(في منطقة البحر الميت خطوط القوى الكهربائية بدأت تنهار، مقطورات سكنية متنقلة وأكواخ ابتلعتها الأرض، رعب أصاب مزارعين على حياتهم، ودفع بهم إلى الكف عن رعاية بساتين النخيل التي أصبحت خاوية على عروشها).
(هُزم العرب في حرب حزيران، وهزموا في "صراع الماء”، فأحكمت دولة الاحتلال سيطرتها على أعالي مجرى نهر الأردن وروافده الأربعة حتى أصبح العبث في مياه روافده وتحويلها لخدمة مشاريعها الصناعية والاستيطانية الطموحة جداً شأناً خاصاً لا سلطة لأحد عليها. وهكذا بدأت مياه النهر التي تصل للبحر الميت تعتل شيئاً فشيئاً، ومع كل مشروع جديد تقل كمية المياه التي تصل البحر، وينعكس ذلك بانخفاض مستوى مياه البحر بمعدل متر سنوياً.
القلعه نيوز - د. زهرة خدرج
"لم تشبع دولة الاحتلال من نهب مصادر المياه منذ اللحظات الأولى لاحتلالها أرض فلسطين، وكان قادتها أعدّوا الخطط المائية التي سيسيرون وفقها، حتى قبل أن تخطو أقدامهم على ثرى هذه البلاد، لا يهمهم حقوق الآخرين أو ما ينتج من آثارٍ كارثية نتيجة مشاريعهم المائية التي لا تنتهي!” .
البحر الميت، بحر الملح، البحر المالح، بحيرة لوط، البحر الشرقي، عمق السديم، بحر الموت، بحر الزفت، بحر عربة (تعددت الأسماء والمكان واحد)، ظاهرةٌ طبيعية فريدة من نوعها، لا يوجد ما يشبهها على سطح الأرض من حيث شدة ملوحة المياه (وتبلغ نسبة ملوحة مياه البحر الميت 340 غم/ لتر في أعماقه، أي ما يعادل عشرة أضعاف ملوحة المحيطات) ولا في غناها بالثروات المعدنية الضرورية لصناعة الأسمدة، ومواد التجميل، والأدوية، ومواد البناء، ولا في انعدام قدرة الكائنات الحية على العيش داخل مياهه، ولا في وجود نباتات تظهر سيقانها خارج الماء المالح بين الصخور الملحية على شواطئه في فترات الربيع، ولا في انخفاضه الشديد عن سطح البحر(ويعد أخفض منطقة في العالم).
البحر الميت: الموقع والجغرافيا والمناخ
بحسب موقع ويكيبيديا، فإن البحر الميت هو بحيرة ملحية مغلقة تقع في أخدود وادي الأردن(حفرة الانهدام الممتدة من تركيا شمالاً إلى أفريقيا شرقاً) على حدود الأردن وفلسطين التاريخية، بلغت مساحته عام 2010 حوالي 650 كم2.
ويُحاط بجبال محافظتي الكرك ومأدبا من الناحية الشرقية، أما من الناحية الغربيّة فتطلّ جبال الخليل عليه، ويحدّه من الشمال مصب نهر الأردن، ومن الجنوب تحيط به منطقة بداية وادي عربة "جرف خنزيرة”.
نهر الأردن هو شريان الحياة الذي يمدُّ البحر الميت بمياهٍ عذبة سائغة، رغم قلة المياه التي يوصلها النهر حالياً للبحر الميت بسبب السدود المائية الإسرائيلية على الأودية التي تحتجز مياه الأمطار وتسحبها إلى عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة وصولاً إلى صحراء النقب في الجنوب، حيث تصادر دولة الاحتلال كمية تقدر بـ1.5 مليار متر مكعب سنوياً من مياه نهر الأردن، إضافة إلى الصناعات التي تتربع على عرشها صناعات التعدين التي تستهلك كميات ضخمة من مياهه، الأمر الذي يسهم في هبوط منسوب المياه سنوياً.
تتكون الرواسب المتراكمة في قاع البحر من الحجر الجيري الذي يتألف من تربة طينية، وطَمي طيني كلسي مختلط مع الملح والجبس.
