القلعة نيوز..
غجريات في مقتبل العمر يرتدين ملابس زاهية بالوان فاقعة ملفتة ومميزه جدا ,لا تجد لها مثيل في الاردن ,لا من حيث اللون ولا من حيث التصميم , اغلبهن من ذوات الشعور الشقراء , متبرجات يافعات , يتخذن من اشارات المرور مكان للتسول والتمتع به , تأتيك احداهن الى شباك سيارتك عندما تكون الاشارة حمراء, لتلقي عليك وابل من الثرثرة التركمانية المختلطة ببعض العربية , تحاول ان تستجديك ببعض مما عندك وهي مبتسمة تضحك , بينها وبين وجه البائسة المحتاجة الف ميل وميل , لا فرق عندها ان اعطيتها او لم تعطيها , فغيرك سوف يعطيها , لا مكان للذكور الكبار هناك من هذه الفئة الغجرية , النساء والفتيات والاطفال هم فقط من يمارسون هذه المهنة التي ورثوها عن اجدادهم , الغريب ان احداهن صرحت ان دخلها اليومي لا يقل عن 150 دينار في الايام العادية اما في رمضان فيتجاوز الدخل اليومي عن 400 دينار , بحسبة بسيطة فان معدل دخل المتسولة السنوي لا يقل عن 40 الف دينار , وكلنا يعلم ان معدل دخل الموظف والعامل في كلا القطاعين الحكومي والخاص لا يتعدى 12 الف سنويا , مفارقة عجيبة , والذي يغيظك اكثر انهن يتمتعن بالتسول كما يتمتع الذوات بالتسوق , يقمن بالأمر بكل سعادة .
في شارع المحطة القديم, قدم بيت جدي في قرية المدور , اشارة متشعبة تحت الجسر الذي يأخذك الى جبل النصر, يركن هناك شخص يدعي انه مقعد, ان راقبته بخفية ساعة استراحته تحت الجسر سوف تجده يلعب بعربته خمسات وتشحيط , وبين الفينة والاخرى ينطلق بين السيارات بوجه البائس المدلس, ليستجدي السائقين بعض ما عندهم وبين أصابعه سيجارة ,انه ممثل بارع يتمتع بالتسول ويقود عربته ببراعة المقعد المخضرم .
في مجمع رغدان في الصباح الباكر تجد تلك الغجرية المقطوعة اليدين , تستوقف المارة بكبرياء الغني المترف , تطلب منهم ان يخرجوا لها من الحقيبة المعلقة في رقبتها باكيت المارلبورو ليضعوا السيجارة في فمها ويشعلوها لها , لتنطلق بعدها الى جميع الحافلات الراكنة في المجمع لتستجدي المواطنين بأسلوب غريب وسريع , حتى تنهي جولتها في عمان لتكمل بعدها الى الزرقاء واربد , مسموعات عنها تملك خادمة وفيلا وعدد من السيارات , انها تمارس متعة التسول منذ اكثر من 30 سنه .
متسول اخر في الزرقاء تم رصدة بالكاميرا وهو ينهي فترة متعة التسول اخر النهار, ليذهب الى سيارته الحديثة ذات الزجاج المضلل, والتي يركنها في احد الشوارع الفرعية ,بعيدا عن اشارة المرور ليقودها مسرعا بعيدا عن اعين الحاسدين والمتربصين .
تطول حكايات وقصص المتمتعين بمهنة التسول , هذه المهنة التي لا تحتاج الا الى شيء من الجرأة والوقاحة والكذب والتمثيل , لتجعلك تنعم بقصر وسيارة وحساب بنكي متخم بالمال , حتى وصل الحال ان يغار منهم موظف حكومي في احدى الوزارات المعنية بمكافحة التسول , ليمارس هو بنفسة بعد انتهاء دوامة هذه المتعة المربحة التي تصنع له عيشا كريما افضل من وظيفته الحكومية , لا تحدثوني عن اعداد احصائية لمن تم القبض عليهم , فهذه الارقام لا اؤمن بها ابدا, انا اؤمن فقط ان المتمتعين بالتسول هم اناس وجدوا تساهلا وتسيبا من الجهات المناط بها مكافحة التسول , مما جعلهم يتكاثرون ويزدادون وقاحة وعددا , المكافحة الجادة تحتاج الى عمل جاد ومثابرة مستمرة وليس مجرد حملات متقطعة لا تسمن ولا تغني من جوع , لقد استفحل الامر وتحولت افة التسول الى وسيلة للمتعة وجمع المال السريع, أن الاوان لإنشاء دائرة متخصصة , بدوريات الية وراجلة يوميا في كل بقاع المحافظات للقضاء على كل جذور التسول, سمعة الوطن على المحك وليس مقبولا ان يقابل الزائر والسائح على كل اشارة متسول دجال , حمى الله الوطن ورفع عنه بلاء اللصوص والفاسدين والمتسولين .