
حديث عداوة ...
﴿بَعْضُكم لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾
القلعة نيوز -
فسرها الشعراوي "هذه العداوة ضرورة لبقاء الصراع الذي يولّد الإرادة والاختيار، فلو لم يكن هناك عدوّ، لبطلت حرية الإنسان، ولما ظهرت إرادته في الاختيار بين الخير والشر."
وقال سيد "إنها الحقيقة الكبرى بعد الخروج من الجنة: العداوة المستمرة بين آدم وذريته من جهة، وإبليس وذريته من جهة أخرى. والإنسان لا ينتصر في هذه العداوة إلا باتباع هدى الله." بينما يرى القرطبي أنها عداوة عامة، ويرى الطبري انها باقية إلى يوم القيامة. ويرى ابن عاشور بأنها اصل عظيم في التربية العامة ولأجله كان قادة الأمم يذكرون لهم سوابق العداوات والمنافسين ومن غلب ومن أخذ بالثأر.
ثلاثة ادم وحواء والشيطان، ومن اعتمد أقوال اهل الكتاب اضاف لهم الحية، وبين من رأى ان العداوة هي بين الأجناس او في الجنس نفسه ومتعدية إلى غيره، وبين ان تكون سنة حياة او مطلبا اساسيا لبقاء الصراع، الذي يوجد تلك الإرادة التي تحدد الإتجاه الذي يسير عليه الإنسان، وإلا لما ظهرت حقيقته وإرادته، وهنا لا بد من البحث عن طريقة لاقامة الحجة الفصل عليه، اذا هو مقصد بحد ذاته هذه العداوة، وإلا كما شاءت إرادة الله بقيام العداوة بين الثلاثة، كان يقدر على غير ذلك.
لكن لماذا ؟ نعم تحمل آيات الكتاب دلالات متفرقة على أن النزول إلى الأرض هو هدف بحد ذاته، والابتلاء هو هدف بحد ذاته، فالوجود على هذه الأرض محنة بحد ذاته، محنة التفكير والإيمان والعمل والإختيار والبحث عن الحقيقة، والبعض يختار الجانب الصحيح، ولكنه يخطىء في الفعل والإنضباط، والبعض يختار الجانب الخاطىء، والبعض يجعلها منحة بإيمانه وسعيه للخير والأخلاق والعمل الصالح، وحب الخير للغير .
ايات الكتاب تحمل خبر ما كان وخبر ما هو كائن وخبر ما سيكون إلى يوم القيامة ثم إن علينا بيانه، يذهب البعض إلى أن تفسير هذه الآية يسير مع الأحداث حتى يصل إلى قمة الأحداث كلها في مشهد عظيم هو يوم القيامة، ثم يكون هناك البيان لما كان والسبب في كينونته وحدوثه، وهل هو قدر مقصود لذاته، ليخلق الأحداث التي تضع الإنسان في كل مكان وفي كل مرحلة وفي اي زمان في حالة اختبار.
وهنا استذكر نصا ساقه الباحث وضاح خنفر في كتابه الربيع الأول ،وتشير المصادر إلى أن بني قريظة ترددوا في الانضمام إلى التحالف الثلاثي في غزوة الأحزاب في العام الخامس للهجرة، وخافوا من عاقبة نقضهم للعقد مع المسلمين، غير أن حيي بن أخطب زعيم بني النضير،ألح على زعيم بني قريظة كعب بن أسد، ومناه بقرب زوال المسلمين، فما زال يكلمه حتى فتح له بابه فقال إني قد جئتك يا كعب بعز الدهر وببحر طام، جئتك بقريش مع قادتها وسادتها، حتى أنزلتهم بمجمع الأسيال من رُومَة، وبغطفان على قادتها وسادتها، حتى أنزلتهم بذَنَب نَقْمَي إلى جانب أحد، قد عاهدوني وعاقدوني ألا يبرحوا حتى نستأصل محمداً ومن معه .. فقال له جئتني والله بذُلِّ الدهر، وبجَهَام قد هَرَاق ماؤه ، فهو يرْعِد ويبرق، ليس فيه شيء؛ ويحك با حيي فدعني وما أنا عليه فإني لم أرَ من محمد إلا صدقاً ووفاء (۳).
فوالله كأن شيطان الجن وشيطان النفس وشياطين الإنس تجتمع أحيانا حتى تحاول ان تحرفك عن الحق، وانت تعلم كما يعلم كعب بن اسد انه الحق، فتتبعهم فتقع في ذل الدنيا والأخرة، وتخسر في الإمتحان.
حديث عداوة ...
إبراهيم ابوحويله ...