خمس
سنوات عجاف
تهاني روحي
@tahanyhelmy1
القلعة نيوز:
بهذا العنوان جاء تقرير الشبكة العربية للمجتمع المدني
النسوي، والذي يعكس ما بين إنجازات محدودة وتحديات مستمرة تعوق التقدم في تحقيق
المساواة بين الجنسين في المنطقة العربية، وفقًا لمنهاج عمل بيجين 30+ . فالتقرير
أبرز التراجع والنكسات التي تشهدها العديد من البلدان العربية، حيث كانت السنوات
الخمس الماضية من بين الأصعب على النساء، اللواتي كنّ من أكثر الفئات تهميشًا
وإقصاءً في مجالات العمل، الاقتصاد، السياسة، وصنع القرار. كما أنهن كنّ الأكثر
تأثرًا بالفقر، النزوح، والحروب والنزاعات.
ورغم ما قامت به بعض الدول العربية من خطوات تعبر عن
الالتزام بقضايا المرأة، مثل إجراء تعديلات قانونية، وضع خطط وطنية، وتنفيذ
استراتيجيات وبرامج، إلا أن الذكرى الثلاثين لإعلان بيجين تكشف واقعًا مؤلمًا. لا
يمكن رصد أثر حقيقي لهذه الجهود على أرض الواقع؛ بل على العكس، هناك تراجع في كل
المجالات، مما يجعل الحديث عن تقدم محرز أمرًا بعيدًا عن الواقع. هذا ما أكده
المشاركون في مؤتمر إطلاق التقرير الإقليمي الموازي لتقييم التقدم المحرز في إطار
بيجين 30+.
وأجمع المشاركون وهم من عدة بلدان عربية بأن الأوضاع
لم تتحسن في الدول العربية الفقيرة ان جاز التعبير، وحتى في الدول الغنية أو
المتوسطة مقارنةً بما كانت عليه قبل خمس سنوات. فقد ساهم عدم الاستقرار السياسي،
تعثر التحول الديمقراطي، الأزمات الاقتصادية، وتفاقم الديون في زيادة معدلات عدم
المساواة أفقيًا وعموديًا. ولا يزال عدم المساواة بين الجنسين هو السائد دون استثناء.
قد يرى البعض أن الحديث عن المساواة بين الجنسين في ظل
الأزمات الراهنة يعتبر نوعًا من الترف. لكن إذا أدركنا أن معظم هذه الأزمات سببها
الحروب – التي تُعد "أشد المصائب في عالم الإنسان اليوم" – يصبح من
الواضح أن معالجة أعراض النزاعات دون التطرق إلى جذورها الأساسية أمر غير كافٍ.
فالإنفاق على الأمن والتسليح في المنطقة تجاوز الإنفاق على التعليم والصحة، وكان
المتضرر الأكبر في ذلك المرأة. ومع انتشار الفقر، الذي يأخذ طابعًا ريفيًا مع وجود
جيوب حضرية، فإن التغيير يتطلب جهدًا مستدامًا وتضحيات جادة.
وقد حذرت العديد من الناشطات العربيات مرارًا من
الارتفاع المقلق في معدلات الاعتداءات الجنسية ضد النساء والأطفال في مناطق
النزاعات والحروب بـ14 دولة عربية، مع غياب شبه تام للحماية والدعم. في الوقت
نفسه، لا يمكن إغفال الحاجة إلى تغيير القوالب النمطية التي رُسمت للمرأة داخل
المجتمعات. فالرجل – باعتباره شريكًا، ابنًا، زوجًا، أبًا، وأخًا – يشكل الجناح
الآخر للطائر الذي لا يمكنه التحليق دون توازن الجناحين لتحقيق رفعة وتقدم المجتمع.
لا بد من الإقرار بأن تغييرات عميقة ستحدث عندما تتحرك
النساء لشغل مواقعهن في هيئات صنع القرار بمختلف المجالات. وليس من الضروري أن
يكون هذا التحرك انتزاعيًا أو صداميًا، بل إن تقدم المجتمعات يعتمد على المشاركة
الكاملة والمتساوية للنساء في جميع ميادين الحياة. وفي
نهاية المطاف، فإن إعادة هيكلة المجتمع على أسس الوحدة، الاتحاد، والعدالة تُعد
ضرورة لتحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين، وبناء مستقبل أكثر إنصافًا للجميع.