عمان-وقع الروائي والمترجم الأردني محمد أزوقة روايته "يوم توقف الزمن"، في حفل أقيم في منتدى الرواد الكبار يوم السبت الموافق 4-12-2021، وقدم فيه قراءة نقدية كل من القاصة هدى أبو غنيمة، الناقدة الدكتورة دلال عنبتاي، وقدم الروائي شهادة إبداعية.
الحفل الذي إدارة المستشارة الثقافية للمنتدى القاصة سحر ملص، حضور جمهور ومديرة المنتدى هيفاء البشير التي قالت نرحب بالحضور وبالروائي محمد ازوقة الذي نحتفي معه بروايته "يوم توقف الزمن"، هذه الرواية التي تشير بوصلها إلى لحظة مفصلية في حياتنا في الوطن العربي ابتدأت من حرب الخليج وما تبعها من أحداث أدت لإراقة الدماء واستباحة لعدد من الدول العربية حتى وصلنا إلى ما نحن عليه الآن فهي تحاول البحث، عما وراء الكواليس معتمدة على الأحداث التاريخية التي جرت متلفعة بإطار فني، اما مضامين هذه الرواية من ناحية فنية وتقنية فسوف يكشف عنه المشاركون في هذا الحفل.
توقفت الناقدة الدكتورة دلال عنبتاوي عند عنوان رواية "يوم توقف الزمن"، الذي يعد كما قالت "العتبة الأولى"، فهذه الرواية هي رواية "زمانية بامتياز"، حيث تبدأ بكلمة اليوم التي هي ظرف زمان ثم يتوالى العنوان توقف الزمن بالإشارة إلى أن ذاك اليوم توقف وتصر الرواية منذ العتبة الأولى على أن الزمن توقف ولم يعد لديه القدرة على الحركة أو الامتداد لما بعد زمنها وتحكي لنا عن زمن يصر فيه الروائي على أن هناك نقطة تاريخية مفصلية وضعت وأخذت مكانها وتموقع التاريخ حولها بل وتوقف عندها وأصابه الجمود وربما الموت، مبينة أن أحداث الرواية دارت في زمننا الحديث وقد اعتمد الروائي في بنائها على محورين رئيسسن هما : "التاريخي، الفني". وأشارت عنبتاوي إلى أن الرواية التاريخية تقوم على تصوير الأشياء كلها، لذلك هي تدلف إلى أحداث الحياة اليومية وتفاصيلها الدقيقة، وتهتم بزمن الحدث وتوضح أهميته من خلال التفاعل بين التفاصيل الحياتية اليومية، مشيرة الى ان أزوقة في هذه الرواية اعتمد على التاريخ والتأريخ الدقيق، والتأريخ الدقيق جدا القائم على تسجيل كل شاردة وواردة حدثت بعد الثاني من شهر آب لعام الف وتسعمائة وتسعين وما تلا ذلك من تداعيات ألقت وما زالت تلقي بظلالها الكثيفة الثقيلة على عالمنا العربي الذي اتخذ شكل كابوس لف الشرق الأوسط بغلالة من حزن كثيف وما زال حتى يومنا هذا. ورأت عنبتاوي أن الروائي تناول الأحداث والوقائع التاريخية بطريقة فنية هادفة ومشوقة، بطريقة لم يكن للمؤرخ أنْ يتقنها ويجيدها ولم يكتفِ بدراسة الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية كما يدرسها المؤرخ، بل ركز على ما اعتمل في نفوس شخوصه، وعبر بطريقته الخاصة والمميزة عن وجدانها، من عواطف وأحاسيس، فقد استفاد الروائي من العلوم الحديثة كعلم النفس وعلم الاجتماع وغيرها من العلوم. وخلصت الى ان الروائي لم يستعمل التاريخ لنقد الحاضر ولا لجعل الحاضر ظواهر اجتماعية وسياسية واقتصادية يسقطها على التاريخ، ولكنه وظف الوعي المشترك المتمازج، ليضيء كل منهما الآخر، حيث يقوم المتخيل بدور الكاشف عن جوهر الحياة واقتناص العناصر الجوهرية الباقية التي يضيؤها الوعي بمفهومي التطور والتقدم ولقد استطاع الروائي امتلاك الشجاعة والجرأة في الحديث بجرأة وكشف المستور، وقد عمل عبر إبداعه الفني على الجمع بين ما هو واقع وبين ما ينبغي ان يكون، وقد نجح في ذلك أيما نجاح.
من جهتها تحدثت القاصة هدى أبو غنيمة عن المضامين العامة لرواية "يوم توقف الزمن"، وهو ان الرواية بدأت بقصة حب في مدينة جدة، بين الشاب الأردني أحمد عبد القادر الجبر الذي يعمل مديرا لإحدى أهم شركات التصدير والاستيراد وبين طبيبة الأسنان القادمة من غزة للعمل في جدة مع والدها المهندس جورج شحيبر، يلتقي الشاب أحمد مع القادمين الجدد في المجمع السكني الذي يسكن فيه أحمد واستأجر المهندس جورج مع ابنته. شقة فيه". رأت أبو غنية ان أزوقة أراد من هذه الرواية أن يشرك القارئ في التوثيق للأحداث التي حصلت في حرب الخليج، وقدم معلومات موثقة، عن تلك الأحداث التي مازالت تداعياتها مؤثرة في الفوضى السياسية والاقتصادية في عالمنا العربي وأثرها على فلسطين المحتلة، كما وثق من خلال سرده موقف جلالة الملك الحسين ورؤيته الثاقبة لتداعيات الأحداث وللمخططات التي تهدف إلى تدمير العراق، بعد أن فتحت نهضة العراق عيون الأطماع الاستعمارية في خيراته وموارده، وحرص جلالة الملك الحسين على وحل الخلافات العربية لحمايتها من التدخل الخارجي.
قدم الروائي محمد أزوقة شهادة إبداعية حول تفاصيل هذه الرواية قائلا "في العام 1990، كنت اعمل في جدة بالمملكة العربية السعودية وعشت مع مجموعة من الأصدقاء القادمين من عدة أقطار عربية، أيام الأحداث الصعبة، وظلت عملية احتلال العراق والكويت – وما تلاها من مآسي، تؤرقني وتؤلمني وتستفزني، طيلة سنوات الحصار ومآسيه، ثم جاءت الطامة الكبرى مع تلفيق حكاية أسلحة الدمار الشامل العراقية، والغزو، إلى ان حصل إعدام الرئيس صدام حسين، حيث صممت على أن أكتب عملاً يرسخ كل هذه الفواجع في الذاكرة العربية الجمعية. قال أزوقة "استمرت عملية الكتابة في هذه الرواية مدة عامين، فأنا كنت أكتب الفقرة وأتركها مدة قد تصل الى شهرين، ثم أعيد قراءتها، فأضيف إليها أو أشطب منها، وقد أمزقها كلياً، فقد علمتني التجربة أن الروائي يكتسب قدراً من الموضوعية عندما يترك النص لفترة ما، ثم يعيد قراءته، لقد شعرت طيلة فترة الكتابة – أنني أسير على حبل مشدود، رفيع جداً، في محاولة لعدم الانجرار وراء قناعاتي الشخصية، لتقديم عمل ينصف الحدث ويفتح المجال أمام آراء وقناعات مختلفة، ربما تكون متناقضة، وكذلك يحافظ العمل على الموضوعية، فهل نجحت؟ أظن أن الجواب متروك للقارئ"