شريط الأخبار
مذكرة تفاهم بين صندوق حياة للتعليم و جامعة العلوم والتكنولوجيا مباراتان بدوري المحترفين الأردني الجمعة إغلاقات طرق في البحر الميت غدا البيت الأبيض : نريد اجابات من الاحتلال بشأن المقابر الجماعية في غزة شركة تعدين روسية عملاقة تنقل بعض إنتاجها إلى الصين ايفرتون يبعد ليفربول عن سباق المنافسة على الدوري الإنجليزي السير للأردنيين: تفقدوا مركباتكم ولا تترددوا بطلب المساعدة جلسة لمجلس الأمن بشأن الوضع في سوريا أسعار الذهب في السوق المحلية الخميس مفاجأة.. تشافي يتراجع عن قراره! أجواء لاهبة.. ارتفاع إضافي على درجات الحرارة اليوم الحوثيون: نفذنا 3 عمليات إحداها ضد مدمرة أميركية جيمي ديمون يبدي قلقه من تكرار الاقتصاد الأميركي أزمة السبعينيات ظواهر أسلوبية في شعر الأردن يسير 115 شاحنة مساعدات غذائية جديدة لغزة "كاف" يحسم أزمة مباراة اتحاد العاصمة الجزائري ونهضة بركان المغربي الجامعة العربية تدعو العالم للاعتراف بدولة فلسطين لإنقاذ فرص السلام أطعمة إفطار تساعد في تنظيم نسبة السكر بالدم منتخب الشابات يخسر أمام نظيره اللبناني بالاسماء .. مدعوون للتعيين في وزارة الصحة

واقعية المشهد......كم يلزمني من وقت لكي أتذكر وأفهم في عيد ميلادي اليوم ؟؟؟

واقعية المشهد......كم يلزمني من وقت لكي أتذكر وأفهم في عيد ميلادي اليوم ؟؟؟
القلعة نيوز -د.فائق فراج كم يلزمني من وقت لكي أتذكر خبزاً بالطابون قبل أن تشرق الشمس وتجهيزها الإفطار لنا مع شواء البيض والزيت والزيتون والزعتر فإنني أحب بلادي أكثر . أمي التي أطلقت عليها (السنديانة)في إحدى مقالاتي وهي تلبس الثوب الفلاحي المطرز باليد والخرقة البيضاء والشملة فتزيدها جمالاً لا مثيل له ، ووالدي الذي يلبس (الكمباز)(الشير) الروزا والعقال والكوفية والذي كان يعمل بوكالة الغوث حارساً للمدرسة ولكن أهميته تكمن في قيمته الاجتماعية مع محيطه الذي يسكن فيه ويتجول به بحرية وأمان . أبي وأمي بينهما توافق ومحبة وتوازن في علاقتهما لخدمة الأسرة والتي كانت جميعها تنام بغرفة واحدة ، والمشكلة في فصل الشتاء البارد حيث يقوم والدي بإعداد وتجهيز الدفء لنا ونحن نيام من خلال كانون الحديد وخشب الزيتون وتنكة مفتوحة لتوليع النار حتى يوفر لنا الدفء ويذهب إلى عمله وهو مطمئن. كم يلزمني من وقت لأتذكر المخيم ( مخيم الدهيشة)على طريق الخليل -القدس وهو محاصر لمدة 15 عام من سور وحواجز وسيارات الجيب الإسرائيلية تراقب كل شيئ في المخيم ، كل هذا لم يؤثر على أبناء المخيم ( مخيم الأبطال) فالصمود يزداد والانتماء يخترق الأرض وسنابل القمح تزرع في كل مكان ، ولا أنسى الجبال المحيطة بهذا المخيم (جبل سبات)وجبل أنطون والذي لم يعد كما هو من حيث البنيان . كم يلزمني من وقت لكي أعلم وأدرك بداية حياتي وأنا أستمع من خلال الراديو(لزعيم القومية