القلعة نيوز : كان الاتحاد السوفييتي في السابق وقبل تفكيكه في العام 1991 يمثل القوة العسكرية والنووية العظمى في العالم التي تواجه الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت أوروبا بل ومعظم دول العالم منقسمة الى المعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفييتي والمزود لمعظم دول العالم بالسلاح ويتبعه حلف وارسو العسكري لدول أوروبا الشرقية والمناصرة للقضايا العربية وخصوصا القضية الفلسطينية التي تمثل قضية العرب الأولى، حيث كانت تلك المواقف ابان الحقبة السابقة.
ولا سيما في عهد الرئيس السوفييتي ليونيد بريجنيف في فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، والمعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة ويتبعه حلف شمال الأطلسي لدول أوروبا الغربية.
وهناك العديد من االاتفاقيات الموقعة بينهما للحد من سباق التسلح وانتشار الأسلحة النووية.
وكان الصراع محتدما من الطرفين حول القضايا والنزاعات في العالم، وكل ينظر اليها حسب مصالحه ومواقفه ووجهات نظره والتي يغلب عليها الاختلاف عموما.
تفكك الاتحاد السوفييتي في العام 1991 الى جمهوريات عدة ولكل منها رئيس جمهورية، ومنها جمهورية روسيا وجمهورية أوكرانيا اضافة الى جمهوريات كل من أرمينيا، جورجيا، أوزبكستان، الشيشان، لاتفيا، لوتوانيا سلوفينيا، بيلا روسيا، طكجستان، وغيرها.
تعود جذور الخلاف بين روسيا وأوكرانيا الى ضم روسيا لجزيرة القرم في العام 2016 والتي تعتبرها أراضا روسية،
بينما تطالب بها أوكرانيا، والطلبات المتكررة من روسيا للغرب بتقديم ضمانات أمنية اليها ازاء أوكرانيا ونزع سلاحها التي تعتبر دولة نووية وأن تكون على الحياد.
سبق اندلاع الحرب تهديدات روسية صريحة وضمنية بشنها على أوكرانيا والتكهنات ببدئها وكان البعض لا يأخذها على محمل الجد، الى أن جاء يوم 24/2/2022 بتنفيذ التهديدات وبدء العمليات العسكرية الروسية تجاه أوكرانيا وقد قاربت على الشهر وسقط فيها الاف من الضحايا بين الطرفين وتدمير الممتلكات والبنية التحتية وفرار وتدفق ما يقارب ثلاثة ملايين لاجئ أوكراني الى دول أوروبا والذي من المتوقع أن يزداد حسب تقديرات الأمم المتحدة الى 12 مليون لاجئ تاركين منازلهم وأعمالهم وممتلكاتهم وتمثل أكبر أزمة انسانية شهدها العالم.
دخلت روسيا الحرب وكانت توقعاتها أن لا تستمر أكثر من بضعة أيام، الا أنها فوجئت بالمقاومة الشديدة وبحجم الدعم الأمريكي والأوروبي المالي والعسكري لأوكرانيا وفرض العقوبات، والذي لم يكن ذلك في الحسبان بشكل دقيق.
وامتد ذلك الى تأثر اقتصادها ومواردها المالية لاستمرار الحرب لأكثر من المتوقع وبفعل العقوبات الشديدة عليها، وشمل ذلك التأثير أيضا اقتصادات الولايات المتحدة ودول أوروبا ودول العالم الأخرى والمنطقة العربية للتداخل بينهم، حيث يعتبر العالم قرية صغيرة يتأثر سريعا بما يجري حوله من حروب أو أزمات أو صراعات أو توترات.
وفيما ملخص لتلك الأثار وعلى شكل نقاط موجزة :
أولا : الاقتصاد الروسي
1- وفقا للباحثين والتقارير الدولية، فان تكاليف الحرب على الاقتصاد الروسي تتجاوز 20 مليار دولار يوميا ويزداد مع تزايد الأعمال العسكرية واطالة أمدها.
2- خسارة الموارد المالية لروسيا التي كانت تحول من أوروبا مقابل النفط والغاز الروسي والتي تقدر بمبلغ 722 مليون دولار يوميا.
