شريط الأخبار
الشرع: واشنطن لا تضغط على دمشق للتوصل إلى اتفاق مع إسرائيل ولي العهد يعقد لقاءات مع أعضاء من الكونغرس الأمريكي في واشنطن ترحيب عربي ودولي واسع بخارطة الطريق الأردنية السورية الأميركية بشأن السويداء الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على إسرائيل السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك سفيرة الأردن في المغرب تستقبل نائبة رئيس مجلس جهة فاس / مكناس خديجة حجوبي الأردن يشارك في الاجتماع التنسيقي العربي للقمة العربية الروسية الأردن يدين فتح سفارة لجمهورية فيجي في القدس 3 شهداء في غارة لمسيّرة إسرائيلية على البقاع اللبناني البابا: أعرب عن قربي من الشعب الفلسطيني في غزة الأردن وقطر: شراكة متجددة بإرادة سياسية ورؤية اقتصادية مشتركة وزير الزراعة: "المهندسين الزراعيين" شريك استراتيجي في تحديث القطاع جامعة البلقاء التطبيقية تحصد المركز الأول في هاكاثون "نبتكر لسلامة الأغذية" بالرياض عبر مبادرة Basket of Life ريال مدريد يخسر خدمات أرنولد لفترة طويلة الأسواق العالمية في حالة ترقب.. استقرار الأسهم وتراجع الذهب قبل قرار الفيدرالي الأمريكي بوتين يمدد العقوبات المضادة المفروضة على الدول غير الصديقة حتى نهاية عام 2027 الأهلي المصري يصدر بيانا حاسما بعد انتشار إشاعات "طلب زيزو" المثير للجدل وزير روسي: اقتصادنا سينمو رغم أسعار الفائدة المرتفعة "لن نسمح بتمزيق أمريكا": لماذا يسعى ترامب لمحاكمة سوروس؟ مبابي يكشف سر فوز ريال مدريد على مارسيليا

ضريبة العقارات 2025: بين مطرقة الإصلاح وسندان العدالة

ضريبة العقارات 2025: بين مطرقة الإصلاح وسندان العدالة
ضريبة العقارات 2025: بين مطرقة الإصلاح وسندان العدالة
القلعة نيوز
احمد عبدالباسط الرجوب

في أروقة مجلس النواب الأردني، وعلى طاولات النقاش المجتمعي، يحتدم الجدل حول مشروع قانون ضريبة الأبنية والأراضي الجديد. المشروع الذي جاء كرد فعل لأزمة مالية خانقة تعاني منها البلديات، تحوّل إلى ساحة معركة بين دعاة الإصلاح المالي والمدافعين عن العدالة الاجتماعية.

المشهد يذكرنا بورشة بناء كبيرة، حيث تحاول الحكومة أن تضع لبنات نظام ضريبي جديد، بينما يتخوف المواطنون من أن تصبح هذه اللبنات ثقيلة للغاية على كاهلهم. الوزير المصري يشرح بثقة أن النظام الجديد سيكون "أكثر عدالة وأقل اعتماداً على العنصر البشري"، لكن الأصوات الناقدة تردد: "العدالة تحتاج لأكثر من مجرد نوايا حسنة".

في الجانب الرسمي، تتراص الحجج مثل جنود في معركة. الحديث عن نظام إلكتروني متكامل، وعن تقدير عقاري يعتمد على معايير واضحة بدلاً من التقديرات الشخصية، وعن حوافز للمشاريع الخضراء والتراثية. "هذا ليس مجرد تعديل، بل نقلة نوعية"، كما تصفها الوثائق الرسمية. الخصم بنسبة 80% للمساكن المملوكة لساكنيها يظهر كبطل في سيناريو الحكومة، بينما تتراجع شخصية "الضريبة الظالمة" إلى الخلفية.

لكن المشهد ليس وردياً تماماً. في المقاهي الشعبية وفي وسائل التواصل الاجتماعي، تتجسد مخاوف أخرى. هناك قصة أبو محمد، صاحب الأرض الزراعية الصغيرة التي ورثها عن أبيه، والذي يتساءل كيف سيدفع ضريبة على أرض لا تحقق له دخلاً. وهناك أحلام المواطنين من الطبقة الوسطى الذين يعتبرون تملك المنزل آخر معاقل كرامتهم، ويخشون أن تتحول هذه الملكية إلى عبء لا يقدرون على حمله.

