شريط الأخبار
في ذمة الله الطيار المقاتل الأردني الذي أسقط طائرة اسرائيلية ناشط إيطالي يؤدي أول صلاة في حياته متأثرا بالأذان في "أسطول الصمود" 118 مليون دينار حجم التبادل التجاري بين الأردن وقطر بوتين يكافئ اللاعبتين الروستين الوحيدتين اللتين صعدتا إلى منصة التتويج في أولمبياد 2024 طقس مناسب للرحلات خلال إجازة نهاية الأسبوع واشنطن وراء “أفظع الجرائم” وأوروبا ملت الأكاذيب.. والخليج: “فرصة ترامب الأخيرة” الجنسيات الأجنبية ترفع استثماراتها في بورصة عمان.. والهند تتصدر القائمة قطيشات يهنئ احمد الخرابشه بمناسبة زفاف نجله موناكو يواجه موقفا طريفا قبل دوري الأبطال الشرع: واشنطن لا تضغط على دمشق للتوصل إلى اتفاق مع إسرائيل ولي العهد يعقد لقاءات مع أعضاء من الكونغرس الأمريكي في واشنطن ترحيب عربي ودولي واسع بخارطة الطريق الأردنية السورية الأميركية بشأن السويداء الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على إسرائيل السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك سفيرة الأردن في المغرب تستقبل نائبة رئيس مجلس جهة فاس / مكناس خديجة حجوبي الأردن يشارك في الاجتماع التنسيقي العربي للقمة العربية الروسية الأردن يدين فتح سفارة لجمهورية فيجي في القدس 3 شهداء في غارة لمسيّرة إسرائيلية على البقاع اللبناني البابا: أعرب عن قربي من الشعب الفلسطيني في غزة الأردن وقطر: شراكة متجددة بإرادة سياسية ورؤية اقتصادية مشتركة

الأمير الحسن يكتب: التضامن الإنساني وميلاد فجر جديد

الأمير الحسن يكتب: التضامن الإنساني وميلاد فجر جديد
الامير الحسن بن طلال
نستقبل العام الجديد ونحن نرجو أن يكون عام خيرٍ ننعم فيه بالطمأنينة والسلام، خاصة وأننا نعيش فى عالم يزداد قساوة واستقطابا للكراهية فى ظل صدامات وحروب وأزمات وكوارث طبيعية أدت لاتساع الهوّة بين الاحتياجات الإنسانية والموارد المتوفرة، الأمر الذى يؤكد الحاجة الملحة للنظر فى كيفية الاستجابة المُثلى لهذه الاحتياجات.

يخبرنا القرآن الكريم أن عمل الخير هو السبيل إلى الحياة الطيبة: «مَنْ عَمِلَ صَالِحا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاة طَيِّبَة»، التى هى مطمح كل إنسان مؤمن. والرجاء يمد الإنسان بالقوة لمواجهة الأزمات، ولا تقتصر أهمية الرجاء على كونه عقيدة دينية، وإنما أيضا ضرورة حياتية تجعلنا نثبت ونصبر.

نشهد اليوم تراجعا واضحا لقيم العدل والرحمة فى مجتمعاتنا المعاصرة فى عالم يسود فيه «حق القوة» بدلا من «قوة الحق»، حيث تمارس بعض الدول القوية الظلم والاحتلال وتستعلى على القانون وتفلت من العقاب، فى حين يملى المانحون شروطهم على دول العالم الفقير التى ترزح تحت نير الديون والحاجة.

من الأسئلة الملحة التى تبرز أمامنا اليوم: كيف يمكن الحديث عن التضامن الإنسانى فى عالم اختلت فيه القيم وامتهنت كرامة الإنسان، ومجِّد المعتدى وعوقِب المظلوم؟

نحن بحاجة اليوم إلى تغيير أخلاقى وثقافي، وإعادة النظر فى مفاهيم العدالة والحق والحرية والإنسانية جملة وتفصيلا، إذ لم يعد العمل الخيرى وحده كافيا لإحداث التغيير المطلوب، فالتضامن الشعورى وحده لا يكفى للتخفيف من مصاب الهشين والمهمشين، بل يجب تمكينهم اجتماعيا وعلميا وصحيا ونفسيا وإقامة المؤسسات الفاعلة التى تنهض بهذا الدور، لتحقيق التكافل والتعاون الإسلامى والإنساني.

يقوم التضامن الإنساني، الذى ننشده، على احترام كرامة الإنسان والتعددية والتنوع بدلا من الاستقطاب والكراهية، لتصبح الكرامة الإنسانية مرشدا للسياسات واحترام هوية الآخر، وتبرز أهمية التكامل والتكافل بين مجتمعاتنا العربية والإسلامية لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة التى ستحدث بدورها التغييرات الثقافية والهيكلية اللازمة لتجاوز الأزمات.