3- انقطاع امدادات النفط الروسية الى الأسواق الدولية اعتبارا من بداية شهر نيسان المقبل والذي يقدر بثلاثة ملايين برميل يوميا وما سيخلف ذلك من ارباك في الأسواق، وعدم التعويض عنه من قبل دول نفطية مصدرة أخرى.
مع تحذير وكالة الطاقة الدولية خشيتها من صدمة في امدادات النفط العالمية بعد أسبوعين.
اضافة الى توقف امدادات الغذاء من روسيا وأوكرانيا الى الخارج ولا سيما القمح والذرة والحبوب والزيوت النباتية والأسمدة، مما ساهم ذلك في ارتفاع الأسعار العالمية لها نتيجة زيادة الطلب العالمي وقلة المعروض.
4- فرض الحظر الأمريكي والأوروبي على النفط والغاز المستورد من روسيا وتقليل الاعتماد الأوروبي عليه تدريجيا، حيث تعتمد القارة الأوروبية بمجملها بنسبة 40% من احتياجاتها على الغاز الروسي المستورد، بينما تعتمد ألمانيا بمفردها بنسبة 60%.
5- تجميد أرصدة احتياطي العملات الأجنبية لروسيا لدى البنوك المركزية في الدول الأخرى.
حيث يبلغ اجمالي الاحتياطي 630 مليار دولار مودع نصفه بعملات الدولار واليورو والين الياباني لدى بنوك مركزية خارجية، ويحظر عليها التصرف بها بفعل العقوبات ( مقيد السحب منها ).
والنصف الاخر على شكل أوراق مالية وسندات وعملات أخرى ومنها اليوان الصيني الذي يستخدم في المبادلات التجارية مع الصين.
6- تخفيض التصنيف الائتماني الدولي لروسيا الى أدنى درجة ممكنة وهي دون الدرجة الاستثمارية، مما يرفع من تكاليفها في التمويل والاقتراض والاستثمار والشركات العاملة بداخلها.
7- الانخفاض في سعر صرف العملة الوطنية ( الروبل ) حيث وصل الى 106 روبلات مقابل الدولار.
8- اعلان البنك المركزي الروسي رفع سعر الفائدة على الروبل من 9،5% سنويا الى 20% سنويا لدعم العملة الروسية والحفاظ على الاستقرار المالي وحماية مدخرات المواطنين الروس من التأكل،
وهو أعلى مستوى يصل اليه سعر الفائدة منذ العام 2013.
9- لجوء روسيا الى سداد التزاماتها الخارجية بعملة الروبل بدلا من الدولار للقيود المفروضة على حساباتها بالدولار في الخارج، مما سيؤثر عليها سلبا أمام الدائنين والمستثمرين وقدرتها في الحصول على التمويلات اللازمة.
وقد حذرت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني من أن استخدام روسيا للروبل في السداد يعتبر تخلفا عن السداد، وأن عليها الدفع بالدولار لتفادي اعتبارها متعثرة بالسداد.
10- انسحاب شركات أجنبية في قطاع النفط والسيارات والأغذية والملابس بشكل فوري وتعليق البعض الاخر لأعمالها في السوق الروسي، ومقاطعة الكثير من الشركات العملاقة الغربية لروسيا.
11- وقف الطيران الأوروبي الى روسيا وعدم التحليق فوق الأجواء الروسية، وايقاف الناقل الجوي الوطني الروسي لطائراته الى الخارج وما يترتب على ذلك من خسائر مالية وتعطيل حركة الطائرات والمطارات والمسافرين، مما يفاقم الأعباء على الخزينة الروسية.
12- ظهور مخاوف من قيام الولايات المتحدة من مصادرة أصول النقد الأجنبي الروسي ( الأموال السيادية الروسية ).
13- مع استمرار الحرب وعدم ظهور افق لتوقفها والتي لم تنته بسرعة حسب التوقعات، فقد بدأت تظهر ملامح التكلفة الاقتصادية لتلك الحرب ( الفاتورة الاقتصادية ) وتكبدها خسائر اقتصادية كبيرة تزيد عن ضعف اقتصادها وتؤخر تقدمها التكنولوجي.
14- اللجوء الى التحذيرات والتهديدات النووية في التصريحات الرسمية لمواجهة العقوبات الشديدة،
وما يشكل ذلك من مخاطر كبيرة على الأمن والاستقرار والسلم العالمي.