وتُعرف هذه التشكيلات برواسب اللسان؛ منطقة اللسان التي تفصل حالياً الجزء الشمالي العميق من البحر الميت عن الجزء الجنوبي الضحل حيث تتم عملية استخراج البوتاس، تُعرف باسم شبه جزيرة اللسان. ويوجد أسفل طبقة الرواسب الطَمية العميقة، طبقة من الصخور المتصدعة بفعل الأنشطة التكتونية على طول صدع وادي الأردن.
ويبلغ متوسط درجات الحرارة فيه شتاءً 19,2 درجة مئوية، و 37,7 درجة مئوية صيفاً، وتختلف درجة حرارة مياهه من عمق إلى آخر.
آلام نزاعٍ يواجهها البحر الميت وحيداً!
البحر الميت يموت!
صرخات هلعة وتحذيرات يطلقها الخبراء الجيولوجيون، مع توقعاتهم أن يجف البحر الميت في الـخمسين عاماً المقبلة؛ إذا ما استمرت مياهه تتناقص بهذا المعدل، خاصة وأن الدول المؤثرة فيه وفي مقدمتها "إسرائيل”، ليست على استعداد لتغيير سلوكياتها التي تسلبه مياهه وتخنقه شيئاً فشيئاً، ولا يلوح في الأفق ما يشير إلى وجود نية في التغيير!
ويخرج علينا بعضٌ محاولاً التخفيف من وطء هذه التوقعات بالقول: "لن يجف تماماً بل سيتحول إلى شبه مستنقع ضَحل من الحفر الانهدامية المالحة والمياه اللزجة”!
هُزم العرب في حرب حزيران، وهزموا في "صراع الماء”، فأحكمت دولة الاحتلال سيطرتها على أعالي مجرى نهر الأردن وروافده الأربعة حتى أصبح العبث في مياه روافده وتحويلها لخدمة مشاريعها الصناعية والاستيطانية الطموحة جداً شأناً خاصاً لا سلطة لأحد عليها. وهكذا بدأت مياه النهر التي تصل للبحر الميت تعتل شيئاً فشيئاً، ومع كل مشروع جديد تقل كمية المياه التي تصل البحر، وينعكس ذلك بانخفاض مستوى مياه البحر بمعدل متر سنوياً.
ويتأثر البحر الميت بالمناخ الصحراويّ، إذ تسطع عليه الشمس طيلة أيام السنة، ويشهد هبوباً للهواء الجاف تزيد من معدلات التبخر العالية أصلاً، كما ويتميز شتاؤه بأمطارٍ قليلة، وصيفه مرتفع الحرارة عالي الرطوبة.
يقول المهندس البيئي الدكتور أيمن أبو ظاهر:
"أرقب البحر الميت منذ 30 عاماً وأدرس التغيرات التي تطرأ عليه باستمرار، لقد انحسرت مياهه بشكل سافر خلال هذه الأعوام في شواطئه وامتداده الطولي”.
كان مسطحه يتجاوز 900كم2 وأصبح الآن لا يتجاوز 600كم2، وكان بطول 90 كم ليصبح 70كم2 وكان بعرض 10-12كم، وتراجع في الثلاثين عاماً الأخيرة داخل الشواطئ الفلسطينية بحدود كيلومتر واحد، وبحسب الرصد البيئي السنوي، يهبط مستوى البحر الميت بمعدل 1متر عن مستوى سطح البحر. قبل 30 سنة كان بحدود 370متر تحت سطح البحر، وهي أخفض نقطة معروفة في الأغوار، وحالياً أصبح يتجاوز 400متر تحت سطح البحر.
ويستمد البحر الميت أهميّته الصناعية من ارتفاع نسبة تركيز الكالسيوم والبوتاسيوم في مياهه، وهو ما غدا نقمة تجر عليه الويلات وتتوعده بالهلاك إن استمر الحال على ما هو عليه.
يقول المهندس أبو ظاهر:
إن التهديد للبحر الميت تهديدٌ حقيقي منذ البدايات: يتغذى البحر الميت من المصب الرئيسي لنهر الأردن والذي يمدُّه في الوضع الطبيعي بمعدل 125,0000م3 من المياه العذبة سنوياً، ولكن، بسبب سرقة الاحتلال للمياه وتحويل مجرى نهر الأردن بنسب معينة، إضافة إلى الصناعات الضخمة التي تستنفذ مياهه، خاصة صناعة البوتاس التي تحتاج إلى كميات هائلة من المياه تصل إلى ما يزيد عن 700,000طن سنوياً؛ هذه الأسباب المفتعلة؛ إضافة إلى الظروف الطبيعية القاسية المتمثِّلة في معدلات مرتفعة من التبخير تتجاوز 2600 ملم في السنة، ومعدلات منخفضة من الأمطار لا تتجاوز 112-120 ملم في السنة، تسبب ذلك في حرمان البحر الميت من المصدر الرئيسي للتغذية السطحية والذي يمكِّنه من المحافظة على منسوبه.
