أولوية الغاء الاقاليم الأمنية
فايز شبيكات الدعجه
اغلب الظن ان الغاء الاقاليم الأمنية سيكون على راس قائمة تقليم جهاز الامن العام عند المباشرة بالإجراءات التنفيذية لعملية دمج جهازي الدفاع المدني والدرك ضمن الامن العام ، ذلك ان المملكة غير مقسمة إلى أقاليم اولا. ولانتفاء الغاية التي استحدثت بموجها الأقاليم الأمنية ثانيا ، وزوال كافة الدواعي والمبررات المرتبطة بها بعد استقرار اللامركزية..
في عملية الدمج اتجاه واضح لرفع مستوى الطمأنينة ،وفلترة عمل جهاز الأمن العام ،وتنقيته من الشوائب الوظيفية والواجبات الدخيلة ،التي استنزفت اغلب إمكانياته المادية والبشرية ،وشتت جهوده وشعبت واجباته ،وتسببت بحالة الهزال التي يعاني منها الآن والتي استوجبت عملية الدمج الكبرى .
عملت مدة عامين كقائد امن إقليم وكنت على قناعة بان استحداث الأقاليم الأمنية كان مغامرة بتحويل أجزاء من فكرة الدولة سريعا إلى واقع، وأضافت حمولة زائدة وعقدة بيروقراطية في أساسيات العمل، واستنزاف بلا جدوى للإمكانيات المادية والبشرية ،وكنت أدرك انه كان على قيادة المديرية حينها أن تقيس قبل أن تغيص. لكن القرار كان حادا وصارما وغير قابل للنقد او النقاش. .
الواضح ان ثمة قناعة عليا بضرورة تغيير مجرى العمل باتجاه مبدأي منع وقوع الجريمة ثم ملاحقة مرتكبيها والقبض عليهم وتقديمهم للقضاء الذين يمثلان صلب العمل الشرطي الأصيل وأركانه الأساسية.
لن نلتفت في المرحلة القادمة للأرقام ،ولا للمؤتمرات والبيانات الصحفية. وننتظر خفض معدلات الجريمة خفضا فعليا ملموسا يحس به المواطن على ارض الواقع، ويشعر معه باختفاء الظواهر الجرمية ،وهو الذي سيقرر نجاح او فشل إستراتيجية الدمج . فلطالما تحدثوا عن نجاحات غير مسبوقة في خفض معدلات الجريمة بيمنا كانت تزداد المعاناة الجنائية ،خاصة انتشار المخدرات.
استحدثت الأقاليم عندما كانت نية الدولة تتجه لتقسيم المملكة إلى 3 أقاليم الشمال والوسط والجنوب، باستثناء العاصمة عمّان ، ومنطقة العقبة الاقتصادية الخاصة ، بحيث يترأس كل إقليم مفوض عام يعين براتب ورتبة وزير، يتولى عملية الإنفاق ومراقبة الأموال وصرف العوائد وتوزيعها بشفافية وعدالة بين محافظات الإقليم الواحد الذي يتشكل فيه مجلس إقليم مؤلف من مجموع الأعضاء المنتخبين والمعينين في محافظات الإقليم، ويكون لكل محافظة 10 أعضاء منتخبون وعضو واحد معين بهدف ".إعطاء لامركزية اكبر للإدارات المحلية."
وعلى هذا الأساس تسرع جهاز الأمن العام وقتها واتخذ إجراءات تنفيذية غير ناضجة لمشروع الأقاليم وكان لا يزال قيد الدراسة وقبل إقراره ،ثم طويت صفحة المشروع إلى غير رجعة لثبوت عدم صلاحيته للتطبيق، بناء على ما توصلت إليه خلاصة الدراسات المستفيضة للجان المختصة وعلى مدى سنوات من المناقشة والتمحيص، للتأكد من تحقيق معيار المنفعة الوطنية، وانعكاس فوائدها على المواطنين، إلا أنها لم تجد في الموضوع ما ينفع الناس، مخالفة بذلك توقعات مؤسسة الأمن العام التي مسها الضر نتيجة اندفاعها في الدخول إلى المجهول، واجتهادها بهيكلة دوائرها في ظروف مبهمة ،ومارست واجباتها على أسس إقليمية ناقصة ،في الوقت الذي كانت تفاصيل الفكرة واحتمالات إقرارها في غامض علم الله.