يكرر الخبراء ان من اساس الازمات الاقتصادية في الاردن هي الهوة الشاسعة ما بين السياسات المالية و النقدية من جهة و السياسات الاقتصادية من جهة اخرى. فلطالما برعنا ، بحسب البعض ، في السياسات المالية المحاسبية مع تخبط واضح في السياسات الاقتصادية . لا يمكن توظيف ادوات مالية و نقدية بحته و ناجحة مع غياب للسياسات الاقتصادية العليا . يؤدي ذلك الى نجاح نسبي مؤقت مع فشل طويل الامد. نجحنا ، و ننجح نسبيا ، في ادارة البنك المركزي ، و وزارة المالية ، و نعود الى الوراء في الاقتصاد الكلي من عمالة و ابتكار و انتاجية و تصدير ... الخ. ما نفع سياسات نقدية و ضريبية و تقليل للدعم يرضي البنوك المحلية و المقرضين الدوليين و لا يساهم في نمو اقتصادي حقيقي و مستدام .
الاصل هو ان تتبع السياسات المالية و النقدية السياسات الاقتصادية الاستراتيجية العامة و طويلة الامد. صانع السياسات الاقتصادية ضالع في علوم الاجتماع و النفس و نماذج النمو و التوظيف و الابتكار و النظرة الكلية. و خبير المال يبدع عندما يعمل في ظل منظومة اقتصادية متكاملة تنظر الى ما ابعد من الدفاتر و الحسابات المباشرة .
اذا عمل المختص المالي بمعزل عن الخبير الاقتصادي تناقص الاقتصاد و ضعف الانتاج و تمت معاقبة كل مبتكر. السياسات الاقتصادية تأتي اولا و فيها الابداع و المرونة و الخيال و الطموح . العمل المالي يأتي مكملا لا قائدا و الا نكون قد وضعنا العربة اما الحصان و هذا هو حالنا في العقود الاخيرة .
عمل السياسات الاقتصادية من غير دعم ادوات مالية حصيفة يؤدي الى مراوحة و تذبذب في النمو ، و لكن اذا عملت السياسات المالية خارج مظلة اقتصادية شاملة كفؤة فان الانكماش لا بد منه . لنبحث عن اقتصاديين مستنيرين قبل فوات الاوان ، فاجراس الخطر تدق .