رئيسة لجنة المرأة وشؤون الأسرة النيابية / النائب الدكتورة زينب البدول
حققت المسارات الإصلاحية التي وجه إليها جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله المزيد من التقدم في مختلف القطاعات بعد أن صدرت التشريعات اللازمة والمتناغمة من تلك المسارات، وقد تابعنا حراكا سياسيا ومجتمعيا واعدا في هذا المجال، وبذلت الحكومة جهدها لتطبيق كافة الإجراءات اللازمة لتفعيل تلك التشريعات، ولتكون ترجمة واقعية للمسارات الإصلاحية خصوصا فيما يتعلق بتمكين المرأة والشباب، وهذه الخطوات تحتاج منا جميعا التفاعل معها والاندماج بها ليتحقق التغيير الإيجابي المنشود.
إن قضايا وشؤون المرأة الأردنية احتلت مساحات هامة منذ عقدين من الزمن، ومنذ تسلم جلالة الملك سلطاته الدستورية وجه سراعا نحو تمكين المرأة من خلال إشراكها في العملية السياسية وتعزيز حضورها في كافة القطاعات، وجاء ذلك معبرا عن إيمان جلالته بأهمية تلك المشاركة والتي ستسهم في دعم العملية التنموية وتحقيق التغيير الإيجابي وتعزيز التماسك المجتمعي، وتطوير العمل المؤسسي ليكون قائما على مبادئ المساواة والعدالة بين الجنسين، ومن هنا فإن الحكومات المتعاقبة وفي إطار تنفيذ التوجيهات الملكية السامية أصدرت ومن خلال مؤسساتها المتعددة استراتيجيات عدة لتمكين المرأة وتحسين نوعية حياتها، كما تم تشكيل العديد من المؤسسات لتكون داعمة ومتابعة لكافة التشريعات والأنظمة والتعليمات والخطط والاستراتيجيات، ولذلك فقد حققت الجهود الملكية الرائدة الفرص الواعدة للنساء للانخراط والتفاعل مع مجمل قضايا الشأن العام.
إن هذه الخطوات وفرت أرضية ملائمة قانونية وإدارية واقتصادية وسياسية للمرأة؛ وهيأت الظروف لها لتكون عنصرا فاعلا في المجتمع، وقد لاحظنا الكثير من قصص النجاح للنساء في الأردن بسبب تلك الإصلاحات، غير أن ثمة تحديات تواجه المرأة الأردنية في هذا السياق بسبب حداثة التجربة وظروف التطور الاجتماعي والتاريخي التي لازمت المرأة منذ تأسيس الدولة الأردنية، حيث أن مسألة تشكيل قيادات نسائية فاعلة في المجتمع ليست بالقضية السهلة.
إن الإصلاح الفكري والاجتماعي يحتاج إلى بنى فوقية وتحتية تتفاعل معا من أجل تحقيق التغير المنشود، وهذا التغير يحتاج الى زمن ومعطيات مادية وثقافية ونفسية، لتكون المرأة قادرة على شق طريقها وتحقيق استقلالها الاقتصادي والسياسي والتعبير عن آرائها بكل قوة واقتدار، ومن هنا فإن الوصول الى حالة نموذجية لأوضاع المرأة مسألة معقدة نسبيا، وتحتاج إلى امتلاك الدافعية والثقة بالنفس لكي تبدأ المرأة برسم خطواتها نحو الوصول الى حقوقها وتعزيز مكانتها، فالدولة الأردنية وفرت البنى الفوقية تشريعيا وسياسيا ومهدت الطريق والحماية اللازمة للمرأة، لكن المسؤولية التالية يجب ان تتحملها المرأة من خلال الإيمان بقدراتها وقدرتها على تحقيق أهدافها، فهي هو منطق الحياة القائم على الصراع والتحولات وبذل الجهد لتحقيق الهدف.
إننا في لجنة المرأة وشؤون الأسرة النيابية بذلنا الجهد لتوفير كافة الدعم والمساندة للمرأة الأردنية خصوصا ما يتعلق بالتشريعات التي تسهم في تحسين واقع المرأة من جهة، أو من خلال التواصل مع القواعد الشعبية وفئات النساء وتوجيه رسائل الإرشاد اللازمة ورفع الوعي لدى المرأة وتحفيزها نحو البدء بعملية التغيير، وقد عملنا من جهة أخرى على متابعة تنفيذ الاستراتيجيات الوطنية المتعلقة بالمرأة لدى كافة الوزارات ومحاولة كسر الجمود في العلاقات العامودية والأفقية لتسهيل وصول النساء إلى المعرفة والمجالات المتاحة في كافة القطاعات وتوجيههن نحو الفرص الرائدة والتي تسهم في تمكينهن اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا، كما يتم التواصل مع مؤسسات المجتمع المدني ومراكز الدراسات والتشبيك معها لاقتراح مزيد من سبل الاتصال والتواصل مع القطاعات النسائية والاسهام في حل المشكلات والتحديات التي تواجههن في سبيل الوصول الى الحقوق والحماية والرعاية.
إن لجنة المرأة النيابية ومن خلال مراجعتها لكافة أدبيات تمكين المرأة الأردنية، تجد أن تعميق الاتصال والتواصل مع الشرائح المجتمعية يسهم في دعم المرأة وتعزيز ثقتها بنفسها، وتشجيع مبادراتها نحو البدء بعملية التغيير، كما تجد أن الانفتاح المدروس على كافة فئات النساء خصوصا في الأرياف والبوادي والمناطق المهمشة، يحتاج الى مزيد من الإجراءات والاهتمام والمعالجة، ابتداءا من تأسيس حواضن مجتمعية نسائية تتصل مباشرة بواقع النساء وتتلمس احتياجاتهن وتقدم الدعم الفكري والنفسي لتشجيعهن على تحقيق طموحاتهن، وتعميق الثقة بقدرتهن على إحداث التغيير الإيجابي الذي ينعكس على نوعية حياتهن بشكل مباشر وغير مباشر.
وختاما يلزمنا القول بأن قضية المرأة الأردنية هي قضية وطن، ولا يمكن التعامل معها بجزئيات هنا وهناك، بل من خلال حزمة تدخلات ذات قيمة وفاعلية تدعم المرأة وتجعلها شريكا فاعلا في بناء هذا الوطن.