عندما تغمض مراكز صنع القرار عيونها
بحسب تقرير أردني بعنوان (الأردن: تراجع مياه البحر الميت يتسبب بتكوُّن آبار جافة خطيرة)، الأرض تغور فجأة وتبتلع ما يعتليها، هكذا دون سابق إنذار، أدى ذلك إلى زيادة حادة في أعداد الآبار الجافة والتجاويف التي تلتهم الأخضر واليابس على طول ساحل البحر الميت، بعضها بحجم ملعب كرة السلة وبعمق طابقين.
خطوط القوى الكهربائية بدأت تنهار، مقطورات سكنية متنقلة وأكواخ ابتلعتها الأرض، رعب أصاب مزارعين على حياتهم، ودفع بهم إلى الكف عن رعاية بساتين النخيل التي أصبحت خاوية على عروشها.
يقول المهندس أبو ظاهر عن هذه الظاهرة: "في ثمانينيات القرن الماضي لوحظ في المناطق الشاطئية بداية ظهور
مجموعات من الحفر الخسفية أو الانهدامية التي سُمِّيت بـ
sink holes
كان هناك 3 حفر فقط على الشواطئ الغربية، أما الآن أصبح عددها يتجاوز 4000 حفرة، ما ينذر بخطر محدق، أي أننا قد ننهض يوماً ولا نجد البحر الميت!
الخلل بدأ يظهر بعد أن تناقص مستوى المياه في البحر الميت بشكل ملحوظ، الأمر الذي أدى إلى تشكُل سيول من المياه الجوفية العذبة التي أخذت تهاجر باتجاه قعر البحر لتعوض النقص، تسببت في ذوبان الطبقات الصخرية الملحية السفلية وسحبت معها كميات كبيرة من الأملاح أدت إلى حدوث حفر خسفية، ومع انخفاض منسوب المياه ازداد عددها في محيط البحر الميت بشكل مطرد.
عند سؤال وليد نوارة الذي يعمل سائقاً لدى شركة سياحية تنقل السياح والمتنزهين إلى البحر الميت عن الحفر الخسفية ومدى انتشارها في منطقة البحر الميت حسبما يراه بعينه يومياً خلال ممارسة عمله، قال: "هناك الكثير من الحفر الخسفية في المناطق المحيطة بالبحر الميت من الناحية الغربية” الإسرائيلية” التي أنقل السياح إليها، وزيارة بعد الأخرى لاحظت أنها تزداد في العدد، ويصل عمق الحفرة الواحدة أحياناً إلى 10 متر، بعضها ابتلع سيارات وأشخاص”.
فيما حاولت السلطات المسؤولة معالجة المشكلة بإنشاء أساسات خرسانية عميقة في الأرض تحت الشوارع والممرات والأرصفة، لكن الملاحظ أن هذه الإجراءات لم تؤتِ أُكلها، ولم تحقق أهدافها المنشودة، بل تصدّعت هذه القواعد بعمق ثم غارت داخل الأرض بما تحمله فوقها.
مخاطر بيئية أخرى
يقول الدكتور أيمن أبو ظاهر مدير عام حماية البيئة في سلطة جودة البيئة الفلسطينية: "يشكل البحر الميت نظاماً بيئياً متكاملاً بشواطئه وينابيعه الممتدة من الفشخة حتى عين جدي، إضافة إلى المحميات الطبيعية المحيطة به والتي تعتبر امتداداً له، "محمية قمران” مثلاً هي محط للطيور المهاجرة من الجنوب إلى الشمال في الصيف والعكس في الشتاء”.
ويقول أيضاً؛ إن للبحر الميت أهمية كبيرة في الاستقرار البيئي واستقرار الطبقات الأرضية في المنطقة، بسبب وجوده في منطقة غير مستقرة زلزالياً، وهي منطقة رخوة نسبياً بسبب أرضيته المكونة من الصخور الملحية.
