مع حلول مئوية الدولة و في احتفالات الاستقلال ، نستذكر الحكومة الاردنية الاولى و بلمحات. فبعد ان وصل سمو الامير عبد الله الى عمان ، توجه في اواخر اذار 1921 ، الى القدس للقاء وينستون تشرشل ، وزير المستعمرات البريطانية انذاك. اكد سمو الامير على ان قدومه للاردن كان بهدف توحيد اجزاء المملكة الفيصلية بعد الاحتلال الفرنسي الغاشم لسوريا ، و تحدث عن حتمية الوحدة العربية ، و طرح البدء بشرقي الاردن و فلسطين . اقترح تشرتشل كمرحلة اولى انشاء ادارة في شرق الاردن لتطوير القدرات و ارساء الامن . و بالرغم من عدم ارتياح الامير عبد الله للمناورات البريطانية ، الا انه قرر المضي في الامر لاعتبارات المرحلة السياسة و العسكرية . و تعهد البريطانيون بدعم الامارة بالخبرات و بالتدريب .
و في 11 نيسان اصدر سمو الامير قرارا بتاليف الحكومة الاردنية الاولى بمسمى مجلس المستشارين برئاسة رشيد طليع و عضوية الامير شاكر بن زيد ، و احمد مريود ، و امين التميمي ، و مظهر رسلان ، و علي الشرايري، و الشيخ محمد الشنقيطي ، و حسن الحكيم . و نلاحظ الصبغة العروبية في التشكيل ، حيث كان التوجه الوحدوي العربي هو السمه الغالبة في ذلك الوقت و لم تكن القطرية قد ترسخت . فالبلاد العربية لكل عربي . و الواقع ان اول رئيس وزراء اردني من مواليد الاردن تولى المنصب كان في عام 1950، و هو سعيد المفتي . فالاردن وطن كل من يدافع عن مبادئه و يساهم في نهضته .
رشيد بن علي ال طليع ، من اسرة درزية من بني معروف و ذات زعامة ، ولد في منطقة الشوف من لبنان عام 1877. تخرج من اسطنبول و انتخب نائبا عن جبل الدروز في مجلس النواب العثماني ، ثم عين متصرفا للواء حوران . التحق بالملك فيصل في دمشق و عين حاكما عسكريا على حماة ، ثم تولى وزارة الداخلية في اول حكومة سورية . و بعد معركة ميسلون الخالدة ، حكمت فرنسا عليه بالاعدام غيابيا فلجأ الى الاردن ، كما كانت حال الكثير من الثوار و زعمائهم في ذلك الوقت .
بدأت الامارة الفتية في ترتيب امور الادارة و اعتمدت تقسيمات ادارية جديدة . و لكن بريطانيا لم تكن راضية عن الحكومة و اتهمتها بالتعاطف مع الثوار في سوريا ضد حليفتها فرنسا ، فلم تدعمها كما وعدت. و كانت قدرة الدولة الجديدة على فرض الامن الكامل و جمع الضرائب محدودة ، فلم تتمكن الحكومة من الالتزام بمسؤولياتها، فقدم رشيد طليع استقالتها الى سمو الامير في 23 حزيران 1921، فاعاد سموه تشكيلها ايضا برئاسة طليع في 5 تموز 1921. فاتهمها البريطانيون بحماية الثوار الذين قاموا بمحاولة قتل الجنرال الفرنسي غورو على طريق دمشق القنيطرة ، فما لبثت ان استقالت مرة اخرى في 14 اب 1921 ، و تم تشكيل حكومة جديدة برئاسة مظهر رسلان، الذي كان في عهد الملك فيصل متصرفا للبلقاء . انضم رشيد طليع مرة اخرى الى الثورة السورية عام 1925 و كان من قادتها العظام. توفي رحمه الله عام 1926 في السويداء.