شريط الأخبار
روسيا والأردن تلغيان متطلبات تأشيرة السفر بينهما اعتبارا من 13 ديسمبر المقبل وزير الخارجية التركي: اجتماع وزاري مرتقب الاثنين لبحث وقف إطلاق النار في غزة السفير القضاة يستقبل نقيب وأعضاء مجلس نقابة المقاولين الأردنيين في دمشق الاحتلال يبدأ عملياته خلف "الخط الأصفر" بغزة بعد انتهاء "مهلة أميركية" لحماس لا زيادة على رواتب الموظفين والمتقاعدين في موازنة 2026 باستثناء الطبيعية عون: الجيش اللبناني سيرفع قواته في الجنوب إلى 10 آلاف جندي قبل نهاية العام وزير الخارجية يشارك اليوم بحوار المنامة عاجل: وزارة الثقافة عام من العمل الميداني والإنجاز المتواصل " تقرير حكومي يكشف التفاصيل " شهيد وجريح في غارة إسرائيلية جنوب لبنان استشهاد فلسطيني وإصابة شقيقه برصاص الاحتلال شرقي غزة روسيا: مستعدون لاستئناف مفاوضات إسطنبول مع أوكرانيا الذهب يحافظ على مكاسبه ويرتفع للشهر الثالث على التوالي الأواني الفخارية القديمة ذاكرة البيوت العجلونية قمة قادة أبيك تنطلق في كوريا الجنوبية بشأن التجارة العالمية النفط يتجه لانخفاض للشهر الثالث مع وفرة المعروض أجواء معتدلة اليوم وغدا بوجه عام نائب ترامب: ترسانة أميركا النووية بحاجة للاختبار لضمان الكفاءة الأمم المتحدة: المساعدات إلى غزة منذ وقف النار مجرد قطرة في محيط الملك تشارلز يجرد شقيقه آندرو من ألقابه ومن منزله مصدر حكومي : إرسال مشروع قانون الموازنة العامة للنواب الشهر المقبل

الأمير الحسن يكتب: التضامن الإنساني وميلاد فجر جديد

الأمير الحسن يكتب: التضامن الإنساني وميلاد فجر جديد
الامير الحسن بن طلال
نستقبل العام الجديد ونحن نرجو أن يكون عام خيرٍ ننعم فيه بالطمأنينة والسلام، خاصة وأننا نعيش فى عالم يزداد قساوة واستقطابا للكراهية فى ظل صدامات وحروب وأزمات وكوارث طبيعية أدت لاتساع الهوّة بين الاحتياجات الإنسانية والموارد المتوفرة، الأمر الذى يؤكد الحاجة الملحة للنظر فى كيفية الاستجابة المُثلى لهذه الاحتياجات.

يخبرنا القرآن الكريم أن عمل الخير هو السبيل إلى الحياة الطيبة: «مَنْ عَمِلَ صَالِحا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاة طَيِّبَة»، التى هى مطمح كل إنسان مؤمن. والرجاء يمد الإنسان بالقوة لمواجهة الأزمات، ولا تقتصر أهمية الرجاء على كونه عقيدة دينية، وإنما أيضا ضرورة حياتية تجعلنا نثبت ونصبر.

نشهد اليوم تراجعا واضحا لقيم العدل والرحمة فى مجتمعاتنا المعاصرة فى عالم يسود فيه «حق القوة» بدلا من «قوة الحق»، حيث تمارس بعض الدول القوية الظلم والاحتلال وتستعلى على القانون وتفلت من العقاب، فى حين يملى المانحون شروطهم على دول العالم الفقير التى ترزح تحت نير الديون والحاجة.

من الأسئلة الملحة التى تبرز أمامنا اليوم: كيف يمكن الحديث عن التضامن الإنسانى فى عالم اختلت فيه القيم وامتهنت كرامة الإنسان، ومجِّد المعتدى وعوقِب المظلوم؟

نحن بحاجة اليوم إلى تغيير أخلاقى وثقافي، وإعادة النظر فى مفاهيم العدالة والحق والحرية والإنسانية جملة وتفصيلا، إذ لم يعد العمل الخيرى وحده كافيا لإحداث التغيير المطلوب، فالتضامن الشعورى وحده لا يكفى للتخفيف من مصاب الهشين والمهمشين، بل يجب تمكينهم اجتماعيا وعلميا وصحيا ونفسيا وإقامة المؤسسات الفاعلة التى تنهض بهذا الدور، لتحقيق التكافل والتعاون الإسلامى والإنساني.

يقوم التضامن الإنساني، الذى ننشده، على احترام كرامة الإنسان والتعددية والتنوع بدلا من الاستقطاب والكراهية، لتصبح الكرامة الإنسانية مرشدا للسياسات واحترام هوية الآخر، وتبرز أهمية التكامل والتكافل بين مجتمعاتنا العربية والإسلامية لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة التى ستحدث بدورها التغييرات الثقافية والهيكلية اللازمة لتجاوز الأزمات.

