القلعة نيوز/ بيروت /سارة مطر / العربي الجديد
استفاق لبنانيون، امس الأحد، على سلسلة إنذارات إسرائيلية جديدة بإخلاء مبانٍ وأماكن حددتها خرائط، لكن اللافت كان توسّع دائرة الاستهدافات خارج الضاحية الجنوبية لبيروت، وتحديداً إلى مناطق عين الرمانة والشياح والحدث التي كانت ضمن المناطق الآمنة نوعاً ما، وصولاً إلى الأنباء عن اغتيال مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله، محمد عفيف، في غارة جوية على منطقة رأس النبع في قلب بيروت الإدارية.
وفور صدور إنذارات الجيش الإسرائيلي شهدت المناطق المذكورة حركة نزوح كثيفة للسكان، وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي معلومات تفيد برمي مناشير تحذيرية وقرع أجراس الكنائس في منطقة الحدث ومحيط عين الرمانة. وطاولت الأضرار كنيسة سيدة النجاة في رأس النبع وفق فيديوهات جرى تداولها.
تسرد إيليان نداف لـ"العربي الجديد" حجم الرعب الذي انتابها مع عائلتها، وتقول: "استفقنا على صوت الرصاص وبوق سيارة إبن الجيران وهو يصيح ويدعونا إلى مغادرة شقتنا في منطقة عين الرمانة، لأن الضربة المحددة بالإنذار تبعد نحو 200 متر، فهرعنا عند ساعات الصباح الأولى بثياب النوم، وتوجهنا إلى منطقة الشفروليه القريبة حيث لازمنا السيارة. وبعد انتهاء الغارات الإسرائيلية، عدنا إلى المنزل ووضبنا أغراضنا الأساسية سريعاً ولاحظنا انتشار الغبار والروائح الكريهة داخل المنزل، كونه يقع في مجمع من ثلاثة مبانٍ، ويفصلنا فقط شارع عن الضاحية الجنوبية للعاصمة، ثم قصدنا منزل ابن عمي في منطقة المنصورية (جبل لبنان)، لكننا سنعود عند ساعات الليل لأن أشغالنا قريبة من المنزل الذي لا يمكن أن نتركه وسط ما نشهده من موجات سرقة".
تضيف: "سنُبقي حقيبة احتياطية داخل السيارة، فالوضع ميؤوس منه، ولا نعرف إلى أي مدى ستمتد الاستهدافات الإسرائيلية المقبلة، والأمل أن تنتهي الحرب. بات الوضع مرعباً، ولم يعد هناك مكان آمن في لبنان".
وتقول صبا سكرية، التي تقيم مع أهلها منذ نحو عشر سنوات في عين الرمانة، لـ"العربي الجديد": "لم نكن اليوم في المنطقة، بل في بلدتنا بمحافظة بعلبك – الهرمل (البقاع الشمالي) حيث الوضع ليس أكثر أمناً، ويوجد منزلنا في عين الرمانة على بعد مبنيين فقط من مكان الإنذار المحدد في الخريطة. وكنت علمت بحركة نزوح كثيفة لأهالي وسكان المنطقة، لكن الاستهداف اليوم كان مفاجئاً جدّاً، إذ يفترض أن المنطقة آمنة وتسير فيها الحياة والأعمال بشكل طبيعي. وقد نزحت ابنة عمي إلى منزل والدتها في منطقة مارالياس (وسط بيروت)".
وتتحدث عن أن "الضربة الإسرائيلية استهدفت مبنى سكنيّاً من 12 طابقاً في قلب عين الرمانة، وقد هرب سكانه فور الإنذار. وقبل أسبوع فرّ أصدقاء لنا يقيمون في منطقة غاليري سمعان (الضاحية الجنوبية)، وظلوا داخل سياراتهم في منطقة سن الفيل القريبة من مكان سكنهم في انتظار انتهاء الغارة الإسرائيلية، ثم عادوا حين انتهت الغارة. وأنا سأعود إلى عين الرمانة بعد أن يهدأ الوضع الأمني".
من جهته، يروي داني أبي خليل لـ"العربي الجديد" أنه هرع صباحاً لإخراج والديه من منزلهما في شارع مار جرجس القريب من مستشفى الحياة في منطقة الشياح، لكنهما رفضا المغادرة. ويقول: "لم يقبلا ترك المنزل، واصرا على أن الضربة بعيدة، رغم أنها حصلت بفارق شارعين". ويرى أن "توسّع الضربات الإسرائيلية يدل على أن جيش الاحتلال يلاحق طائفة محددة أينما وُجدت، ويواصل التدمير بشكل أكبر لفرض شروطه، والضغط على المناطق المحسوبة على المسيحيين كي لا تحتضن النازحين من الطائفة الشيعية".
يتابع: "نشهد حالياً نزوحاً ولجوءاً إلى منازل أبناء أو أقارب لمدة وجيزة ثم العودة في حال كانت المنازل غير متضررة، لكن الخوف موجود ولمسته من جيراننا الذين يخشون الوجود قرب مبانٍ قد تكون مستهدفة. غادر أهل زوجة شقيقي منزلهم القريب من منطقة الطيونة (المحاذية للضاحية)، وذهبوا إلى منزل شقيقي في بعبدا (جبل لبنان)".
وتشير مايا الخوري من منطقة الحدث، إلى أنها لا تزال برفقة أهلها في منزلهم، رغم أنه قريب من مبنى استهدف صباحاً ولا يفصله سوى شارعين، وتقول لـ"العربي الجديد": "عندما وصل التهديد، غادر المحيطون بالمبنى المحدد بالإنذار، وعادوا بعد وقف الغارات الإسرائيلية، وفقط سكان المبنى المستهدف لم يعودوا لتضرره بالكامل". وترى أن "استهداف الجيش الإسرائيلي مناطق محسوبة على المسيحيين، حيث لا وجود لحزب الله، يدل على محاولته تحريض الرأي العام ضد المقاومة. لكن رغم الاختلاف السياسي سمعت من جيراننا أن ما نملكه من وعي كافٍ يؤكد أن الضربات الإسرائيلية هي فقط للأذى ولتحريضنا ضد أهلنا وشركائنا في الوطن".
المصدر : العربي الجديد