علينا التفكر فى القضايا الحيوية العالمية واعتماد المبادئ الإنسانية للوصول إلى نظام إنسانى عالمى جديد يحفظ الكرامة الإنسانية ويعزز التضامن والتواصل بين بنى البشر لمواجهة التحديات والأخطار التى تهدد البشرية ومستقبلها.

يبدأ التغيير من تبنى الكرامة الإنسانية بوصفها قيمة تربوية وإطارا توجيهيا للسياسات، وأداة للعمل المشترك من أجل زيادة الوعى وتعزيز القيم الأساسية التى تشكِّل جوهر إنسانيتنا، كالرحمة والتعاطف والاحترام والتشاركية، وهذا ما يدعونا اليوم إلى المشاركة فى كل أشكال التعاون الإنسانى الذى ينتصر للمصالح الإنسانية الجامعة، وفى الدعوة إلى الحفاظ على البيئة وإيجاد الحلول لمشكلاتها وتحمل الأفراد والمجتمعات مسئوليتهم تجاهها.

إن تقدم الحضارة البشرية بمعناه الشامل يتطلب بناء أربع علاقات أساسية: علاقة الإنسان مع نفسه، ومع أخيه الإنسان، ومع الطبيعة، ومع الخالق عزَّ وجل؛ وأساس هذه العلاقات الراسخ هو: «الأخلاق والإيمان والعلم والعمل». من الضرورى العمل على تثبيت الإنسان فى أرضه عبر إعادة المهجرين والمقتلعين، وتعزيز الاستثمار المجتمعى فى خدمة الاستقرار، والتحديث الاقتصادى بما يضمن التوزيع العادل للثروات، وهنا أجدد الدعوة التى أطلقتها منذ عقود إلى إنشاء مؤسسة يمكن من خلالها القيام بمشاريع مشتركة، والقيام بأعمال الإغاثة فى حال حدوث الكوارث، ورفد خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بما يساعد فى جهود القضاء على الفقر وعلى مختلف أشكال الحرمان فى العالم أجمع عبر الوصول إلى تحقيق «الخيرية الفعالة» التى لا تستثنى أحدا، تعزيزا للأخوة الإنسانية والروح الجماعية وتقوية النسيج الاجتماعي. لقد آن الأوان للحديث عن استقرار شعوب الإقليم وضرورة تبنى رؤية جديدة قائمة على التكامل وتحقيق التناغم بين الإنسان وبيئته، ومراجعة أولوياتنا على جميع المستويات الفردية والمجتمعية وصولا إلى الدولة والأمة، وتعزيز الحرية المسئولة كأداة للتغيير الإيجابى الذى يقرِّب بين الناس ويرفع الوعى وينشر المعرفة لنصل إلى المواطنة الحاضنة للتنوع، وإرساء الحوكمة الرشيدة نهجا لتنمية المجتمعات.

وهنا تبرز أهمية أنسنة الأرقام والأخذ بالأسباب والتخطيط على أساس رؤية واضحة من أجل التخفيف من معاناة الفئات المستضعفة، وتفعيل القانون الدولى الإنسانى ليصبح قانونا نافذا للسلم الداخلى والخارجى له آثاره الملموسة فى عالمنا. فتفعيل القانون الدولى الإنساني، كفيل بإحلال التّضامن والعدل محل الاستغلال والظلم، كما أنه سيؤدى إلى تخفيض التمويل الضخم للصناعات العسكرية التى تزدهر باشتعال الحروب واستمرارها.

لاتزال مجتمعاتنا المشرقية هدفا لمشاريع التقسيم الخارجية، التى تسعى إلى تفتيتها على أساس عرقى أو طائفى أو ديني، وتحويل تنوعها الخلاق إلى بؤر توتر ونزاع ليسهل التحكّم بها وإلحاقها سياسيا واقتصاديا، وهذا كله يفرض علينا التصدى لهذه المشاريع، من خلال مد المزيد من الجسور بين أعمدة الأمة الأربعة من عرب وفرس وترك وكرد، وإطلاق منصات معرفية لتعزيز التكامل والتفاعل والتواصل والمشاركة الإيجابية، والفهم المشترك، وترسيخ قيم التسامح.

ختاما: إن السلام الذى نطمح إليه يبدأ من إصلاح النفس والبحث عن معانى الخير «الجوانية» التى فطرنا الله عليها، لنبدأ بعدها مسيرة تغيير مفاهيمنا الخاطئة التى تسوغ ضعفنا وتراجعنا وانقسامنا.

الأهرام