لا تزال الحشرة الصغيرة، التي تزعج مزارعي الفاكهة، والمعروفة باسم "ذبابة الفاكهة"، تقدم من ناحية أخرى خدمات جليلة للبحث العلمي في مجال الأمراض، حيث لعبت مؤخرا دورا في اكتشاف سبب غير معروف لأمراض القلب.
وعلى الرغم من بساطتها، إلا أن ذبابة الفاكهة تتشارك مع البشر في حوالي 75% من الجينات، بما في ذلك العديد من الجينات المرتبطة بالأمراض، وهو ما يؤهلها ضمن 4 أسباب أخرى للمشاركة بقوة في الأبحاث على الأمراض، وهي:
أولا: دورة حياتها قصيرة، لا تتعدى حوالي 10 أيام من البيضة إلى الحشرة البالغة، مما يسمح بمراقبة سريعة لأجيال متعددة والحصول على نتائج تجريبية سريعة.
ثانيا: من السهل التلاعب بها وراثيا، مما يجعل من السهل دراسة تأثيرات جينات معينة.
ثالثا: تكلفة التجارب المرتبطة بها غير مكلفة وتتطلب الحد الأدنى من المساحة والموارد مقارنة بالحيوانات الأكبر حجما.
رابعا: نموذج راسخ للبحث، حيث توجد معرفة وراثية واسعة النطاق تسهل الاكتشافات الجديدة.
ذبابة الفاكهة قدمت خدمات جليلة للبحث العلمي
وعلى مدى نحو قرن من البحث ساعدت ذبابة الفاكهة في كثير من الاكتشافات، منها:
أولا: نظرية الكروموسومات في الوراثة أدى عمل توماس هانت مورغان مع ذباب الفاكهة في أوائل القرن العشرين إلى اكتشاف أن الجينات تحمل على الكروموسومات، مما أكسبه جائزة نوبل.
ثانيا: التحكم الوراثي في التطور كشفت الدراسات التي أجريت على التطور الجنيني لذبابة الفاكهة عن العمليات الأساسية لكيفية تحكم الجينات في التطور، مما أدى إلى رؤى ثاقبة في علم الأحياء التنموي البشري والأمراض. ثالثا: إيقاعات الساعة البيولوجية كشفت الأبحاث التي أجريت على ذباب الفاكهة عن الآليات الجزيئية لإيقاعات الساعة البيولوجية، أو الساعة البيولوجية، والتي لها آثار على اضطرابات النوم وغيرها من الوظائف البيولوجية المرتبطة بالوقت.
رابعا: أبحاث السرطان تم استخدام ذباب الفاكهة لتحديد الجينات والمسارات المرتبطة بالسرطان، مما يوفر نماذج لفهم نمو الورم وانتشاره.
خامسا: الأمراض التنكسية العصبية ساهمت الدراسات التي أجريت على ذباب الفاكهة في فهم أمراض مثل مرض ألزهايمر، ومرض باركنسون، ومرض هنتنغتون من خلال نمذجة الجوانب الجينية والجزيئية لهذه الحالات.
ذبابة الفاكهة قدمت خدمات جليلة للبحث العلمي
ومؤخرا أضافت ذبابة الفاكهة فهما جديدا لأمراض القلب خلال الدراسة التي أجراها باحثون من معهد "سانفورد بورنهام بريبيس للاكتشافات الطبية" في أمريكا، ونشرت قبل أيام في دورية "سيل ريبورتيز ".
واكتشف الباحثون خلال التجارب التي أجريت على الذبابة دورا جديدا لبروتين يسمى (CRTC) في الحفاظ على بنية القلب ووظيفته.
وفي حين أن هذا البروتين معروف بأدواره في الدماغ والكبد، كشفت هذه الدراسة عن أن فرط نشاطه في القلب يؤدي إلى تضخم عضلة القلب.
ذبابة الفاكهة قدمت خدمات جليلة للبحث العلمي
وفيما يلي أبرز نتائج الدراسة: أولا: النتائج التجريبية وجد الباحثون أن الذباب الذي لا يحتوي على البروتين كان لديه عضلات قلب أرق، ووظيفة متضائلة، وزيادة في التليف، مما يؤكد الدور الحاسم للبروتين في القلب، ولكن من ناحية أخرى أدى الإفراط في التعبير عن البروتين إلى زيادة العضلات في القلب، مما يسبب تضخما وانخفاضا في الوظيفة.
ثانيا: اكتشاف الجينات وجدت الدراسة أن جين "Thinman" في ذباب الفاكهة، والمعادل لجين "ساركالومينين البشري"، يتم تنظيمه بواسطة البروتين "CRTC".
ثالثا: الآثار المترتبة تفتح النتائج إمكانية استهداف البروتين "CRTC" و الجين "Thinman" بأدوية جديدة لعلاج أمراض القلب.
الحقيقة الدولية – وكالات