القلعة نيوز :
بعد مئات السنين من هيمنة النظام النقدي سواءا الورقي او المعدني على اقتصادات العالم وتسوبة المدفوعات بين الدول والافراد ، تستعد العديد من البنوك المركزية حول العالم للتحول من للنظام النقدي المتعارف عليه اليوم الى النظام النقدي الرقمي ، كما هو الحال في دول الاتحاد الاوروبي والصين والولايات المتحدة الامريكية ،فالبنك المركزي الاوروبي يفكر جديا باصدار اليورو الرقمي ، كما هي الصين الصين تحاول ان تكون السباقة في هذا المضمار من خلال تجارب تجريها على عملتها الوطنية اليوان حيث اصدرت بضعة ملايين من اليوان الرقمي في عدة مدن صينبة وتجربها على نظام الدفع وذلك بهدف التحول الكامل للعملة الرقمية بهدف تقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي ، امريكا بدورها ومن خلال البنك الفدرالي الامريكي يستعد بالتعاون مع سبعة بنوك مركزية امريكية لاصدار الدولار الرقمي
فهذا التحول المفاجىء الى العملات الرقمية ومن الدول التي تحتل المواقع المتقدمة في الاقتصاد العالمي متل الصين ودول الاتحاد الاروبي يطرح مجموعة من الأسئلة ، ماذا وراء ذلك ؟ ،قد يكون احد الاسباب الظاهرة هو جائحة كورونا وعلاقة انتقال الفيروس بتداول النقود الورقية بين الافراد،وتوجه الافراد للتجارة الالكترونية ، وقد يكون هنالك من يبرر ذلك بالتطور العلمي والتكنولوجي في المجال الرقمي الذي يشهده العالم ، لكننا نفسر ذلك بمبررين نعتقد بانهما يفسرات ذلك بموضعية وهما اولا الحرب الاقتصادية القائمة بين الصين والولايات المتحدة الامريكية ومحاولة الصين وبعض الدول التخلص من عبء الدولار الامريكي على اقتصادياتها وخاصة نظام المدفوعات لديها ،وثانيا سد الطريق على العملات المشفرة مثل عملة البتكوين والتي لا تخضع لاي سلطة او جهة رقابية على عملية اصدارها وتداولها وبالتالي فمن الممكن ان تلحق اضرارا بالاقتصاد العالمي في حال التوسع بانتشارها والمخاوف من ان تستخدم في عمليات غسل الاموال وتهريب ثروات الدول دون اية رقابة محلية او دولية ، اضف الى ذلك مشروع الفيسبوك لإصدار عملته الرقمية «اليبرا» وبالتعاون مع عدة شركات عالمبة كبرى ، وللعلم فان عدد مستخدمي فيسبوك يقترب من 3مليار مستخدم.
مما لا شك فيه ان هذا التحول الى العملات الرقمية وفي حال إن نجحت الدول في تطبيقه قد يسهل على الدول عملية تسوية المدفوعات بينها وتساعدها كذلك على مراقبة التهرب الضريبي او العمليات المالية غير المشروعة مثل غسل الاموال وتهريب رؤوس الاموال ، الى ان المخاوف والمخاطر تبقى اكبر اهمها امكانية اختراق نظام الدفع من قبل القراصنة والدخول الى بيانات الدول والمؤسسات او حتى الافراد ،لكن هل سيؤدي ذلك لاختفاء العملة الورقية ؟ ، بل نعتقد جازمين بأن النظام النقدي الورقي القائم الان سيبقى وسيلة لحفظ القيمة والتعبير عن الثروة ومخزن لها لفترات قادمة
فالصناعة المصرفية الإسلامية وامام هذا التحول للعملات الرقمية يتوجب عليها الاستعداد التام للمرحلة القادمة ووضع استراتيجية تسهل وصولها لعملائها في مختلف دول العالم وتساعدها على النمو والتوسع لكسب اسواق جديدة علما بأنها تمتلك البنية التحتية والمؤهلات الفكرية والبشرية للتعامل مع كل ما هو مستجد ،حيث ستوفر هذه االاستراتيجية عملية الإسراع وتسهيل خدمات الدفع والتحويلات المالية، وتخفيض التكاليف والخدمات المصرفية كافة التي تقدمها مصارفنا الإسلامية ، فليس أمامها إلا خيار الاستعداد للتحول الى التكنولوجيا الرقمية في حال تحول النظام المالي ونظام الدفع في العالم الى العملات الرقمية.
باحث ومتخصص في التمويل الإسلامي.