
القلعة نيوز:
يشهد نبع العوجا، أحد أهم مصادر المياه في منطقة الأغوار الفلسطينية، جفافا مبكرا هذا العام، في أزمة مزدوجة تجمع بين التغيرات المناخية والتعديات الإسرائيلية على الموارد المائية، ما تسبب في حرمان آلاف السكان من المياه، وتهديد حياة المزارعين والرعاة على حد سواء.
ووجد سكان التجمعات الرعوية والزراعية في محيط النبع، أنفسهم أمام وضع معيشي هو الأصعب منذ سنوات، مع دخول الصيف وجفاف المصدر الرئيسي لمياه الشرب والزراعة وتربية المواشي.
المواطن فرحان غوانمة، من سكان تجمع شلال العوجا، يقول :" ان النبع منذ عقود شكل شريان الحياة لتلك التجمعات، وان الجفاف الحالي لا يعود فقط إلى ضعف الموسم المطري، بل إلى الضخ الجائر للمياه من قبل الاحتلال، واعتداءات المستوطنين المستمرة التي تشمل ملاحقة الرعاة وتخريب خطوط المياه والاستيلاء على مصادر المياه السطحية.
وتشير بيانات جهاز الإحصاء الفلسطيني وسلطة المياه، إلى تفاوت حاد في حصة الفرد من المياه بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إذ يبلغ معدل استهلاك الفرد الفلسطيني نحو 85.7 لتر يوميا، بينما يصل لدى الإسرائيليين إلى نحو 300 لتر، ويتجاوز لدى المستوطنين 7 أضعاف استهلاك الفلسطيني.
مدير زراعة أريحا والأغوار أشرف بركات، أوضح أن منسوب نبع العوجا يشهد تراجعا مستمرا منذ 7 سنوات، نتيجة ضخ الاحتلال لمياه جوفية لصالح المستوطنات، مضيفا أن جفاف النبع المعتاد في ذروة الصيف بات يحدث اليوم في نيسان وأيار، ما ينذر بخطر داهم على التجمعات البدوية والقطاع الزراعي.
ويؤكد خبير المياه صايل وشاحي، أن نبع العوجا يعد من الينابيع الكارستية ذات الخصوصية الجيولوجية، التي تتأثر مباشرة بكميات الأمطار.
وتشير تقديراته إلى أن تدفق النبع تراجع هذا العام إلى ما بين 200–300 متر مكعب في الساعة، مقارنة بـ1500 متر مكعب في المواسم الجيدة.
الباحث وليد أبو محسن، يشير إلى أن نبع العوجا ضمن الحوض المائي الشرقي، الذي تضخ منه أكثر من 50 مليون متر مكعب سنويا من خلال 42 بئرا إسرائيلية، تؤدي إلى استنزاف كبير للخزان الجوفي، ما يضعف فرص الفلسطينيين في الحصول على حصصهم المائية وفق اتفاقيات أوسلو.
دراسات موثقة مثل تلك التي أعدها الباحث تيسير جبارة، تؤكد أن السيطرة الإسرائيلية على الموارد المائية في الأغوار تمارس عبر منع الفلسطينيين من حفر آبار جديدة أو تعميق القائمة، مقابل منح المستوطنين صلاحيات غير محدودة لحفر آبار أعمق وبكميات ضخ ضخمة لري مستوطناتهم.
وسجلت سلطة جودة البيئة الفلسطينية في تقريرها الفصلي الأخير، عشرات الاعتداءات على مصادر المياه، شملت تدمير آبار وشبكات مياه، وضخ مياه عادمة غير معالجة إلى الأراضي الزراعية، في انتهاك واضح للاتفاقيات البيئية الدولية، وعلى رأسها اتفاقيتا "بازل" و"التنوع البيولوجي".
وتمتد منطقة الأغوار على طول 120 كم، وتشكل نحو 28 بالمئة من مساحة الضفة الغربية، ويعيش فيها أكثر من 65 ألف فلسطيني، وتبقى معركتهم مع الجفاف وتعديات الاحتلال مفتوحة، وسط غياب العدالة المائية واستمرار سياسات الاستيطان والضم.