و اخيرا، اعلن استقلال الدولة الاردنية يوم 16 كانون الثاني عام 1946 بتصريح خاص من المستر بيفن وزير الخارجية البريطانية من على منبر الامم المتحدة، و الذي كشف فيه نية بريطانيا رفع الانتداب عن شرقي الاردن. و في 20 شباط 1946 بدأ سمو الامير زيارة رسمية الى لندن بدعوة من الحكومة البريطانية، يرافقه وفد حكومي، لاجراء مفاوضات فك الانتداب. تراس الوفد ابراهيم هاشم رئيس الوزراء وعضوية عبد المنعم الرفاعي و بهاء الدين طوقان. و وقع الاتفاق في 22 اذار في لندن، و أقره مجلس الوزراء الاردني في 30 اذار، 1946. و في 25 ايار من عام 1946صادق المجلس التشريعي على المعاهدة في ظل حوار وطني ساخن ابرز في حينه بدايات تشكيل بيئة سياسية متنوعة و فاعلة. جميع الاطياف السياسية كانت متفقة على حتمية الوصول الى الاستقلال حيث جاء بالبيان الصادر عن المجلس انه و "تحقيقا للاماني القومية و عملا بالرغبة العامة ... و استنادا الى حقوق البلاد الشرعية و الطبيعية ... اعلان البلاد الاردنية دولة مستقلة استقلالا تاما و ذات حكومة ملكية وراثية نيابية ...". و عندها القى جلالة الملك عبد الله الاول خطابا قال فيه:
"انه لمن نعم الله ان يدرك الشعب بأن التاج معقد رجائه و رمز كيانه و مظهر ضميره و وحدة شعوره، بل انه لامر الله و وصية رسله الكرام ان يطالع الملك الشعب بالعدل و خشية الله، لان العدل اساس الملك و رأس الحكمة مخافة الله. و اننا في مواجهة اعباء ملكنا و تعاليم شرعنا و ميراث اسلافنا لمثابرون بعون الله على خدمة شعبنا و التمكين لبلادنا و التعاون مع اخواننا ملوك العرب و رؤسائهم لخير العرب جميعا و مجد الانسانية كلها. على اننا و نحن في جوار البلد المقدس فلسطين العربية الكليمة ستظل فلسطين باعيننا و سمعنا. متوجهين الى الله العلي القدير بان يسدد خطانا و يثبتنا في طاعته و حفظ امانته و ان يهدينا صراطا مستقيما". من دروس الاستقلال ان الرعيل الاول، على اختلاف ارائهم السياسية و زخم النشاطات الوطنية المختلفة، اجتمعت و تماهت جهودهم في خدمة الوطن و غاياته الاسمى. اكثر من رأي و وطن واحد، كان بالفعل العنوان و الممارسة .
ادام الله الاردن حرا منيعا مهابآ مستقرآ تحرسه عناية الرحمن و حدقات العيون ، و رحم الملك عبد الله الاول، و الملك طلال، و الملك الحسين، و اطال في عمر صاحب التاج جلالة سيدنا، و حفظ ولي عهده الامين.