العربية) جمال عبد الناصر الله يرحمه ونصفق له دون أن نراه ويحسب له العالم ألف حساب ولكن لم أكن أعرف أن الخيانة كانت كلغم وضعه الغرب في قيادته وأسقطت خطابه أمام الجماهير العربية . كم يلزمني من وقت لكي أعرف كيف تم ابعادنا من بلادنا فلسطين تحت مظلة القهر والظلم والاستبداد الذي اتفقت عليه الدول الاستعمارية لحماية مصالحها الذاتية على حساب شعوب أخرى . لقد كنت صغيراً لم أعرف ماذا يجري وحتى الأكبر سناً منا لم يدركوا حجم المؤامرة ونتائجها ولم تكن لديهم القدرة على المؤامرة أو التصدي لها لأنهم لم يكونوا يملكون سلاح التحدي وكأنهم اقتنعوا أن ما عليهم هو الأكل والشرب والنوم فقط وتنفيذ الأوامر . وهذه حالة اللاوعي التي كان يعيشها أهلنا في فلسطين مع العلم أنهم كانوا يملكون 90%من الثقافة التقليدية والمميزة والتعليم نسبة عالية ولكن ممنوع الترجمة . وقام الغرب بزرع هيئات دولية كوكالة الغوث بحجة مساعدة أبناء النكبة ولكن الحقيقة كانت مؤامرة ضد شعبنا في فلسطين حتى تكتمل أهدافهم وقد نجحوا في ذلك . ومن هنا كم يلزمني من وقت لكي أفهم وأفسر وأحلل صمود شعبنا الفلسطيني واستمراريته حتى الآن وهو لا يحمل ما يحمله العدو من أسلحة عسكرية وسياسية واقتصادية . نعم المبدأ والتربية والانتماء الحقيقي للوطن وغرسها في عقول أبنائنا من جيل إلى جيل قصم ظهر المؤامرة العالمية وواقعنا الآن يشهد على ذلك في كل أنحاء فلسطين وهذا زرع الخوف والقلق في صفوف الأعداء سواء الصهاينة المحتلين أو المتآمرين والذي صنع القرارسابقاً . كم يلزمني من وقت لكي أفهم بأن كل ما حصل خلال سبعين عاماً لم يكن صدفة بل جاء بالإكراه والقتل العمد والسيطرة بالسلاح ،ولكن أمي بقيت تلبس ثوبها المطرز وخرقتها البيضاء ووالدي بقي يرتدي (الكمباز)وارتبط الفلاح بأرضه أكثر ومن هنا حاول المستعمر أن يخترق الحس الوطني لأبناء فلسطين عن طريق تقديم المال من أجل ترك الأرض حتى تموت وكاد أن ينجح ولكن صاح ضمير أبنائنا في فلسطين وأوقفوا هذه المؤامرة . كم يلزمني من وقت لكي ادرك أنني لم أقم بواجبي اتجاه وطني بالشكل الصحيح والمناسب وأن أشاهد كل يوم شباب وشابات وأطفال يتم اغتيالهم يوم بعد يوم والعالم يبقى واقفاً يشاهد دون اتخاذ ما يجب اتخاذه. كم يلزمني من وقت لكي أعرف جيداً بأن الحياة الاجتماعية التي كان يعيشها أبناء مخيمي (الدهيشة) كانت مميزة ورائعة في الأداء ،القلوب تسير بنبض خط المحبة ،لا يعرفون الحقد أو الكره ومتلازمون جنباً إلى جنب في علاقاتهم ويسيرون نحو هدف واحد وهو الثبات والصمود والارتباط بالوطن وهذا ينطبق في كل الأراضي الفلسطينية . ولا أنسى لحظات مازالت تسير في دمي حين أقدم جيش الاحتلال على اعتقال أخي أصغر سنا مني (الصحفي)حسن عبد الجواد في ليلة عرسه ووقفت أمي رحمها الله أمام الفرقة بكل شجاعة وقوة لمنعهم من ذلك ولكن........