فهد الخيطان
خلال ثلاثين يوما تاريخ صدور الأمر التنفيذي للرئيس الأميركي دونالد ترامب-صدر أول من أمس الإثنين – والخاص بدراسة تصنيف أي من فروع الإخوان المسلمين كجماعات إرهابية، سيقدم وزيرا الخارجية والخزانة الأميركيين، بعد التشاور مع المدعي العام ومدير الاستخبارات الوطنية، تقريرا لترامب،"بشأن تصنيف أي من فروع الإخوان المسلمين أو تقسيماتها، بما في ذلك تلك الموجودة في لبنان والأردن ومصر، كمنظمات إرهابية أجنبية".
الأمر التنفيذي يأتي على ذكر الأردن قبل ذلك في ديباجته، حين يشير إلى ما يقول إنه دعم مادي طويل الأجل قدمه قادة الإخوان المسلمين في الأردن للجناح العسكري لحركة حماس.
الأوضاع القانونية التي يمكن أن تنشأ بناء على الأمر التنفيذي للرئيس الأميركي، تطبق في نطاق القانون الأميركي وعلى الأراضي الأميركية، لكن وبالنظر لتأثير ونفوذ الولايات المتحدة وتحكمها بالنظام المصرفي العالمي فإن نطاق التصنيف سيكون واسعا على المستوى العالمي.
أين يكمن التحدي بالنسبة للأردن؟
وفق القانون الأردني، لا وجود لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، منذ عشر سنوات تقريبا. وقبل أشهر قليلة فقط، تم حظر نشاطات الجماعة بشكل كامل في الأردن، ومصادرة ممتلكاتها وأصولها، وإحالة عدد غير قليل من أعضائها إلى القضاء، بعد الكشف عن خلايا مسلحة، وصدرت أحكام بحقهم. وهناك قضايا أخرى منظورة أمام القضاء، وملفات أخرى ثقيلة قيد التحقيق.
بمعنى آخر فإن أي إجراءات أو عقوبات أميركية تستهدف قيادات سابقة في الجماعة، لا تشكل أي تحدي للمنظومة القانونية الأردنية.
التحدي يكمن فيما سيطاله التصنيف من تعريف لـ"تقسيمات" الإخوان المسلمين، وفروعها. والمقصود هنا حزب جبهة العمل الإسلامي، الذي ظل لعقود سابقة يعرف نفسه كذراع سياسي لجماعة الإخوان المسلمين.
الوضع القانوني للحزب يواجه إشكالا كبيرا منذ تفجر قضية الخلايا، وها هو أمام تحد خارجي لا يقل خطورة عن الداخلي.
تصنيف الحزب بشكل عام كفرع للإخوان المسلمين، يحمل في طياته مخاطر على وضعه القانوني في الأردن، خاصة وأنه ممثل بمجلس النواب بكتلة وازنة العدد.
الحزب كان قد أعلن منذ عدة أسابيع أنه بصدد مراجعة نظامة الداخلي، لينسجم بشكل تام مع القوانين السارية، وليضمن درء الشبهات مستقبلا بسبب علاقته العضوية مع جماعة الإخوان المسلمين.
في اعتقادي أن الحزب أخفق في إعادة تعريف نفسه، بعد قرار القضاء الأردني قبل عشر سنوات. كان بإمكانه خلال هذه المدة الطويلة أن يبني لنفسه مسارا مستقلا من الناحيتين التنظيمية والمالية. لكنه راهن على الاعتبارات السياسية، وفضل البقاء في حاضنة الجماعة. وفي العامين المنصرمين، لم يعد أحد ليميز بين الحزب والجماعة في سياق النشاط الميداني والسياسي بعد السابع من أكتوبر، لا بل إن الإطارين"الجماعة والحزب" تصرفا كمثل لحركة حماس في الشارع الأردني، ما أضاف أعباء جديدة على كاهل الطرفين.
الأسئلة الصعبة تحاصر الحزب داخليا بعد قضية الخلايا وحظر نشاط الجماعة، ولم يكن ينقصه تحديا خارجيا ومن جانب الولايات المتحدة هذه المرة، ليضاعف من مأزقه السياسي،لا بل الوجودي.
الكيفية التي سيتعامل فيها الحزب مع هذه التحديات، هي التي ستحدد دوره في المستقبل. اعتقد أنه ما يزال بإمكانه أن يحافظ على وجوده القانوني، شرط أن يفكر خارج الصندوق، ويتخذ إجراءات لم يكن ليفكر فيها من قبل.
"الغد"



