُبلا
وهناك قصيدة واحدة عن دولة وصفي التل من بين ثلاث قصائد لم نعثر على غيرها، كتبها الشاعر محمود المطلق؛ عندما سمع أن دولة وصفي التل يريد تعيينه في منصب هام، طبعاً كانت إشاعة، تداولها البعض على سبيل المزاح مع الشاعر محمود المطلق، وجاءت على الشكل التالي:
وصفي قد زفَّ ليَ البُشْرَى بخلاصي من (عَرَقِ النجمَة)
واليومَ تطوف بأحلامي سَحَّارة (وسْكيٍّ) فخمة
وتُحدِّثني نفسِيْ أنّي قد أُصبحُ من أهلِ النعمة
أو أصبحُ دُبْلوماسيّا أو أحْضُر مؤتمرَ القمَّة
أو أني قد أُمْضي عامينِ ولستُ بمشغولِ الذمَّة
أَنِزارُ صدودكَ ليس له عنّي من معنًى أو طَعمة
فحياة الأزرق قد أغنت عن لوث الشونة والحِمَّة
والجائع قد يغريه المجدُ وقد لا تُغْويه اللقمة
أستغفر ربّي إن له في كل تَحَرُّكَةٍ حكمة