أكد محافظ البنك المركزي الدكتور عادل الشركس، أن الاقتصاد الوطني يسير بخطى ثابتة نحو التعافي من تداعيات جائحة كورونا، مستشهداً بالأداء الإيجابي للعديد من المؤشرات الاقتصادية الكلية، لا سيما مؤشرات القطاع النقدي والخارجي، وهو ما مكن الاقتصاد الوطني من تسجيل نمو نسبته 2.2 بالمئة خلال العام الماضي متجاوزاً التوقعات السابقة بهذا الخصوص.
وتوقع الشركس خلال لقائه، اليوم الثلاثاء في جمعية البنوك، رؤساء وأعضاء مجالس إدارات البنوك، ارتفاع معدل النمو الاقتصادي إلى 2.4 بالمئة في العام الحالي، مدفوعاً باستمرار تحسن أداء العديد من المؤشرات الاقتصادية، إذ نمت مقبوضات المملكة من الدخل السياحي بنسبة 251.4 بالمئة خلال الربع الأول من العام الحالي، وسجلت حوالات العاملين نمواً بنسبة 16 بالمئة خلال الشهرين الأولين من العام، إلى جانب نمو الصادرات الوطنية بنسبة 37.2 بالمئة خلال الشهرين الأولين من العام الحالي.
وأشار إلى أن أثر الموجة التضخمية العالمية لا يزال محدوداً على الاقتصاد الوطني، متوقعاً أن يسجل معدل التضخم مستوى يتراوح حول 3 بالمئة في نهاية العام الحالي.
وثمن الشركس الجهود الكبيرة التي تبذلها البنوك في دعم الاقتصاد الوطني، لا سيما في التخفيف من تداعيات جائحة كورونا على الشركات والأفراد، وثمن كذلك تنفيذها المسؤول والفعّال لمبادرات البنك المركزي. واستعرض الشركس، خلال اللقاء، أبرز التطورات الاقتصادية العالمية والمحلية، وتطورات الأوضاع النقدية والمصرفية، وأولويات البنك المركزي في المرحلة المقبلة.
وأشار إلى أن الاقتصاد العالمي يشهد صدمات متلاحقة بسبب تداعيات جائحة كورونا، وما تلاها من تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية، والإغلاقات في الصين، أسهمت في تخفيض توقعات نمو الاقتصاد العالمي للمرة الثانية في العام الحالي بحوالي 0.8 نقطة مئوية ليبلغ 3.6 بالمئة في عام 2022، مبينا أن العديد من دول العالم تُسجل اليوم معدلات تضخم غير مسبوقة منذ ثمانينات القرن الماضي بفعل هذه الصدمات. وأكد الشركس أن الأردن تمكن من تنفيذ العديد من الإصلاحات الاقتصادية خلال عقد من الزمان، استطاع من خلالها ترسيخ ثقة المجتمع الدولي، مشيراً إلى أن تثبيت التصنيف الائتماني للمملكة عند "نظرة مستقبلية مستقرة" بمثابة شهادة على متانة الاقتصاد الوطني. وأضاف أن المرحلة الحالية تشهد حراكاً وطنياً مكثفاً لإعداد رؤية اقتصادية للأردن للسنوات العشرة المقبلة بهدف تحفيز النمو وإيجاد فرص العمل في المملكة، من خلال عقد ورش العمل الاقتصادية تحت الرعاية الملكية السامية.
وتطرق الشركس إلى إدارة البنك المركزي للسياسة النقدية وحرصه على التوازن بين متطلبات تحقيق الاستقرار النقدي، كهدف رئيس، وتوفير قنوات تمويل بشروط ميسرة لدعم النمو الاقتصادي، وهو ما كان الهدف وراء إطلاق برنامجي البنك المركزي للتمويل بشروط ميسرة بقيمة 2.0 مليار دينار.
وأكد حرص البنك المركزي على دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وتمكينها من الوصول إلى خطوط تمويل متنوعة بكلف ملائمة، خصوصاً الشركات التي لديها قدرة على استمرارية أنشطتها واستعادة أرباحها. وشدد الشركس على التزام البنك بنظام سعر الصرف الثابت للدينار الأردني مقابل الدولار الأميركي عند مستواه الحالي، ويدعم ذلك وجود رصيد مرتفع من الاحتياطيات الأجنبية يبلغ حالياً 18.0 مليار دولار، ووجود جهاز مصرفي منيع يتمتع بمؤشرات متانة مالية مرتفعة لم تتأثر بتداعيات الجائحة.
واستعرض أجندة البنك المركزي خلال المرحلة المقبلة، والتي ستركز على العديد من الأولويات، منها الإبقاء على نوافذه التمويلية إلى حين تأمين التعافي للقطاعات الاقتصادية، داعياً البنوك إلى الاستمرار في دعم الشركات التي لا يزال لديها فرصة لاستمراريتها واستعادة أرباحها.
وأشار إلى أن هذه الأولويات تتضمن أيضا إخضاع جميع الشركات التي تُمارس نشاط التمويل للترخيص من قبل البنك المركزي بموجب نظام شركات التمويل الأصغر الذي سيدخل حيز التنفيذ نهاية الشهر الحالي، هذا بالإضافة إلى الرقابة والإشراف عليها لضمان قيامها بعملها بكفاءة، وتتضمن هذه الأولويات أيضاً التوجه نحو التمويل الأخضر، وتعزيز الشمول المالي، وتوسيع عملية الرقمنة، فضلاً عن تطوير الإطار التشريعي لتنظيم قطاع الصيرفة.
(بترا - رائف الشياب)