القلعة نيوز - يشهد العالم منذ بداية العام الحالي موجة تسريحات لآلاف الموظفين في مختلف القطاعات نتيجة تباطؤ النمو الاقتصادي الذي تسببت فيه أزمة سلاسل التوريد جراء وباء كورونا، وأيضا الحرب الروسية الأوكرانية التي أثرت بشكل مباشر على قطاعات اقتصادية حيوية بالإضافة لتشديد البنوك المركزية الكبرى حول العالم لسياستها النقدية في محاولة لكبح التضخم.
وطالت التسريحات خلال الأشهر الأخيرة من العام الجاري الموظفين في عمالقة شركات التكنولوجيا والاتصالات، حيث فقدت "تويتر" على سبيل المثال 50 بالمئة من موظفيها الذين كان يبلغ عددهم 7500 موظف و"أمازون" التي واجهت الأزمة الاقتصادية بتسريح 10 آلاف موظف، ومايكروسوفت وميتا اللتين سرحتا 11 ألف موظف بواقع 11 بالمئة من موظفيهما، إلى جانب منصة "سناب شات" التي تخلّت عن 20 بالمئة من موظفيها بواقع ألف موظّف، بعدما فقدت الشركة 80 بالمئة من قيمتها في بداية العام الجاري.
وفي ظل موجة التسريحات التي تمر بها كبرى المنشآت العالمية عموماً، قد نتساءل عن مصير الآلاف من الموظفين الذي ذهبوا ضحية لهذ التسريحات والإسراع في إيجاد الحلول سواء على مستوى الدول التي قد تعاني من ازدياد معدلات البطالة أو تبعاتها والآثار المترتبة عليها، وعلى مستوى الأفراد الذين فقدوا وظائفهم وبالتالي مصدر دخلهم الوحيد.
ويعتبر خبير الموارد البشرية المستشار عبد الرحمن عريف مواجهة العديد من المنشآت وحتى العملاقة منها الركود بتقليص القوى العاملة (Downsizing) قبل تخطيط القوى العاملة لمعرفة العدد الأمثل للعاملين (Rightsizing) خطأً فادحاً قد يؤدي في النهاية إلى زوال هذه المنشآت، إلا أنه واقع حال ينبغي التعامل معه حسب قوله.
ويضيف عريف: "قبل أن نبحر في البحث عن الحلول ينبغي علينا أن نعرّف المشكلة تعريفاً دقيقاً لكي نجد لها الحل المناسب، ولأن بحثنا يدور حول الموظف فلا بد أن نحدد إن كان يحتاج إلى خطة بديلة أم إلى البدائل، فالخطة البديلة غالباً ما تسعى إلى تحقيق نفس الأهداف ولكن بمستوى أقل من الخطة الأصلية، كأن يقبل الموظف بمستوى معيشي أقل أو الالتحاق بمنشأة أخرى أقل مستوىً من منشأته السابقة، وأما البدائل فقد تكون تغييراً جذريا في توجهاته وتخصصه ونشاطه أو حتى ميوله".
ولكي يتمكن الموظف من إحداث هذا التغيير، يتابع عريف، عليه أن يبحث عن إجابات للأسئلة التالية.. لماذا احتفظت المنشأة بموظفين آخرين ولم تحتفظ بي؟، ما العامل المشترك بين الموظفين الذين تم الاحتفاظ بهم؟، ما العامل المشترك بين الموظفين الذين تم تسريحهم؟، إن كان الهدف من التسريح خفض التكاليف فلماذا احتفظت المنشأة بموظفين من أصحاب الدخل العالي بينما تم تسريح آخرين دخولهم متدنية؟.
ويشرح خبير الموارد البشرية عريف أن "الإجابة على هذه الأسئلة ستساعد الموظف المسرّح على إيجاد البديل المناسب، فغالباً ما تلجأ المنشآت لتسريح الموظفين الذين يشكل الإنفاق عليهم هدراً، أي أن تكلفتهم عالية مقارنة بالعائد المتحقق منهم، فمن المستحيل أن تفرط المنشآت بالعاملين الذين يحققون عائداً مالياً مجزياً مقارنة بتكلفة الإنفاق عليهم، إضافة إلى أن هناك بعض الوظائف التي انقرضت أو على وشك الانقراض ، وظهرت وظائف أخرى تواكب مجموعة من المتغيرات وعلى رأسها المتغيرات التقنية والاقتصادية والتي تحاكي سوق العمل".
فعلى سبيل المثال لا الحصر، حلت وظائف الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي وتطبيقات المتاجر الإلكترونية محل وظائف التقنية التقليدية التي تشبع بها سوق العمل، واستحوذت وظائف السياحة والترفيه كما هو حاصل في المملكة العربية السعودية على نصيب الأسد خلال السنوات القليلة الماضية، وبالتالي فإن الطلب تقلص على الوظائف التقليدية وازداد في الوظائف الحديثة التي فرضتها المتغيرات السياسية والاقتصادية والتقنية والاجتماعية وغيرها على سوق العمل، وفقاً لعريف.
ولكل من فقد وظيفته ينصح خبير الموارد البشرية المستشار عبد الرحمن عريف بدراسة خمسة خيارات، أولها تغيير التوجه كأن يعيد توجيه ميوله وشغفه وتخصصه بما يتناسب مع سوق العمل إذ قد يكون توجهه لمجال معين خاطئ منذ البداية، وثانيها رفع مستوى الأداء وتطوير القدرات فقد يكون الأداء المتدني عاملاً رئيسياً في اختيار من سيتم تسريحهم، أما الثالث فهو اختراق سوق العمل والتوجه نحو العمل الخاص ولا بأس في العمل بمستوى بسيط في بداية الأمر يتناسب مع إمكانيات الشخص أو الاستعانة بشريك أو ممول.
في حين يتجلى الخيار الرابع في الاستعانة ببعض اختبارات الميول (السيكومترية) لمساعدة الشخص في تحديد ميوله وشغفه ونقاط التميز لديه، والخامس تسويق الشخص لنفسه وخاصة التسويق الإلكتروني من خلال جميع وسائل التواصل الاجتماعي.
سكاي نيوز عربية