ثانيا : الاقتصاد الأمريكي
1- فرض حظر أمريكي على واردات النفط الروسي ضمن حزمة العقوبات التي فرضت على روسيا وأثر ذلك على امدادات النفط اليها، رغم أن الولايات المتحدة هي الدولة الأولى في العالم بانتاج النفط يليها روسيا ثم السعودية، واعلان الرئاسة الأوكرانية أن العقوبات غير كافية لانهاء الحرب.
وقد انعكس هذا الاجراء على ارتفاع أسعار النفط عالميا ولجوئها الى الطلب من دول نفطية أخرى مثل السعودية الى تعويض الانقطاع والتي لم تتجاوب مع الطلب ومارست قرارها السيادي ولم تقبل زيادة الانتاج لأنها لا تريد أن تقحم نفسها في الصراع، ونعلم تماما أن زيادة الأسعار تعني تقليل الطلب وابطاء النمو الاقتصادي العالمي وينعكس سلبا على الدول المصدرة للنفط، وهي حريصة على استقرار أسواق النفط.
2- ارتفاع التضخم ( الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك ) في الولايات المتحدة الى مستويات غير مسبوقة منذ 40 عاما، اذ وصل الى 8%.
3- ارتفاع مؤشر الدولار عالميا مقابل سلة من العملات الرئيسية بفعل الاقبال الكبير من المستثمرين على العملة الأمريكية للتحوط من التداعيات العنيفة للحرب في أوكرانيا وتأزم الأوضاع في أوروبا وارتفاعات نسبية للسندات الأمريكية لأجل عشر سنوات، وأثبت أنه لا زال العملة التحوطية المهيمنة في العالم مع الاستفادة من وضعه كملاذ استثماري.
والسبب الاخر لارتفاع مؤشر الدولار، أن هذه العملة هي اخر ما يتوقع انهياره أو من الصعب انهياره في حال حدوث أي طارئ في العالم، وخصوصا بعدما أثبتت الولايات المتحدة في هذه الحرب أنها تمسك حبال الاقتصاد العالمي بقوة، وأنها ما زالت قادرة على تحدي دولة عظمى مثل روسيا اقتصاديا بدون تردد أو خوف.
كما أن أهم سبب للثقة بالدولار الأمريكي أنه عملة العالم أجمع، حتى الدول المعادية لأمريكا لا مصلحة لهم بانهيار الدولار، لان احتياطياتهم وسنداتهم وأصول شركاتهم مقومة بالدولار.
4- اعلان مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي ) بتاريخ 16/3/2022 رفع سعر الفائدة بواقع ربع نقطة مئوية ( 0،25% ) كاحدى أدوات السياسة النقدية التي يستخدمها لكبح جماح التضخم، وتهدئة الأسواق المالية والائتمانية، والتقليل من الاستهلاك الذي ارتفع نتيجة التعافي من الجائحة وتنامي الدخل، وللحد من الاقبال على الائتمان، حيث كان اخر رفع من طرفه في العام 2018 أي قبل أربع سنوات.
ومبررا المجلس للزيادة أن الاقتصاد في وضع جيد للتعامل مع ارتفاع أسعار الفوائد، وأن ارتفاع أسعار الطاقة تضع ضغوطا كبيرة على التضخم.
وقد توقع رئيس الفيدرالي في المؤتمر الصحفي بعد اعلان رفع الفائدة، أن التضخم سيبقى أعلى من توقعاته وسيأخذ التضخم وقتا طويلا ويظل عاليا طوال هذا العام ليعود الى مستوى التوقع الأولي 2%، وأنه قبل غزو روسيا لأوكرانيا كان من المتوقع أن يبدأ التضخم بالتراجع والتقلص من أواخر الربع الأول لهذا العام الا أن ذلك تغير، ولا يرى أن هناك مخاوف للركود في الوقت القادم فالاقتصاد قوي وكذلك الأوراق المالية وسوق العمل ولا يوجد اشارات نحو الركود الاقتصادي، وأن الأجور ترتفع بأعلى وتيرة منذ عدة سنوات.
