الجسور الهاشمية المفتوحة
بقلم / لورنس عواد
إن الأردن كان يتعامل مع القضية الفلسطينية ، ليس فقط بوصفها ملف صراع سياسي أو إقتصادي أو عسكري ، وإنما الإهتمام أيضا بالوضع الإنساني للشعب ب الفلسطيني في المنفي وتحت الإحتلال ، بينما تم تجاهل هذا الطابع الإنساني (المعاناة والحصارات وفقدان الهوية) عند العديد من الدول العربية التي ينطبق عليها القول (بأنها مع القضية الفلسطينية لكنها ليست مع الفلسطينيين ) وبعد حرب 67 استقبل الأردن أكثر من 50 ألف نازح من قطاع غزة وحدها وكانوا يحملون هويات فلسطينية صادرة عن الإدارة المصرية في القطاع ، لكن مصر رفضت إستقبال أي واحد منهم عندما فكر بعضهم بالسفر جوا الى القاهرة ولا ندرك أسباب الرفض وقتها ، هذا الإصرار العربي بتحميل الأردن كل آثار الهجرة والنكبة لم يخفف تكثيف حملاته الدبلوماسية لعزل الأردن عن القضية الفلسطينية، فرفض الأردن بهاشميته عربياً في وقتها ونسف مؤتمر أريحا ، كان أكبر من القضية الفلسطينية في عيون بعض الزعماء العرب للأسف الشديد ، منذ عام 1972 كانت فكرة إقامة حكومة في المنفى للفلسطينيين إلى نجاح قمة الرباط في إصدار قرار عربي عام 1974 باعتبار منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بهدف عزل الأردن، ونتائج هذا القرار كان عزل فلسطين بقضيتها عن العروبه والإسلام وكان قرار فك الإرتباط بطلب من منظمة التحرير والإصرار عليه عام 1988 ونتائج اوسلو أكبر شاهد على قرار الرباط.
إن تفريغ فلسطين كان أمرا واقعا لولا بقاء الأردن بشعبه وهاشميته خلف الشعب الفلسطيني وبقاء الجسور مفتوحه بين الضفتين كان بمثابة شريان حياة للشعب في الأراضي المقدسة ، لأن الأردن آمن بأن مواجهة التفريغ والهجرة والنزوح لا تكون بزيادة معاناة الفلسطينيين وتشديد الحصارات عليهم ورميهم الى التهلكة ، إنما بالحرص على خلق ظروف حياة أفضل لهم في وطنهم تساعدهم على الصمود والمقاومة وحسب الإمكانيات الأردنية المحدودة ، فبغياب جسر الملك حسين لا سمح اهلا لما صمد ربع من صمدوا في الضفة الغربية فقد كان جسرأ للأهل والرحمة لتخفيف ما يعانوه الفلسطينيين تحت الإحتلال بعد عام 1967 ليومنا هذا .
ومنذ عام 2014 إزداد التوغل في بناء المستوطنات بشكل عشوائي وخارج تلك الحدود التي تم الإتفاق عليها في اوسلو لعدم وجود ضامن نزيه و رئيسي يحقق ما تم الإتفاق عليه بكل شفافية ، رغم جميع القرارات الدولية في عدم قانونية المستوطنات وإنها معرقله لكل طاولات الحوار ومعيق لطريق السلام الشامل والعادل .
وفي 28/يناير 2020 أطلق الرئيس الأمريكي ما سميت بصفقة القرن ، بدولة لا يربطها بمكونات الدولة إلا الإسم منها ، مع أن الصفقة هي مقترح أمريكي نال الإعجاب والقبول من المجتمع الإسرائيلي اليميني المتطرف مع الرفض و التحفظ على بنود الصفقة من بعض السياسين في إسرائيل المتعطشين للسلام في المنطقة المؤمنين بالسلام العادل والشامل .
أتت الردود العالمية والعربية بالتأييد أو النصح بدراسة الصفقة إلا موقف عميد بني هاشم ملك الشعب الأردني العظيم الذي أعلن رفضه الكامل لكل مقترح بما فيها صفقة القرن لا يحقق الطموح للشعب الفلسطيني بقيام دولته المستقلة ذات السيادة القابلة للإزدهار والتطور مع الإحتفاظ بالوصاية الهاشمية على المقدسات التي لن ينتزعها أحد من بني هاشم.
ويبقى الأمر في علم الغيب حتى يقرر الشعب الفلسطيني إنهاء الصراع وتجاوز الإختلافات والخلافات بينهم وتوحيد الصف والوقوف خلف قيادة واحدة وهذا الأمر بصعوبة تحرير فلسطين برمتها .
ومن وجهة نظري الشخصية الضفة بحاجة إلى ربيع عربي يرفض المتشبثين بالسلطة طحالب القضية المتنفعين من تلك الدماء الزكية التي أنبتت زيتونا أحمرا في الضفية الغربية ، ويرفض كل الحلول الداخلية المتهالكة والمستهلكة التي لم تحقق طموح شعب تواق لوطن وللعيش بحرية ، وينادي بالهاشمية فهي لا شك المفتاح الحقيقي لكل الحلول المستقبلية . ويبقى السؤال متى يزهر ربيعكم يا أبناء الضفة الغربية ؟