القلعة نيوز- كتبت الكاتبة رانيا زريقات
يقف رجل كثيف اللحية مغبر الثياب ممزق الروح أمام لافته صغيرة كتب عليها "ممنوع التدخين "على باب أحد المقاهي أشعل سيجارة ووقف خارجا غير مكترثا بعصف الرياح و نزوح المطر الغزير من الغيوم الرمادية الملبدة في سماء ليلهِ .
رجع خطوتين للوراء ووقف على عتبة باب المقهى أسفل مظلة يتأمل وجوه المارة أمامه كان الشهيق الممتلىء من دخان سيجارته كابتلاع الحزن
الذي يتعبهُ ،يبتلعهُ في نفس واحد ثم يزفره حراً طليقا للظلام ! و كأنه يمارس تمارين التنفس ليرى حزنه مبعثرا أمام وجهه ليتبخر مع بخار انفاسه الدافئة بين ثنايا أضواء المقهى.
شعر بغصة في صدره و الم في ظهره ،خسارتهُ لزوجته ،و فقدانه عمله ،قلة حيلته و فقر جيبه كل هذا كان لوقعه أثر عميق في قلبه.
أخبار الحروب و القتل ،أزمات اقتصادية، الأوبئة في كل مكان ،الأخبار المقيته،الطقس المتقلب ،حتى المقاهي أعلنت تمردها و رفضها لرجل مثله لم يمتلك في تلك اللحظه سوى بعض الدنانير لشراء قهوه ليجلس ربما بسلام زائف ليبدو زبونا وقورا يستحق مقعدا في هذه الحياة البائسة .
سحب آخر نفس منها و أسلم الروح بسكته قلبية حادة و كتب على ورقة تشخيص موته:مات بسبب سيجارة !