
القلعة نيوز: عمان- الشخص الذي يتصفح منشورات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، لا بد أنه قد يلاحظ تغيرا يحدث بمزاجه لما يراه؛ إذ إن تأثير تلك المنصات يتجاوز تقلبات المزاج الصغيرة، ليطال الصحة العقلية، ويتعمق هذا الأثر لينعكس على الجندر، وتحديدا الفتيات أكثر من الذكور.
ولطالما ألقى الخبراء والجمهور، على حد سواء، اللوم على وسائل التواصل الاجتماعي بقضايا الصحة العقلية، بما في ذلك ارتفاع معدلات الاكتئاب والقلق والسلوك الانتحاري بين الشباب، ولكن البحوث حول هذا الموضوع متضاربة.
الدراسة الجديدة
أحدث الدراسات التي تناولت أثر تلك المنصات على الجندر ونشرت في مجلت "لانسيت” لصحة الأطفال والمراهقين العقلية، بحثت في عوامل عدة؛ إذ يقول البحث إن الاستخدام المتكرر لهذه الوسائل مضر بصحة الفتيات، ويقود لتعرضهن للتنمر عبر الانترنت، وعدم كفاية النوم وممارسة الرياضية، وهذه العوامل لا يبدو أن لها التأثير ذاته على الذكور.
وبحثت الدراسة، من خلال مقابلات أجرتها مع 12000 شاب في نحو 900 مدرسة بالمملكة المتحدة عن طريقة استخدام المراهقين للمنصات الرقمية الاجتماعية أولا منذ كانوا في الثالثة عشرة من عمرهم عبر مقابلات أجريت معهم، وتواصلت حتى بلغوا السادسة عشرة، وتم حصر حجم الاستخدام لهذه المنصات ومدى تعرضهم للتنمر الرقمي، وكمية النشاط البدني والنوم، وحتى معايير الصحة العقلية التي تم الإبلاغ عنها ذاتيا.
ولم يذكر مؤلفو الدراسة ما هي هذه العوامل الأخرى في الأساس، وفقا لمجلة "تايم”، فاستخدام وسائل الإعلام الاجتماعية، في كثير من الأحيان، يؤدي إلى التسلط عبر الإنترنت، وعدم النوم، وغياب ممارسة الرياضة للفتيات.
ووفقا لهذه الدراسة، فإن منصات وسائل الإعلام الاجتماعية نفسها ليس لها بالضرورة آثار سلبية على الصحة العقلية للشباب، ولكن الاستخدام المكثف لها يؤثر عليهم. غير أن الدراسة استندت إلى تجارب الشباب الذين أجريت معهم مقابلات حسب ما أبلغوا عنه بأنفسهم.
وخلال المقابلات، قيم المراهقون مشاعرهم من "الرضا عن الحياة والسعادة، والقلق” على نطاق من 1 إلى 10.
ووجدوا أن هذه العوامل الثلاثة يمكن أن تتنبأ تماما ما إذا كان الاستخدام المتكرر لوسائط الإعلام الاجتماعية، سيضر برفاه الفتاة المراهقة. وظهر أن التنمر الالكتروني هو الأكثر ضررا بهن، يليه قلة النوم وعدم ممارسة الرياضة.
غير أن هذه العوامل تصيب ما نسبته 12 % من الذكور، وتعكس العلاقة بين وسائل التواصل الاجتماعي وسوء الصحة العقلية، فالحقيقة هي أن الفتيات أكثر عرضة من الفتيان للاكتئاب والقلق بغض النظر عن الوقت الذي يمضونه على الشاشة. كما تعاني الفتيات من التنمر عبر الإنترنت أكثر من الذكور الذين ينزعجون من جوانب معينة، منها تعليقات حول المظهر والمقارنات السلبية مع الآخرين.
دراسات جندرية أخرى
خلصت دراسة نشرت في العام 2016 بمجلة BMC للصحة العامة إلى أن النساء في جميع أنحاء العالم، أبلغن عن مشاكل صحة بدنية وعقلية أكثر بكثير من الرجال.
وتحدث هذه الاختلافات بين الجنسين في تجارب الاكتئاب؛ إذ تشير استمارات الى أن الرجال أنفسهم أبلغوا عن أعراض اكتئاب لكن بنسب أقل من النساء.
ووفقا لدراسة 2017 نشرت في مجلة طب الأسرة والرعاية الأولية، وجدت أن الرجال اجتماعيون ويرون أن الاكتئاب كفاح "أنثوي”.
مع الأخذ بالاعتبار أن الرجال يتعلمون إظهار الألم كغضب بدلا من الحزن، ورأت الدراسة أن الرجال يبلغون عن الاكتئاب بنسب أقل بسبب التنشئة الاجتماعية التي تحث على الاحتفاظ بالمشاعر، وبأن عواطف الرجال يجب التعبير عنها بعداونية!
وقد تعرض وسائل الإعلام الاجتماعية الفتيات لمزيد من التنمر الرقمي مقارنة بالفتيان، وفقا لدراسة نشرت في العام 2018 في المجلة الدولية للصحة العقلية والإدمان.
إن معالجة العلاقة بين وسائل التواصل الاجتماعي والصحة العقلية بين الأطفال من الجنسين ستتطلب مزيدا من الدراسة، لأن الأطفال من جميع الجنسين يستحقون الرعاية الصحية العقلية التي يحتاجون إليها والحماية من الآثار السلبية