ويأتي هذا ضمن سلسلة توقعات برفع سعر الفائدة هذا العام من خلال خمس مراجعات أخرى ستتم لاحقا لسعر الفائدة وبمقدار ربع نقطة مئوية لكل زيادة ضمن تشديد السياسة النقدية وسط التوترات الجيوسياسية المتزايدة، ليصل بحلول نهاية هذا العام حسب توقعات الفيدرالي الأمريكي في نطاق من 1،75% الى 2%، وتوقع أيضا أن يظل التضخم مرتفعا حتى منتصف هذا العام كما أنه توقع أن تستمر اضطرابات الامدادات لفترة أطول من المتوقع، وأن يبلغ التضخم 4،3% ومعدل البطالة 3،5% في الولايات المتحدة للعام 2022.
5- التسريع في اصدار الأمر التنفيذي بتاريخ 9/3/ 2022 من الادارة الأمريكية باطلاق الدولار الرقمي وتكليف الوكالات الفيدرالية باجراء أبحاث في العملات المشفرة ووضع التوصيات بشأن السياسات المتعلقة بسوق العملات الرقمية، وقد أدى ذلك الاجراء الى انتعاش العملات المشفرة الرئيسية وأبرزها البيتكوين بالرغم من التحذيرات بالتداول بها كونها تحمل خطورة كبيرة وخاصة للمستثمرين الصغار لانها أصل مجهول التعامل والتعاملات.
6- الاعلان عن تقديم مساعدات عسكرية عاجلة الى أوكرانيا بحجم يصل الى 13 مليار دولار.
وعدم رغبتها بارسال قوات أمريكية أو أوروبية الى أوكرانيا تجنبا للمواجهة المباشرة مع الروس، وأثر ذلك على الأمن والسلم العالمي والتحذيرات من استخدام الأسلحة النووية في حال نشوب حرب عالمية ثالثة.
ثالثا : الاقتصاد العالمي
1- لم يكد الاقتصاد العالمي يتعافى تدريجيا من أزمة فيروسية لجائحة كورونا بعد مضي سنتين على التدهور الاقتصادي واثارها المدمرة على الاقتصاد العالمي، حتى دخل في أزمة عسكرية بالحرب في أوكرانيا وما يتبعها من تداعيات وانعكاسات سلبية على الاقتصاد.
2- اعلان صندوق النقد الدولي بتاريخ 5/3/2022 أن الحرب المستمرة والعقوبات المرتبطة بها سيكون لها تأثير شديد على الاقتصاد العالمي، وأنه يتعين على السلطات تقديم الدعم المالي للأسر الفقيرة التي يشكل الغذاء والوقود نسبة أعلى من النفقات، وأن الأضرار الاقتصادية ستزداد مع تصاعد الحرب.
3- خفض صندوق النقد الدولي لتوقعات النمو الاقتصادي العالمي ( الناتج المحلي الاجمالي العالمي ) للعام 2022 الى 4،4% وسط حالة عدم اليقين مقابل توقعات سابقة في بداية العام الحالي نسبتها 4،9%.
أما منظمة التعاون الاقتصادي، فقد حذرت بتاريخ 17/3/2022 الى أن الناتج المحلي الاجمالي العالمي قد ينخفض بمقدار 1% في العام 2022 بفعل اثار الحرب.
4- تزايد المخاوف المتعلقة باستقرار أسواق الطاقة والغذاء وأسعار السلع الزراعية والمعادن والتي قفزت أسعارها الى مستويات غير مسبوقة، أصبح فيه أمن الطاقة والأمن الغذائي مهددان وكذلك الامدادات وسلاسل التوريد.
5- الاقبال على الاستثمار في الذهب كملاذ أمن في الأوقات والأوضاع التي تكتنفها المخاطر، اضافة الى أنه أصل معروف ومختلف عن العملات المشفرة ولديه مستقبل أكبر.
ووفقا لنشرة مجلس الذهب العالمي لهذا الشهر، تحتل السعودية المرتبة الأولى عربيا باحتياطي الذهب حيث يبلغ 323 طنا، يليها لبنان 287 طنا ثم الجزائر 187 طنا.
أما العراق فيحل خامسا 96 طنا، ومصر سادسا 81 طنا، ودولة الامارات سابعا 56 طنا، والأردن عاشرا 44 طنا.
