الننائب الاسبق ميسر السردية
يستطيع المرء أو قد يحاول تجنب الذهاب إلى مناطق الإشتباك والإحتراب في الدول غير المستقرة وقد يضطر للنزوح إن أمكن له ذلك، ولكن المشكلة المعقدة كيف وإلى أين تنزح في الأردن" الآمن " من إحتراب حوادث السير أو المشاركة في عرسٍ بل من الوقوف في شرفة منزلك أو الجلوس بقرب النافذة التي قد تنفذ إلى رأسك منها رصاصة طائشة ، لا بسبب معركة مع عدو، بل لأن أحدهم مازال يرواح في تقليدٍ متخلف عفا عليه الزمن.
حاولت البارحة تفادي قراءة تفاصيل خبر الوفاة الدرامي لعريس معان ، بل التهرب من الصور وقبلها أخبار حوادث السير التي يتضخم رصيدها يومياً حتى روداتني فكرة كيف استطيع التنقل بعد أن صار يسكنني هاجس الخوف من سائق متهور يتدحوش مزمجرا وكأنه يبحث عن ضحية يفرمها، لا لشيء سوى أنه مستعجل، يريد أن تُفتح له كل المسارب دون غيره.
نعم الموت حق، وكما قال الشاعر من لم يمت بالسيف مات بغيرة، هذا كان زمن الحض على الشجاعة وخوض المعارك، ولكن لماذا نموت بالسيف والرصاص والدهس ؟! هل هذا هو الموت العادي الطبيعي.. أم القتل بحد ذاته؟!
في كتابه نظرية الفستق يقول الكاتب فهد عامر الأحمدي أنه ركب مع ابنه السيارة ذات مرة وكادت أن تحصل لهم حادثة مميته، فقال تخيل مثلا أنك خرجت لشراء فستق ومت بسبب السرعة والتهور، فهل القضية فعلا تستحق التضحية لهذا الحد ؟!... إنه فستق.
هل نرعوي عند هذه المآسي الأخيرة التي جرحت قلوبنا وضمائرنا؟! - إن كانت لبعضنا ضمائر حية بالطبع-هل نستطيع الصراخ في وجه هذا الخوف؟! هل نستطيع القول فعلا وحقا وداعا أيها التهور... وداعا أيها السلاح؟!!! ... وداعا أيها العبث.. وداعا أيها التخلف.. وداعا أيها الإستعراض... ضبوا اسلحتكم عنا.. ارحموا دواسة البنزين.
لم يعد الوعظ كافياً، وكما قال د. على الوردي "نحن في الواقع واقفون في مكاننا أو راجعون إلى الوراء" عاقبوا الطيش واللامسؤولية بأشد العقويات علنا نعيش بلا خوف و نموت بسلام....