ونتيجة لانحسار مياه البحر الميت تأثيرات بيئية عديدة ظهرت وأصبحت ملاحظة بشكل واضح، فقد ارتفعت نسبة ملوحة المياه الجوفية في المناطق المجاورة للبحر الميت بسبب دخول المياه الجوفية إلى التكوينات الصخرية التي كانت تشغلها مياه البحر الميت، عدا عن الحفر الخسفية.
أثَّر الانحسار أيضاً على حركة الطيور المهاجرة من أوروبا إلى أفريقيا، ولم تعد تأتي للمنطقة كما السابق.
يقول منَسِّـق مشروع
GLOWA
الباحث السويسري "كريستوفر بونزي” (مشروع دولي بحْـثي تُـديره الوزارة الاتحادية الألمانية للتعليم والبحث العلمي، يقدم الدعم العلمي للإدارة المُـستدامة للمياه في منطقة نهر الأردن بالتعاون مع العلماء المحليين): "لقد اختفت نصف الأصناف الحيوانية والنباتية التي كانت مُنتشِـرة على طول نهر الأردن بالفِعل”.
البحر الميت استجمام وسياحة وحياة برية
يُعد البحر الميت من الأماكن المهمة للسياحة والراحة والاستجمام، ويتربع على سلم تلك الأهمية السياحة العلاجية التي تقصده لعلاج المشاكل الجلدية مثل الصدفية وأمراض العظام مثل الروماتيزم لاحتواء مياهه وطينه على العديد من المركبات العلاجية المهمة. وتحتوي المناطق المحيطة به على أراض زراعية، طرق، محميات طبيعية، وحدائق بها نباتات وحيوانات فريدة.
يقول الأستاذ عماد الأطرش المدير التنفيذي لجمعية الحياة البرية الفلسطينية إن حفرة الانهدام بعمق 420 متراً هي ممراً آمناً لهجرة الطيور من شمال الكرة الأرضية إلى جنوبها، ما يجعلها شديدة الأهمية للحياة البرية عامة والطيور المهاجرة خاصة لتستطيع التكاثر والحفاظ على أنواعها.
لوحظ مثلاً أسراب طيور الزرزور التي تهاجر في جماعات كبيرة، والتي تبدو وكأنها تؤدي رقصات في سماء منطقة البحر الميت، تهاجر في فصل الخريف من مسارين "أوروبا وشمال غرب آسيا” حيث تنتشر باتجاه الأغوار الجنوبية إلى العقبة مروراً إلى أفريقيا.
الأسباب الحقيقية لانحسار مياه البحر الميت
تلعب الأسباب الطبيعية وعلى رأسها قلة الأمطار وارتفاع معدلات التبخر نتيجة درجات الحرارة المرتفعة دوراً في مشكلة انحسار البحر الميت.
إلا أن الأسباب المفتعلة الناتجة عن النشاطات البشرية تلعب الدور المهم والخطير في هذه المشكلة وتفاقم منها.
وتتمثل السياسات المائية لدول حوض نهر الأردن والبحر الميت في الاستيلاء على المصادر التي تغذي النهر، إذ تسهم بحوالي ( 80-83% ) من حجم المشكلة التي تسبب الاحتلال الإسرائيلي بمعظمها.
الصناعات الاستخراجية المقامة على البحر الميت وبخاصة الإسرائيلية، تسهم بحوالي ( 17-20% ) من حجم المشكلة بسبب ضخ المياه إلى الملاحات لتجفيفها واستخراج الأملاح، ولتتضح الصورة أكثر علينا أن نعلم أن "إسرائيل” تتربع على قمة أسباب مشكلة الجفاف وتسهم وحدها بحوالي 58% منها، ويتسبب الأردن بنسبة 28% منها، أما سوريا فتتسبب في 12% ولبنان بنسبة 1% من المشكلة( دراسة إبراهيم الحبيب ورضوان الكيلاني، 2007).