علينا التفكر فى القضايا الحيوية العالمية واعتماد المبادئ الإنسانية للوصول إلى نظام إنسانى عالمى جديد يحفظ الكرامة الإنسانية ويعزز التضامن والتواصل بين بنى البشر لمواجهة التحديات والأخطار التى تهدد البشرية ومستقبلها.

يبدأ التغيير من تبنى الكرامة الإنسانية بوصفها قيمة تربوية وإطارا توجيهيا للسياسات، وأداة للعمل المشترك من أجل زيادة الوعى وتعزيز القيم الأساسية التى تشكِّل جوهر إنسانيتنا، كالرحمة والتعاطف والاحترام والتشاركية، وهذا ما يدعونا اليوم إلى المشاركة فى كل أشكال التعاون الإنسانى الذى ينتصر للمصالح الإنسانية الجامعة، وفى الدعوة إلى الحفاظ على البيئة وإيجاد الحلول لمشكلاتها وتحمل الأفراد والمجتمعات مسئوليتهم تجاهها.

إن تقدم الحضارة البشرية بمعناه الشامل يتطلب بناء أربع علاقات أساسية: علاقة الإنسان مع نفسه، ومع أخيه الإنسان، ومع الطبيعة، ومع الخالق عزَّ وجل؛ وأساس هذه العلاقات الراسخ هو: «الأخلاق والإيمان والعلم والعمل». من الضرورى العمل على تثبيت الإنسان فى أرضه عبر إعادة المهجرين والمقتلعين، وتعزيز الاستثمار المجتمعى فى خدمة الاستقرار، والتحديث الاقتصادى بما يضمن التوزيع العادل للثروات، وهنا أجدد الدعوة التى أطلقتها منذ عقود إلى إنشاء مؤسسة يمكن من خلالها القيام بمشاريع مشتركة، والقيام بأعمال الإغاثة فى حال حدوث الكوارث، ورفد خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بما يساعد فى جهود القضاء على الفقر وعلى مختلف أشكال الحرمان فى العالم أجمع عبر الوصول إلى تحقيق «الخيرية الفعالة» التى لا تستثنى أحدا، تعزيزا للأخوة الإنسانية والروح الجماعية وتقوية النسيج الاجتماعي. لقد آن الأوان للحديث عن استقرار شعوب الإقليم وضرورة تبنى رؤية جديدة قائمة على التكامل وتحقيق التناغم بين الإنسان وبيئته، ومراجعة أولوياتنا على جميع المستويات الفردية والمجتمعية وصولا إلى الدولة والأمة، وتعزيز الحرية المسئولة كأداة للتغيير الإيجابى الذى يقرِّب بين الناس ويرفع الوعى وينشر المعرفة لنصل إلى المواطنة الحاضنة للتنوع، وإرساء الحوكمة الرشيدة نهجا لتنمية المجتمعات.

وهنا تبرز أهمية أنسنة الأرقام والأخذ بالأسباب والتخطيط على أساس رؤية واضحة من أجل التخفيف من معاناة الفئات المستضعفة، وتفعيل القانون الدولى الإنسانى ليصبح قانونا نافذا للسلم الداخلى والخارجى له آثاره الملموسة فى عالمنا. فتفعيل القانون الدولى الإنساني، كفيل بإحلال التّضامن والعدل محل الاستغلال والظلم، كما أنه سيؤدى إلى تخفيض التمويل الضخم للصناعات العسكرية التى تزدهر باشتعال الحروب واستمرارها.

لاتزال مجتمعاتنا المشرقية هدفا لمشاريع التقسيم الخارجية، التى تسعى إلى تفتيتها على أساس عرقى أو طائفى أو ديني، وتحويل تنوعها الخلاق إلى بؤر توتر ونزاع ليسهل التحكّم بها وإلحاقها سياسيا واقتصاديا، وهذا كله يفرض علينا التصدى لهذه المشاريع، من خلال مد المزيد من الجسور بين أعمدة الأمة الأربعة من عرب وفرس وترك وكرد، وإطلاق منصات معرفية لتعزيز التكامل والتفاعل والتواصل والمشاركة الإيجابية، والفهم المشترك، وترسيخ قيم التسامح.

ختاما: إن السلام الذى نطمح إليه يبدأ من إصلاح النفس والبحث عن معانى الخير «الجوانية» التى فطرنا الله عليها، لنبدأ بعدها مسيرة تغيير مفاهيمنا الخاطئة التى تسوغ ضعفنا وتراجعنا وانقسامنا.

الأهرام