المفارقة تكمن في أن كلا الطرفين يتحدث بلغة العدالة. الحكومة ترى العدالة في نظام ضريبي موحد وشامل، بينما يرى المعارضون أن العدالة الحقيقية يجب أن تراعي الفروقات بين المواطنين. السؤال الذي يطفو على السطح: هل يمكن أن تكون الضريبة عادلة عندما تكون نسبتها ثابتة بغض النظر عن دخل المالك وقدرته على السداد؟

في الخلفية، تلوح أزمة البلديات كشبح يطارد المشهد كله. المليار دينار دين لأمانة عمان ليست مجرد رقم، بل هي طوابير النفايات التي لم تُجمع، والشوارع التي لم تُصلح، والخدمات التي تتراجع. لكن هل يحق للبلديات أن تنقذ نفسها على حساب المواطنين؟ أم أن هناك طرقاً أخرى لم تُستكشف بعد؟

نرى بان المشكلة ليست في فرض الضريبة، بل في كيفية تطبيقها. النظم الضريبية الناجحة حول العالم تدمج بين الكفاءة في الجباية والمرونة في التطبيق". السؤال العقاري : لماذا لا نرى إعفاءات للملكيات الصغيرة؟ ولماذا لا يتم ربط الضريبة بقدرة المالك على الدفع؟

في المقابل، مسؤولو البلديات يردون بأن "الوضع لم يعد يحتمل التأجيل". الأرقام تتحدث عن نفسها: مديونية متصاعدة، وخدمات متراجعة، وموازنات عاجزة عن مجارية الاحتياجات الأساسية. لكن هل يعفي هذا الوضع الصعب من ضرورة إيجاد توازن دقيق بين حاجات البلديات وحقوق المواطنين؟

المشهد الأكثر إثارة للقلق هو ذلك المتعلق بمصير الملكيات الصغيرة. ثمة خشية حقيقية من أن تتحول الضريبة من أداة لتمويل الخدمات إلى آلية غير مباشرة لنزع الملكية، عندما يعجز أصحاب الدخل المحدود عن السداد. السيناريو الذي ترسمه بعض الأصوات الناقدة يبدو قاتماً: بيع الميراث العائلي لتسديد الضرائب، وتآكل الطبقة الوسطى، وتركز الثروة العقارية في أيدي القلة.

بين هذا وذاك، تبرز حقيقة لا يمكن تجاهلها: أي إصلاح حقيقي يحتاج إلى توافق مجتمعي. التجارب العالمية تثبت أن النظم الضريبية تنجح عندما يقتنع الناس بعدالتها، لا عندما تُفرض عليهم فرضاً. ربما يكون الوقت قد حان لحوار وطني شامل، يسمع فيه كل الأطراف، وتُوزن فيه كل المصالح، قبل أن يجف حبر هذا القانون.

في النهاية، تبقى المعادلة صعبة: كيف نوازن بين حاجة ملحة للإصلاح المالي، وحق أساسي في العدالة الاجتماعية؟ الجواب قد لا يكون في أقصى هذا الطرف أو ذاك، بل في نقطة وسطى توفق بين المصالح جميعاً. فالإصلاح الحقيقي هو الذي ينطلق من الأرضية المشتركة، لا من المواقف المتعارضة.

خاتمة: نحو حلول توافقية

الخلاف ليس حول ضرورة الإصلاح المالي، بل حول آلياته وعدالته. التوصيات المطروحة تشمل:

. تعديل النسب الضريبية لتراعي الدخل وطبيعة الاستخدام.

· إعفاء الأراضي غير المستغلة أو تقسيط الضريبة حتى تحقيق عائد منها.

· رقابة قضائية على التقديرات العقارية.

· حوار مجتمعي يضمن مشاركة البلديات والمواطنين في صنع القرار.

السؤال الأكبر: هل تُدار الأزمة المالية للبلديات على حساب المواطن البسيط، أم أن هناك بدائل مثل محاربة الفساد ورفع كفاءة التحصيل؟ الجواب سيحدد ما إذا كان هذا القانون "إصلاحًا" أم فاتورة ظالمة.
كاتب وباحث اردني