وقد قامت اسرائيل ومنذ بداياتها بتجفيف بحيرة الحولة، والاستيلاء على مياه نهر الأردن الخارجة من بحيرة طبريا تحويلها إلى الخط الوطني الناقل الذي يزود مستوطنات السهل الساحلي والنقب بالمياه اللازمة، هذا التعدي على حقوق الآخرين بالقوة، دفع سوريا والأردن إلى محاولة إنقاذ ولو جزء يسير من حقوقها المائية، في ظل العجر المائي الذي تعاني منه، فأنشأت كل من الأردن وسوريا ولبنان مشاريع مائية على نهر الأردن أدت إلى وصول كميات ضئيلة جداً من المياه إلى المصب (البحر الميت).
ويتغذى البحر الميت من عدة مصادر هي: "نهر الأردن وروافده، الأودية والينابيع الأردنية، الأودية والينابيع الفلسطينية، المياه الجوفية، الأمطار”.
وتُقدر كمية المياه الواردة إليه حالياً بحسب دراسة أُعدت عام 2006 بحوالي 400 مليون م3 بعد أن كانت تصله 1750مليوم م3 قبل عام 1955. ويفقد البحر الميت المياه بما معدله 700-750 مليون م3 نتيجة التبخر، و 250-300 مليون م3 نتيجة الصناعات الاستخراجية أي ما مجموعه 1000م3 ، لاحظ هنا أن العجز المائي يصل إلى 600-650 مليون م3 سنوياً ما بين كميات المياه الواردة والمفقودة( دراسة إبراهيم الحبيب ورضوان الكيلاني، 2007).
حلول خيالية لواقع مُعقد ( قناة البحرين)
في قمة الأرض في جوهانسبرغ في عام 2002 ، أعلنت حكومتا الاحتلال والأردن للعالم عن خطتهما لمشروع "قناة البحرين” الهادفة إلى إنقاذ البحر الميت من الجفاف، وذلك بعد أن وقعت الأردن اتفاقية وادي عربه عام1994 مع الكيان المحتل.
وفي عام 2005 وقَّع الأردن والسلطة الفلسطينية وحكومة الاحتلال اتفاقية شق قناة البحرين التي تتطلع إلى إنشاء أنابيب ضخمة من المياه تربط البحر الأحمر بالبحر الميت، الهدف منها حل مشكلة ندرة المياه لدول المنطقة، وتوليد الطاقة الكهربائية، وتشغيل الأيدي العاملة، وتنشيط السياحة، وإعادة منسوب البحر الميت إلى سابق عهده قبل أن يصل إلى مرحلة الجفاف عبر إمداده بملياري م3 من المياه.
وقد لاقى هذا المشروع معارضة بيئية ضخمة لما يحمله من مخاطر بيئية محتملة منها: حدوث خلل في تركيبة مياه البحر الميت والتي تتميز بنسب عالية وتركيبة فريدة من الأملاح، وفي حال حدوث تسرُّب من الأنابيب الناقلة لمياه البحر الأحمر المالحة في منطقة وادي عربة التي سيقام المشروع على أراضيها، فإن ذلك سيتسبب في تلوث للمياه الجوفية في المنطقة.
ومن المحتمل أن يتسبب المشروع بتأثيرات سلبية قد يذهب ضحيتها الشُّـعَب المَـرجانية والأحياء المائية في خليج العقبة في البحر الأحمر عدا عن اعتلال التوازن البيئي في بيئته البحرية بشكل عام. وقد يؤدي أيضاً إلى تكوُّن تيارات مائية كبيرة يكون لها آثار مدمرة.
كما أظهر الجيولوجيون مخاوفهم من أن يؤدي ضخّ المياه إلى استثارة منطقة الأخدود وتنشيط الحركة التكتونية على امتداد حفرة الانهدام الأردني الأمر الذي قد يتسبب في حدوث زلازل حثِّيِّة لا تُحمد عقباها.
وعدّ بعضٌ هذا المشروع إنقاذاً لدولة الاحتلال؛ فهو يرتبط بمشاريعها المتعلقة بتوسعة وتعميق الوجود الاستيطاني اليهودي في صحراء النقب وبالتالي استقطاب المزيد من المستوطنين الصهاينة إليها. وكان آرئيل شارون قد صرح بعد الإعلان عن اتفاقية دراسة جدوى مشروع قناة البحرين (عام 2005) قائلاً: "إن هدف إسرائيل من الآن وحتى عام 2020 هو توطين مليون يهودي في صحراء النقب”.
وللوصول إلى هذا الهدف، لا بد من توفير المياه ولو على حساب البيئة وعناصرها وحساب الآخرين في المنطقة!
