شريط الأخبار
الرواشدة يطلق مشروع تفعيل الفنون الأدائية ومسرح الشباب الهواة في الأردن أنظمة جديدة لـ "الاعتماد وضمان الجودة" و"صندوق المعونة" و"البحث العلمي" الحكومة توافق على تمويل أوروبي بقيمة 500 مليون يورو وزير الصحة في زيارة مفاجئة لمستشفى الأمير فيصل الأردن يشارك في المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء بالقاهرة قرارات مجلس الوزراء | تفاصيل مديرية الأمن العام تفتح باب التجنيد لحساب كلية الدفاع المدني الجمارك الأردنية تضبط أكثر من نصف مليون حبة كبتاجون مخدر في مركز جمرك الكرامة الجيش يحبط محاولة تهريب بواسطة بالونات على الحدود الشرقية نوقشت في جامعة البلقاء التطبيقية مناقشة رسالة الماجستير للطالبة بنان عبد الله أبو حماد، بإشراف رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور أحمد فخري العجلوني مادونا تناشد البابا: اذهب لغزة قبل فوات الأوان تراجع نمو مبيعات السيارات الكهربائية عالميا إلى 21% في تموز ريال مدريد يعلن الحرب على خطة ميامي ويتحرك رسميا بـ3 خطوات ظاهرة خطيرة في عمان ....كاميرات تصوير في بيوت العزاء الحوثيون يعلنون تنفيذ 4 عمليات عسكرية ضد إسرائيل الشوبكي: الأردن قادر لتوليد الطاقة لكنه لا يخزن.. وعلى المستشفيات ان تتجهز سروال داخلي وظهور لميسي.. مشجع يفاجئ نيمار بهدية غريبة طقس مغبر وشديد الحرارة وتحذيرات من عدم التعرض لأشعة الشمس المباشرة رئيس وزراء نيوزيلندا: ضم غزة أمر مروع.. نتنياهو فقد صوابه وتمادى كثيرا ترمب يهدّد رئيس الاحتياطي الفيدرالي بـ«دعوى قضائية كبرى»

ضَنك صنعناه بأيدينا

ضَنك صنعناه بأيدينا
ضَنك صنعناه بأيدينا.
القلعة نيوز -
عندما تُمسح ذاكرة المواطن لتُشكِّل مواطنًا جديدًا، يخشى جورج أورويل، مؤلف رواية 1984 وحديقة الحيوان، من إعادة تشكيل الوعي الجمعي، وصناعة إنسان جديد ليس له صلة بالمواطن القديم. هل نحن في عالم تتم فيه صياغة إنسان لا نعرفه، على استعداد للقيام بأمور لا تمتّ للواقع، ولا للمعقول، ولا للمقبول بصلة؟

وهنا تحضرني بقوة تلك القصة عن الإنسان الذي يهجر وطنه، فيهجر الأخلاق والانضباط والسلوك السوي، لأنه هنا لا يعرفه أحد. هل بتنا نعيش في واقع افتراضي يظن فيه البعض أنه لا يعرفه أحد؟ هل هناك أشباح من الكثيرين من البشر هي التي تعيش بيننا؟

هناك انفصام نعيش معه يوميًا، من هؤلاء الأشباح الذين نتعامل معهم يوميًا. هذه قصة مواطن يعود إلى أرض الوطن بتحويشة العمر، كما يقولون، ليبدأ رحلة النهاية في أرض الوطن. فهو عاش الغربة، وأخذت منه وأعطته، ويريد نهاية سعيدة، فيقع بين براثن مواطن لا يرحم، يعمل في القطاع العام، وتبدأ رحلة المعاناة التي تنتهي بخسارة المشروع وتحويشة العمر، والعودة إلى الصفر المطلق.

وهنا يخبرني أحدهم بأنه عاد بالسيارة التي لم يعد يملك غيرها، بعد أن خسر قرابة ربع مليون دينار. ربما الخطأ هنا ليس خطأ موظف عطّل المعاملة في أحد البلديات أو الوزارات، أو تشجيع الاستثمار، أو وزارة الصناعة والتجارة، وربما هو أخطأ التقدير أو حساب الجدوى، أو تحديات المشروع التنظيمية والقانونية والمالية والتسويقية والبيروقراطية. ولكن ما هي النتيجة؟

قصص كثيرة مختلفة؛ فصاحبنا هنا علق في البيروقراطية من جهة، ودراسة الواقع والتسويق من جهة أخرى. ولكن إذا غابت الوزارات المتعددة المسؤولة عن القصة، فلماذا تغييب غرف التجارة والصناعة والجمعيات والهيئات التي تملأ الفراغ بكل المسميات التي توحي بالحرفية والتقنية والتطور والحضارة، عن تقديم يد المساعدة لهؤلاء؟

سيعود هذا بقصة يرويها لأبناء الوطن المغتربين في الخارج، عن وطن يأكل الأخضر واليابس، ولا يرحم، ولا يُبقي، ولا يذر. وعندها ستجد أن قصصًا كهذه عن مصانع وشركات ومشاريع ومحاولات فاشلة تنتشر بين المغتربين في الخارج، وعندها يصبح لدينا كافكا ودوستويفسكي في كل تجمع لأبنائنا خارج الوطن. وعندها تجد أن استثمارات المغتربين تنتشر في كل أرض إلا أرض الوطن؛ يأكلها التضخم في جهة، والبورصات في جهة، والأنظمة والقوانين في جهة أخرى، لأنهم يخافون من العودة إلى أرض الوطن.

من السبب هنا؟ هل هو ذلك الذي كان يملك المفتاح ولكنه، لسبب ما، تقاعس عن القيام بواجبه؟ هل هو صاحب القرار الذي جبن عن اتخاذ قرار صائب لخوف، أو ضَعَة نفس، أو حسد؟ لكن من الخاسر هنا؟ هل لأجل ذلك تتباطأ العجلة الاقتصادية، ولا نجد وظائف، ولا تُفتح أمامنا مجالات جديدة؟ هل نحن السبب؟

لماذا هناك فئة تتفنن في تعطيل كل مركب، وتسعى لتشويه كل صورة جميلة، وتسعى بكل السبل لإحباط أي نجاح؟ هل هي شبكة الوعي الجمعي المتفلّتة من الرقابة والآخر والصواب والمقبول والأخلاق والدين؟ هل هناك لعنة أو سحر خارجي يسيطر علينا؟ من يفرض بقوة رأيه في شوارعنا، ومن يبيع ويشتري، ومن يخدع ويغش ويسرق، أو يسكت عن سارق وممتنع ومحتال، ومن يضع عصا في كل عجلة دائرة؟ هل هو الآخر أم أنا؟

البعض يظن أن العقوبة في حديث عدم إنكار المنكر والسكوت عليه صاعقة أو عذاب يهبط علينا من السماء، ولكني أجد ما نحن فيه هو عقوبة في الحقيقة. عندما تغيب الأخلاق، ويغيب العقل الجمعي الذي يحافظ عليها، عندها فقد عَمَّتنا العقوبة. فهذا يأكل مال هذا وجهده، وذاك لا يستطيع أن يقوم بأي عمل يعود عليه وعلى الآخرين بالفائدة، وصاحب الفكرة يخشى صاحب المال، وصاحب المال يخشى من الزبائن، والبائع خائف، والمشتري خائف، والكل في ضَنك صنعناه بأيدينا.

ابراهيم ابو حويله ...