6- يمكن اعتبار معظم دول العالم خاسرا اقتصاديا من الصراع الدائر، حيث سيؤدي الارتفاع المتزايد لأسعار المواد الغذائية والطاقة الى زيادة التضخم من أسيا الى أوروبا الى الولايات المتحدة، مما يضغط على ميزانيات الدول والأسر كما كان الحال في السنة الأولى لوباء كورونا.
وأن العقوبات الغربية والاضطرابات اللوجستية يمكن أن تخنق الامدادات الوفيرة من النفط والغاز والحبوب والمعادن والأسمدة لروسيا التي يحتل اقتصادها المرتبة الحادية عشرة في العالم، ومورد رئيسي للطاقة الى أوروبا ومصدر مهم للمعادن المستخدمة في المصانع في جميع أنحاء العالم، وتخضع لعقوبات تهدف الى شل اقتصادها وتضييق مصادر الأموال لوقف حربها على أوكرانيا.
7- الانقسام في مفهوم التجارة الدولية والاقتصاد العالمي والذي بدأ يتشكل بحيث يعيد تقسيم العالم مجددا الى معسكرين منفصلين، وستكون التجارة والاقتصاد هما الضحية الأكبر.
8- لجوء الصين وروسيا متحدتين لمنظومة مالية بديلة عن منظومة السويفت المعتمدة دوليا والتي قد تعني فعليا وعمليا القضاء على مفهوم العولمة المسيطر على اقتصاد العالم، واستحداث منظومتين متنافستين تقسمان العالم بين تكتلين مهمين.
رابعا : الاقتصاد الأوروبي
1- فرض حظر أوروبي على امدادات النفط والغاز الواردة من روسيا، والبدء بالتخفيض التدريجي في الاعتماد على الطاقة القادمة منها، والبحث عن البدائل والكلف المناسبة.
2- بروز تيارين داخل الاتحاد الأوروبي تجاه فرض العقوبات، احدهما المتشدد وبقوده بريطانيا وفرنسا، والاخر غير المتشدد ويقوده ألمانيا وايطاليا لمصالحهما المتشابكة مع روسيا في مجال الطاقة وخصوصا الغاز الذي تعتمدان عليه بشكل أساسي من روسيا.
3- توقف الطيران المدني الأوروبي نحو روسيا، وما تبع ذلك من خسارة العائدات المالية من جراء التوقف.
4- زعزعة العقوبات المفروضة على روسيا لاستقرار الأسواق الأوروبية والعالمية معا.
5- استقبال القارة الأوروبية للملايين من اللاجئين الأوكرانيين وفتح حدودها لهم وتسهيل تنقلهم داخلها، وما سينشأ عن ذلك من ضغوطات على البنية التحتية والموارد وتوفير سبل الاقامة والعيش والعمل والدراسة والتي قد تمتد لفترة زمنية طويلة.
6- التراجع في سعر العملة الأوروبية الموحدة ( اليورو ) مقابل الدولار الأمريكي الى أدنى مستوى له منذ سنتين ليسجل أقل من 1،10 دولار، في وقت تخيم فيه الحرب في أوكرانيا على تعافي منطقة اليورو اقتصاديا من أزمة الجائحة.
7- لحاق بنك انجلترا المركزي للفيدرالي الأمريكي برفع سعر الفائدة ربع نقطة مئوية ليصل الى ثلاثة أرباع النقطة ( 0،75%)، وعدم استبعاده لبلوغ التضخم نسبة 8% هذا العام.
8- تعطل مصانع السيارات في أوروبا التي تعتمد على مواد أولية تصنع في أوكرانيا وتورد اليها مما يخلق أزمة كبيرة في سلاسل التوريد ومواعيد التسليم وستلقي بطلالها على أداء الشركات والأسواق حول العالم.
خامسا : اقتصادات دول الخليج والشرق الأوسط وشمال افريقيا
1- تحذير البنك الدولي من أن ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء بسبب الحرب في أوكرانيا قد يفاقم مخاوف الأمن الغذائي القائمة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
وأن ارتفاع أسعار الغذاء العالمية قد تؤدي الى انعدام الأمن الغذائي واضطرابات اجتماعية نظرا لكون روسيا وأوكرانيا من كبار مصدري القمح والذرة والشعير والزيوت النباتية لتلك الدول.