هل من حلول حقيقية للمشكلة؟
نعم.. يوجد حلول!
ولكن الحلول الحقيقة هي تلك التي تأخذ بعين الاعتبار الحفاظ على التوازن البيئي للبحر الميت، وذلك بإعادة تأهيل نهر الأردن، وإعادة مجراه الطبيعي إلى سابق عهده، وإيقاف كافة المشاريع المدمرة إيكولوجيًا والتي أقامها الاحتلال على مجراه لصالح المشاريع الاستيطانية في النقب والأغوار، وإيقاف كافة التدابير والإجراءات التي اتخذتها "إسرائيل” في نهر اليرموك وغيره من الروافد التي كانت تصب في نهر الأردن والبحر الميت. بمعنى أن تُوقف "إسرائيل” حجبها لتدفق مياه بحيرة طبريا في نهر الأردن (نحو 650 مليون متر مكعب تُنهب سنويًا من حوض نهر الأردن)، فضلًا عن وقف نشاطات المصانع الإسرائيلية المستنزفة لمياه البحر الميت (أكثر من 250 مليون متر مكعب تستنزفها المصانع من البحر).
المراجع:
* الأردن: تراجع مياه البحر الميت يتسبب بتكوُّن آبار جافة خطيرة
https://eldorar.social/node/82514
* جفاف البحر الميت وقناة البحرين. ابراهيم محمود حبيب و رضوان جهاد الكيلاني(2007)
https://cutt.ly/wm4AgLx
* "قناة البحرين”.. إنقاذ للبحر الميت أم لإسرائيل؟
https://cutt.ly/qm4Ak8j
*البحر الميت يحتضر.. فهل يموت؟
https://cutt.ly/vm4AES0
*البحر الميت يموت
https://cutt.ly/fm4AUk1
* كيف يموت البحر الميت؟ مذكرات صحافي من قاع العالم
https://cutt.ly/4m4AAjp
* البحر الميت، يموت
https://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2019/10/02/1279835.html
* البحر الميت
https://www.almerja.com/reading.php?idm=81872
* يشكل ظاهرة فريدة على مستوى العالم.. هل يفقد الأردن البحر الميت؟
https://cutt.ly/zm4AFnQ
هُزم العرب في حرب حزيران، وهزموا في "صراع الماء”، فأحكمت دولة الاحتلال سيطرتها على أعالي مجرى نهر الأردن وروافده الأربعة حتى أصبح العَبث في مياه روافده وتحويلها لخدمة مشاريعها الصناعية والاستيطانية الطموحة جداً؛ شأناً خاصاً لا سلطة لأحد عليها. وهكذا بدأت مياه النهر التي تصل للبحر الميت تعتل شيئاً فشيئاً، ومع كل مشروع جديد تقل كمية المياه التي تصل البحر، وينعكس ذلك بانخفاض مستوى مياه البحر بمعدل متر سنوياً.
وتلعب الأسباب الطبيعية وعلى رأسها قلة الأمطار وارتفاع معدلات التبخر نتيجة درجات الحرارة المرتفعة دوراً في مشكلة انحسار البحر الميت. ولكن الأسباب المفتعلة الناتجة عن النشاطات البشرية تلعب الدور المهم والخطير في هذه المشكلة وتفاقم منها.
وتتمثل السياسات المائية لدول حوض نهر الأردن والبحر الميت في الاستيلاء على المصادر التي تغذي النهر، لتسهم بحوالي 80-83% من حجم المشكلة التي تسبب الاحتلال الإسرائيلي بمعظمها؛ إذ أن الصناعات الاستخراجية المقامة على البحر الميت وبخاصة الإسرائيلية، تسهم بحوالي 17-20% من حجم المشكلة بسبب ضخ المياه إلى الملاحات لتجفيفها واستخراج الأملاح.
الحل الحقيقي لأزمة البحر الميت المفتعلة يكمن في أن تُوقف إسرائيل حجبها لتدفق مياه بحيرة طبريا في نهر الأردن (نحو 650 مليون متر مكعب يتم نهبها سنويًا من حوض نهر الأردن)، فضلًا عن وقف نشاطات المصانع الإسرائيلية المستنزفة لمياه البحر الميت (أكثر من 250 مليون متر مكعب تستنزفها المصانع من البحر).
عن - راي اليوم - اللندنية