
الدكتور نسيم أبو خضير
في زمن تتعاظم فيه التحديات ، وتكثر فيه الأخطار التي تحيط بالأوطان من كل اتجاه ، يبرز الأردن وطن العزّة والكرامة نموذجًا في الثبات والإصرار على حماية أمنه الوطني وسيادته واستقراره الشعبي . وإنّ رصّ الصفوف والتماسك الداخلي ليس خيارًا ثانويًا ، بل هو ضرورة مصيرية تضمن للأردنيين البقاء في طليعة الأمم التي تصون أرضها وتحمي كرامتها وتدافع عن مستقبل أجيالها .
لقد أمرنا الله تعالى بالإعتصام والوحدة ، فقال في كتابه العزيز :
﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 103].
فهذه الآية الكريمة تضع لنا قاعدة راسخة ، هي أن التماسك والوحدة هما أساس القوة ، وأن التفرقة والتشرذم سبيلٌ للضعف والإنهزام .
والأردن الذي قدّم عبر عقود طويلة تضحيات جسامًا ، ووقف شامخًا في وجه الأخطار ، إنما يستمد صموده من وعي شعبه وإيمانه بأن الأمن مسؤولية مشتركة بين القيادة والشعب .
إنّ الحفاظ على الأمن الوطني الأردني ليس مجرد مهمة للأجهزة الأمنية والجيش العربي المصطفوي الذين نشدّ على أياديهم ونعتز بتضحياتهم ، بل هو واجب كل مواطن في موقعه ؛ فالإنتماء للوطن لا يعرف تفرقة ، والحب للأرض لا يقبل تصنيفًا . هذا الوطن هو بيت واحد لجميع أبنائه ، وكرامته هي كرامة للجميع ، وسيادته هي أمانة في أعناق الجميع .
إن حب الوطن والإنتماء له واجب ديني فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما أراد أن يخرج من مكة مهاجراً يقول : « والله إنك لأحب أرض الله الى الله ، وأحب الله الي ....»
وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها « والله مارأيت القمر أجمل منه في مكة »
ومن حب الوطن محاربة الإشاعة – التي تنتشر اليوم بسرعة عبر الوسائل الحديثة – قد تكون أخطر من الرصاصة ، لأنها تفتّ في عضد الوحدة وتزرع الشك وتفتح باب الفتنة . وقد نهانا الإسلام عن نقل الأخبار بغير تثبّت ، فقال تعالى :
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ [الحجرات: 6].
فمن ينقل الإشاعة ويُروّج لها دون تحقق ، إنما يساهم في زعزعة إستقرار وطنه ويخون الأمانة .
إنّ الأردن ، بقيادته الهاشمية الحكيمة وشعبه الواعي ، قادر على مواجهة أي خطر يهدد سيادته ، إذا ما تماسك أبناؤه ودفنوا الإشاعات في مكانها ، وأحسنوا الظن ، ووقفوا صفًا واحدًا كالبنيان المرصوص . وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
«المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا» [متفق عليه].
ولذلك ، فإنّ المرحلة تقتضي أن نكون جميعًا جنودًا أوفياء ، في مواقعنا ، نذود عن الأردن بالكلمة الطيبة ، والفعل الصادق ، والإلتزام الوطني ، ورفض كل دعوة للفتنة أو التفرقة ، وأن نغلب مصلحة الوطن على أي مصلحة ضيقة .
إنّ الدفاع عن الأردن هو دفاع عن أرض الرسالات وموئل العروبة والإسلام ، وإنّ رصّ الصفوف هو درعنا المنيع ضد كل خطر ، وإنّ محاربة الإشاعة واجب ديني ووطني . فليكن شعارنا : الأردن أولًا… والأردنيون جميعًا – مسلمون ومسيحيون – في خندق واحد خلف قيادتهم الهاشمية ، لحماية الوطن وصون سيادته ، وضمان الأمن والإستقرار للأجيال القادمة .