اذا علمنا أن مصر وذات الكثافة السكانية الكبيرة وكمثال على ذلك، تعنمد على أوكرانيا وروسيا بنسبة 60% من احتياجاتها السنوية من القمح ولديها مخزون استراتيجي يكفي لنهاية العام الحالي وستلجأ الى مصادر أخرى بديلة في التوريد حسب اعلانها بذلك، والارتفاع في أسعار القمح سيؤدي الى ارتفاع فاتورة الواردات من الخارج وزيادة العجز في ميزان المدفوعات.
ان الاعتماد الكبير لمعظم الدول العربية وخصوصا مصر ولبنان وليبيا واليمن على واردات القمح من روسيا وأوكرانيا يمثل تحديا للأمن الغذائي العربي وخاصة مع ارتفاع الأسعار وتأثيرها على ذوي الدخل المحدود، الأمر الذي يستدعي ايلاء الأمن الغذائي أولوية وأهمية كبرى من خلال الاستثمار في مشاريع زراعية وغذائية والاعتماد على الذات في ظل موارد مالية وفيرة وأراض قابلة للزراعة على امتداد الوطن العربي.
2- تأكيد القيادتان في السعودية ودولة الامارات على أهمية المحافظة على استقرار أسواق الطاقة، والحرص على تحقيق ذلك.
3- تحقيق دول الخليج لمكاسب مالية غير متوقعة بزيادة مدخولاتها نتيجة لارتفاع أسعار النفط والغاز، مما سيمنحها موارد اضافية لتمويل مشاريعها الضخمة والبنية التحتية المرتبطة باقتصاد ما بعد النفط بما في ذلك مصادر الطاقة المتجددة، وسيساعدها في تنويع اقتصاداتها دون الحاجة الى فرض ضرائب جديدة.
وأن بلوغ متوسط سعر برميل النفط 100 دولار أوأعلى في العام 2022، فمن المرجح أن تحقق السعودية فائضا ماليا كبيرا بدلا من العجز في الموازنة الذي بلغ 4،9% من الناتج المحلي الاجمالي في عام 2021.
كما أن أرتفاع أسعار النفط يعد حافزا للدول المصدرة له والتي تعتمد على النفط لزيادة مواردها المالية.
وبالرغم من الاستفادة من ارتفاع أسعار النفط، فان تلك الاستفادة ستنخفض بسبب التضخم العالمي للسلع المستوردة من قبلها من الخارج.
4- التقارب بين الصين والسعودية بناء على ما تملكه من أدوات قوة كالمتانة الاقتصادية والموارد الطبيعية والثقل السياسي.
وقد كشفت الصحف الأمريكية بتاريخ 15/3/2022 أن السعودية تدرس استخدام اليوان الصيني بدلا من الدولار في مبيعات النفط الى الصين التي تستحوذ على 25% من صادرات النفط السعودي، الأمر الذي من شأنه ان تحقق أن يلحق ضررا كبيرا بالدولار الأمريكي الذي يعتبر العملة الرئيسية المتداولة في تسوية مدفوعات النفط بين الدول المصدرة والدول المستوردة.
والعلاقة بين أسعار النفط والدولار عكسية وشائكة للغاية، حيث يسهم ارتفاع أسعار النفط في خفض الدولار بسبب ارتفاع فاتورة واردات النفط الأمريكية وزيادة العجز في ميزان المدفوعات.
أما العلاقة بين أسعار النفط والذهب فهي طردية، فكلما ارتفع سعر النفط يرتفع سعر الذهب، حيث إن البترول مرتبط بالذهب ارتباطا وثيقا ويتم تسعيره حسب سعر الذهب.
ويمكن فك العلاقة بين الدولار والذهب والتي بطبيعتها عكسية، في حال تسعير النفط بغير عملة الدولار أو خفض اعتماد الولايات المتحدة الأمريكية على النفط.
5- قيام البنوك المركزية في دول السعودية، الامارات، البحرين، قطر، الكويت، الأردن برفع سعر الفائدة ربع نقطة مئوية على أثر رفع الفيدرالي لها وبنفس المستوى.