إن المتابع للمشهد السياسي بعد صدور التوجيهات الملكية بان هنالك انتخابات نيابية في هذا العام ، بدأت تظهر ملامح من يرغب بالترشح للانتخابات النيابية للمجلس النيابي التاسع عشر ، وما يثير التساؤل ما هي المواصفات والمعايير التي اعتمد عليها هؤلاء الأشخاص لتقديم أنفسهم ليصبحوا أعضاء في المجلس النيابي القادم ؟! وما هي الشريحة التي سوف يمثلها، وما هو طيفه السياسي، وما هي أفكاره ونوع الخدمات التي سوف يقدمها للوطن، وماذا قدم لمؤسسات الوطن وحتى لأفراد أسرته ، كل هذه الأسئلة أصبحت حديث الناس في الفترة الأخيرة .
من خلال متابعة المرشحين للانتخابات في السنوات السابقة لا شك أن هنالك أنواعاً مختلفة من المرشحين للانتخابات، يرى البعض بأن من المعايير التي يجب أن تتوفر فيمن يرغب بالترشح القوي الأمين وان يكون له علاقات قوية مع قاعدته الانتخابية مبنية على الثقة والصدق والاحترام المتبادل وأن يكون متعلماً مثقفاً لديه إلمام بالقانون والتشريع والرقابة وآلية عمل المؤسسات العامة، يتمتع بأخلاق الديانات السمحة ، قادر على قول الحق وليه القدرة على التحاور والنقاش والانتقاد البناء ، لديه برنامج انتخابي منطقي مبني على أهداف مستقبلية قابلة للتحقيق وآلية تنفيذها، لديه من الخبرات العملية والعلمية والسيرة التاريخية التي تشهد له بالنجاح في حياته ، يتمتع بمهارات فن التعامل مع الجمهور ومع زملائه النواب والوزراء وغيرهم، ولاءه وانتماءه للوطن لا يخاف في قول الحق لومة لائم وغيرها من الصفات الحميدة.
ونرى بعض المرشحين منهم من اعتاد على ذلك حتى ولو لم يحالفه الحظ ومنهم يعتبرها وجاهة بين الناس ومنهم من يعتبرها حرفة أو مهنة يتكسب من وراءها الكثير من المكاسب، ومنهم من يجد نفسه أفضل من غيره ممن حوله على إيصال المعلومة وعلاقاته مع المسؤولين ومنهم الصادق والكاذب والمنافق والمتسلق والوصولي وصاحب المال وغيرها من الصفات حتى يستطيع الوصول إلى المقعد النيابي، ولكن أجد انه لابد من توافر شروط مهمة لمن أراد الترشح إضافة إلى الشروط التي تطلبها الدستور وقانون الانتخاب. ونرى آخرون منهم من فكر بمصلحة الوطن وخدمة الشعب إلا انه وبعد أن ينجح ويصبح نائبا في مجلس النواب تفاجأ انه أصبح احد أعضاء مجلس خاص يهتم بتطوير وتنمية المصالح الشخصية للنائب وهناك المغريات والحوافز التي تغير توجهاته من خدمة الوطن و الشعب لخدمة مصالحه الشخصية ، وان هناك طريقا مفتوحة ومعبدة لنفس الهدف سار عليها من سبقوه من النواب ولا يوجد رقيب يجبره للعودة لتنفيذ وعوده للناخبين لخدمة الوطن والشعب .
والترشح في كثير من الأحيان يعتمد على بعض المعايير معروفة؛ وهما معياران رئيسان ومعيار استثنائي فالأولى هما المال السياسي والشيخه والاستثناء رغبة القاعدة الانتخابية؛ فخلال الأربع سنوات هناك إجماع على عدم إعادة انتخاب من كان شيخا أو شاري للأصوات وإجماع على التجديد من الكفاءات لكن سرعان ما تتبدل الخيارات قيل شهر أو شهرين من موعد الانتخابات وتعود ترجيح كفة الخيارات الأولى .
وبالتالي فان على الطامحين بمقعد تحت فضاء قبة المجلس التاسع عشر ، وأخاطب فقط من هم أهل لذلك، أرجو أن يكونوا على دراية كاملة ووعي كافي لما ينتظرهم بالسنوات القليلة المقبلة ستشهد منعطفات كبيره و تحولات هامة في تاريخ الدولة الأردنية سنوات ستكون حبلى بالمفاجآت و المجلس القادم سوف يكون محورها الأساسي ، و هو ليس كما سبقه من مجالس نيابية ، باستثناء المجلس الثاني إلى حد ما لمن يقرأون تاريخ الأردن ، مهمات جسام في الانتظار فإذا لم تكن تعتقد انك على قدر المسؤولية و انك لا تمتلك الوعي الكامل و الرؤية المستقبلية الواضحة لما يدور في الساحة الأردنية والإقليمية والدولية و مستوى الضمير والحس الوطني لديك لم يختبر بعد ولم تجرب نفسك كيف تواجه الصعاب والتحديات ، فلتتق الله في نفسك و وطنك و أمتك، و أفسح المجال لمن قد يمتلك تلك المقومات ويستطيع أن يكون له تاثير سياسي واجتماعي في الفترة القادمة .
ولذا نرى إن المعايير الترشح للانتخابات القادمة مرتبطة في مصلحة الوطن وهي الأولى بالاعتبار ، وان يتمتع هذا الشخص بالمواصفات والكفاءات على المستوى الشخصي والسياسي والاجتماعي التي تمكنه من تحقيق مصلحة الإفراد والدولة الذين يمثلهم وبما ينسجم مع المصلحة العليا للوطن.
د. بلال السكارنه العبادي