القلعة نيوز - في هذه الحياة يعيش الإنسان تجارب يومية على مدى عمره ، فيستفيد من التجارب الناجحة مع الأشخاص الذين تصادف وجودهم في حياته و الذين يثبت بعد بعض المواقف أنهم من المعادن الطيبة إرثاً و شخصيةً و يشكلون نسيج مشرق يعبر عن الأصالة و المعروف ؛ فلا يمكن للإنسان الأصيل ان ينسى على مدى عمره من كان أهل لخدمة او معروف او موقف قدمته له ربما في أحلك و أدق الضروف لذلك الشخص فتجده دائماً يشعرك أنه لم ينسى مواقفك حتى و لو بالمعاملة الطيبة و التواصل ، فالواجب ان نقدر مشاعرهم و تقديرهم لنا و نبادلهم هذه المشاعر بكل تقدير و عرفان و محبة صادقة .
و هذا هو الجانب المشرق في الحياة و هم الأكثرية العظمى من الناس لأنه كما يقال أهل الخير و المعروف دائماً أكثر .
في المقابل قد يقابلك في الحياة و تجاربها بعض الناس و هم فئة قليلة ، ممن يكونون من المتناسين و الناكرين لأي موقف او معروف تقدم لهم حتى في أشد أوقات محنتهم ، حيث تراهم في المحن و طلب المساعدة يستجدون العطف و يكيلون كلام المبادئ و القيم عن المساعدة و النجدة و ذلك فقط لتحقيق نجاتهم او مصلحتهم . و في غمرة نشوة تقديم المساعدة قد يقوم الإنسان بتقديم هذه المساعدة لمن لا يستحق ( إذا تم تحكيم العقل و العدل ) ؛ فيحصل ان تترجم المساعدة بإعطاء حق لمن لا يستحق بدلاً من شخص آخر مستحق و بتعب و جدارة ، إن كان في تعيين او توظيف ؛ فالعدل ان الذي يستحق هو صاحب التقدير الجيد و الممتاز و ليس المقبول ، و بهذه المساعدة الخاطئة للشخص الخطأ يضيع حق شخص بغير عدالة . فيكون نتيجة هذا الموقف الخاطئ ان يتم إكتشاف ان من تم مساعدته ليس كفؤ لا معدن و لا خُلق و بعد ذلك يظهر نكران الجميل و يبدأ مسلسل تمثيل القيم و الأخلاق للجميع عدا الشخص الذي كان له الفضل بعد الله ، و هذا مرده إلى طبع يغلب التطبع . ما يعزي و يخفف هو المعرفة الأكيدة ان هذا الناكر يعيش يومياً و هو يعرف في داخل نفسه لمن الفضل عليه بكل دينار يأتيه حتى و لو كل الدنيا لا تعرف . و في بعض الحالات يقدم الإنسان المساعدة لإنسان في محنة بسيطة قد تكون إخراجه من حجز او توقيف على سبب بسيط ؛ فتجد هذا الإنسان يعيش كل حياته و هو يشعرك بالإمتنان لدرجة تصيبك بالخجل من كثر تكراره . في المقابل تجد ان يقدم الإنسان مساعدة تنقذ شخص من غياهب السجون و يكون مستحق العقاب الثابت بالأدلة ، و لكن لضرف ما و لتوسلاته و خوفه الشديد بوقتها من العقاب يتم التدخل و الإنقاذ ، و يثبت ان هذه المساعدة و التدخل غير عادلة و لشخص لا يستحق ، لما تراه بعدها من عدم إستقامته و نكرانه و تنكره ، و تجده يعيش تمثيل القيم و المبادئ و هو عنها بعيد .
النتيجة
هي ان الإنسان الأصيل صاحب النخوة قد يقدم المساعدة لأشخاص يستحقون و هذا أمر محمود و له كل التشجيع . بالمقابل قد يخطئ الإنسان الأصيل صاحب النخوة بأن يساعد و ان يصنع لأشخاص حياة ما كانت لتكون لولاه بعد الله ، و قد ينقذ و قد يقوم بكل شيء لكن لأشخاص لا يستحقون لا علماً و لا عدلاً فلذلك تضيع الفرص بسببه على من يستحقون .
المحزن أن تجد بعض الناس ممن يدعون إلى المبادئ و القيم و العدالة و ينادون بها ؛ تجدهم يثنون على الفئة غير المستحقة في الحياة اليومية ، و في هذا تناقض مع أنفسهم ، و ندعو لهم بالهداية و الثبات على المبادئ و القيم .
إن المؤمن من إتعض من تجاربه إن كانت صائبة او كانت خائبة ، و العودة عن الخطأ و عدم تكراره هو من الفضائل .
يقول أحد الحكماء : إذا قام شخص ما بإعادة التجربة مع نفس الأشخاص و بنفس الضروف و بنفس المعطيات و توقع نتائج مختلفة فيكون هذا الشخص بلا عقل .
هي دعوة للجميع بتقديم كل ما يستطيع عليه الإنسان و ما سُخر له للمساعدة ، و أن تكون هذه المساعدة فقط لمن يستحق مجتمعياً او مادياً او علمياً ؛ حتى لا يكون الإنسان سبباً في ضياع حق مستحق لمن له الأحقية .