مؤخّراً، تداولت مواقع وقنوات كثيرة ملف الضمّ المثير للجدل، إذ –وحسب حكومة الاحتلال الإسرائيلي الجديدة –هناك نوايا لضمّ أجزاء مهمّة من الضفّة الغربيّة وغور الأردن للأراضي التابعة للحكم الإسرائيلي. وبطبيعة الحال، رفضت الفصائل السياسية والمسلّحة في فلسطين هذا القرار على رأسهم حركة التحرير الفلسطيني فتح،
إلّا أنّ الوضع الحاليّ الذي تمرّ به فلسطين يقتضي البحث فيما وراء الرّفض وتبعاته ضمن الظروف الحالية. من المعلوم للجميع أنّ فلسطين كسائر بلاد العالم تعاني جرّاء فيروس كورونا. من حسن الحظّ تمكّنت الضفّة الغربيّة من السيطرة إلى حدّ بعيد على فيروس كورونا ممّا جعلها تذهب في خطوات عمليّة لإحياء الاقتصاد.
إلّا أنّه من المرجّح أن تستمرّ تبعات هذه الأزمة الخانقة على مدى سنوات في المستقبل، وهو ما يجعل الرهان الفلسطيني الأوّل بلا منازع: التعافي الاقتصادي. لا يمكن التنكّر لنضالات الشعّب الفلسطيني الأبيّ،
لكنّ التعامل مع أزمات معقّدة من هذا النّوع يحتاج الكثير من الحكمة مقابل خطاب العاطفة الذي يدعو للمواجهة التي قد تكلّف فلسطين أضعاف الخسائر، والتاريخ شاهد على أحداث كثيرة من هذا النّوع.
ستكون المرحلة القادمة حاسمة في مسار تطوّر الأحداث في فلسطين، وسيكون من المهمّ أن تستوعب الطبقة السياسيّة الرهانات الأساسيّة لهذا الشّعب وأولويّاته. وكما ذكرنا آنفاً، لا يمكن المزايدة على نضاليّة المواطن الفلسطيني فهي ثابتة في تاريخه،
لكن لا يمكن أيضاً أن ننتظر منه دعوة لمواجهة شاملة سيكون هو الخاسر الوحيد فيها في حين تستغني بعض الأطراف الأكثر دعوة للصدام المباشر.
وكما أنّ الجنديّ الجريح ينتظر التعافي قبل العودة لساحة المعركة، فإنّ فلسطين تحتاج لأن تلتقط أنفاسهاـ حتّى لا يتسبّب تسرّعها في اتجاه التصعيد إلى عاهة دائمة، كانهيار الاقتصاد مثلاً. حينها لن يكون للحديث عن النضال من أجل حريّة الأوطان معنى بالأساس.