ولا أنسى مواجهة والدي (أبو فايق) الاحتلال في مظاهرة أصيب على أثرها برصاص مطاطي وغيره كثير من أبناء المخيم وآخرهم قبل يومين حيث تم اغتيال الطفل من عائلة الخمور بدم بارد ، وبقي مخيم الدهيشة لمدة (15)عام يعاني الحصار الشامل ولكن صمود وثبات أهله حطم هذا الحصار والسور الذي بني حوله . كم يلزمني من وقت لكي أدرك بعد أن كنا في غرفة واحدة أصبحنا ننتقل من دولة إلى أخرى ولكن بقامات مرفوعة الرؤوس تهتز لها كيانات الظلم والاستبداد ، ولا أنسى في ذاكرتي حين واجهت والدتي المحامية (فينيسيا لانجر)وأبناءها أحدهما في سجن الاحتلال واثنين تم طردهما من فلسطين والرابع كان صغيراً. كم يلزمني من وقت لكي أدرك جيراني في المخيم وأدرك صلاح أبو شيمة (صاحب الفكر الوطني) والمناضل طيلة هذه الفترة وكنت دائماص أستمع إلى تعليقاته في مباريات كرة القدم المحلية وهو قيمة وطنية نفتخر بها على الدوام . رحمه الله رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته ،وكذلك كيف أتذكر أحد علماء الذرة في أمريكا والذي حصل على درجة الأول في الضفتين (خضر رحال)من قرية عرجوف حيث كانت بركات أم حسن الديرباني والشيخة (مشايخ) تعطيه التفوق بالدعاء له عن قرب وهذا يدل على العلاقة الاجتماعية بين الجيران على مستوى المخيم في الأفراح والأحزان دون النظر إلى عائلة فلان أو فلان . وهذا بحد ذاته جزء من التراث النقي الذي حافظ عليه أهلنا في فلسطين . يكاد يبتلعني الجنون وتكون أوشحة الحرمان تقتلني ولكن الأهم التحرير والاستمرار في النضال والحفاظ على ثوابتنا الشامخة والتي نعتز بها بجميع أنحاء العالم ، ولا أنسى زوجة عمي العبد (أم عماد )التي كانت تواجه الاحتلال في كل وقت رحمها الله . وأخيراً كم يلزمني من وقت لكي أعرف نفسي جيداً واليوم عيد ميلادي وكيف أصبحت الآن وقضيت أكثر من ثلاثين عاماً أدرس بالجامعة وتخرج من تحت مظلتي في المواد التي أدرسها للطلبة أكثر من (40)ألف طالب وطالبة ولم أشعر بالماضي الذي عشته في (مخيم الدهيشة) وأدركت أنني لم أكن موفقاً في خدمة مجتمعي لابتعادي عنه مجبراً ولكن عشت في الأردن التوأم وكأنه لم يختلف عني شيء معززاً مكرماً وكأنني أقوم بواجبي في فلسطين . ونحن نعرف أنه تجمعنا لغة الدم والنسب والقيم مع شعبنا في الأردن وهذا ما خفف عني البعد القسري ومنحني شيئاً من الاستقرار والأمان . وأشعر أنني بحاجة إلى وقت كبير لأدرك ما جرى وما سيجري متخيلاً مستذكراً للأجيال القادمة والتي ستكون خنجراً حاداً في حلوق المتآمرين على شعبنا وسيكون لنا النصر بإذن الله ومن هنا أقول لأبنائي الحقيقيين ومن درستهم في الجامعة ولأصدقائي ومعارفي أقول لهم احترام الوطن واجب وطني لأن من لا يحترم وطنه لن يجد مكاناً يحترمه حتى في الصحاري والجبال والأدغال . النصر والخلود لشهدائنا الأبطال وتحيا فلسطين عربية حرة